هل هو قتال مايسمى الدولة الإسلامية؟ أم إزالة الوجود السني في العراق؟
في عام 1500م قام إسماعيل الصفوي بالتحرك العسكري للسيطرة على إيران، وتحويلها إلى دولة شيعية، وذلك بإمداد من ملوك أوربا، وخصوصا البرتغال التي قال سفيرها في الصين حينذاك عندما زار إيران، بأن إسماعيل الصفوي يرمم الكنائس، ويهدم مساجد السنة، وتم دعمه بمائة ألف مقاتل من الأرمن، وتصور الرقم الكبير في ذلك الوقت، وكان ذلك الدعم الكبير لضرب العثمانيين من الخلف، بعد أن سيطر العثمانيون على أجزاء كبيرة من أوربا.
كان قوة إسماعيل الصفوية تعتمد على
- شيعة إيران.
- الشيعة من خارج إيران، وقد تم منحهم البيوت والأراضي مجانا بعد مصادرتها من سنة إيران.
- القوات المسيحية الأرمنية، وبتمويل أوربي.
- بعض الطرق الصوفية التي كان ينتمي لها جد إسماعيل الصفوي، لأن جده صفي الدين الأردبيلي كان من وعاظ الصوفية السنة.
كانت طريقة إسماعيل في تحويل الجماهير السنية ذات الأغلبية العددية الساحقة في إيران إلى التشيع تعتمد على الأمور الآتية:
- قتل العلماء وأئمة المساجد، وقيل أنه قتل ثلاثة عشر ألف إمام مسجد في يوم واحد.
- حصار المدن السنية وتدميرها، كما فعل مع مدينة هرات عام 1510م.
- عقد تحالفات مع وعاظ الصوفية وغيرهم، واللعب على أن الشيعة مذهب خامس من مذاهب الإسلام.
- تهجير سنة إيران، وتوطين الشيعة الوافدين من خارج إيران.
- إجبار الناس على ممارسة شعائر الشيعة، ورفع راياتها على البيوت، وفي الشوارع العامة.
- اتهام كل من ينتقد الإجراءات التعسفية، أو عملية التشييع بإنه من جنود الدولة العثمانية.
لو نظرت عزيزي القارئ لأحداث العراق منذ سقوط صدام، ودخول قوات التحالف إلى اليوم لرأيت القصة نفسها تتكرر، وكأنها فلم يعاد تصويره، فبعد أن كان بالأسود والأبيض، صار بالألوان.
- قوات التحالف التي تقودها أمريكا تأتي بالشيعة على رأس السلطة، وتسمح لإيران التي كانوا يقولون أنها عدوتهم بدعم الحكومة الشيعية، بل والسيطرة عليها، مثلما فعل التحالف الذي كانت تقوده البرتغال قبل ذلك.
- إمداد الحكومة الشيعية بعشرات الآلاف من قوات التحالف الأوربية المسيحية، مثلما أمدوا إسماعيل الصفوي بمائة ألف مقاتل مسيحي.
- قتل العلماء السنة، وأئمة المساجد، تماما مثلما فعل إسماعيل الصفوي.
- حصار المدن السنية، وتدميرها، وقد فعل إسماعيل الصفوي ذلك بعد عشر سنوات من بداية ثورته، حيث دمر مدينة هرات وتبريز وغيرها عام 1510م، تماما كما حدث في العراق بعد عشر سنوات من سقوط نظام صدام.
- عقد تحالفات مع بعض قيادات السنة الدينية، تماما مثلما فعل إسماعيل الصفوي حين تحالف مع وعاظ الصوفية، من إجل شل تفكير وتجمعات السنة.
- تهجير السنة من مناطقهم، وتوطين الشيعة القادمين من الخارج، من إيران والهند والباكستان، مثلما فعل إسماعيل الصفوي تماما.
- إجبار السنة على ممارسة الشعائر الشيعية، ورفع راياتها في الشوارع، وفوق البيوت، وهي نسخة مما فعله إسماعيل الصفوي.
- اتهام كل من يقف في وجه عملية التشييع بإنه عميل للسعودية، أو قطر، أو تركيا، تماما مثلا فعل إسماعيل الصفوي.
لقد قامت المدن السنية بوجه إسماعيل الصفوي بعد عشر سنوات من بداية ثورته، فقام بعملية إبادة لتلك المدن، وسيطر من خلالها على ما يسمى خراسان الكبرى، وغيرها، وتشييعها بالكامل، بعد قتل أهلها، أو تهجيرهم، وهذا بالضبط ما حصل في العراق، فبعد عشر سنوات عجاف من البدء بعملية تشييع العراق على يد الصفويين الجدد، وبدعم من المبشرين الجدد، قامت المدن السنية بانتفاضة ضد تلك العملية، فكان لا بد من عملية كعملية إسماعيل الصفوي لتدمير تلك المدن، وتهجير أهلها، وتوطين الشيعة القادمين من الخارج مكانهم، لتكتمل عملية تغيير المذهب والمعتقد، وانظر ما يحدث في ديالى، حيث لم يسمح للنازحين السنة بالعودة إلى بيوتهم، وقتل من لا يخرج، وإرهابه، وجلب عوائل لا تدري ما أصلها لتوطينها في تلك المناطق.
إن تفخيم الدولة الإسلامية، وإبرازها بأنها قوة عظمى لا تقهر بسهولة أمر يقصد منه تبرير الدمار الذي سوف ينفذ في المناطق السنية، وغطاء لعمليات القتل والتهجير الكبرى التي سوف يقومون بها، فالدولة الإسلامية لم تستطع السيطرة على مركز مدينة الرمادي رغم استماتتها في ذلك، ولم تستطع السيطرة على سامراء رغم كل الخسائر التي قدمتها، فهي قوة ليست خارقة كما يراد لنا أن نراها، بل كل تلك الصورة المبالغ فيها جدا عن الدولة الإسلامية إنما لتكون الغطاء الذي سوف يستخدمونه لتدمير كل المدن السنية، وقتل أكثر ما يمكن قتله من أبنائها، وحينها لن يعترض أحد في العالم على حجم الدمار، أو حجم الخسائر، لأن السبب المقدم هو هزيمة الدولة الإسلامية العظمى.
أفيقوا قبل أن تبادوا، وتوحدوا قبل أن يأتي يوم يقال عن العراق: كان فيه سنة.
وسوم: العدد 626