رباعية فيينا والحل السوري

قرأت في أحد المواقع هذا الصباح ، مقالا لأحد الإخوة ، دارت بعض فقراته ،  حول العلاقة بين الحل السياسي والحل العسكري  . ينطوي المقال على إدانة مبطنة للحل العسكري ، أو كما وصفه الكاتب "  حل الشجاعة "  ، والذي  تسعى إليه بعض فصائل المعارضة المسلحة ( الشجاعة ! )  ، علماً أن مثل هذا الحل  لايمكن أن يغني عن "  الحل السياسي  " ( حسب الكاتب )  ، وهوالحل الذي تبحث عنه وتعمل على الوصول إليه رباعية فيينا ، بل  والذي تداعت من أجله  هذه الرباعية  ( أمريكا ، روسيا ، تركيا و السعودية ) في فيينا بتاريخ 23.10.2015 .

إن ما نرغب أن  نشير إليه هنا  - سواء ما  يتعلق بنوايا ودور رباعيي فيينا المذكور أعلاه في  حل الأزمة  السورية ، أو لمن ينتظر من  هذه الرباعية  حلاً  حقيقيا لصالح  ثورة آذار2011  السورية -  هو التالي  :  

1.إن أوجه الاختلاف بين أطراف هذا الرباعي  حول  الحل السياسي  الذي يسعون إليه ، هي  أكبر وأكثر من أوجه الاتفاق ، ولاسيما بين روسيا وأمريكا. إن دعم البعض الظاهري لثورة 2011 السورية ، إنما فرضه  عليهم ، الخوف من التمدد الشيعي الإيراني  المدعوم من روسيا ومن بعض الدول الأخرى  ، وبالتالي الخوف  من أن يصل هذا المد الشيعي إلى  ديارهم(أنظمتهم)، وليس رغبتهم الموضوعية في دعم الثورة  الديموقراطية السورية، والشعب السوري  المظلوم .

2. إن دوافع أطراف هذا الرباعي في سعيهم لحل الصراع / الحرب بين النظام  وأعوانه وداعميه الطائفيين   ( إيران  خاصة)   من جهة ، وبين الثورة  السورية   التي بات يظهر على مكوناتها  المدنية والعسكرية الطابع الاسلامي  ( السني ) من

جهة أخرى  ، هي دوافع مختلفة ومتباينة شكلاً ومضموناً . وإذا كان الجانب التركي

التركي لا يخيفه هذا الطابع الإسلامي  السني للثورة  ، فإن  بعض أطراف هذاالرباعي

الرباعي  قد أفصحوا عن  هذا الخوف في  تصريحاتهم العلنية ، وفي ممارساتهم العملية  ، بل إن  لافروف قال  منذ الأشهرالأولى للثورة  " على السنة ألا يحلموا أنهم سيصلون إلى سدة الحكم في سوريا " ، إنه تصريح ينم عن  غياب الأفق الديموقراطي  بل والأخلاقي لدى لافروف  الذي هو أحد أطراف رباعية فيينا التي تريد أن تجد حلاً عادلاً ومقبولاً من طرفي النزاع   الأساسيين في سورية ، فواعجبي!

    

3. ولعل ظهور حركة "داعش" بما هي مجموعة إسلامية سنية متعصبة ومتطرفة  إنما يدخل في إطارمحاربة بعض أطراف رباعية فيينا للإسلام السني المعتدل والمتسامح ، ولكن الذي يرفض أي حل للأزمة المستعصية في سوريا ، لايأتي عن غير طريق صندوق الاقتراع ومحاسبة الفاسدين والمجرمين . إننا نعرف أن وزراء خارجية لقاء فيينا الرباعي يعرفون أن  " داعش " ليست هي الإسلام ، وإن أتباعها ليسوا هم المسلمين الحقيقيين ،  ولكننا نعرف أيضاً أنهم يتخذون من هذه الداعش ذريعة لمحاربة كل من يجرؤ  أن يقول " لا " لمشاريعهم الاستعمارية  في امتصاص ثروات وخيرات بلادنا  ، وهم يتخذون منها اليوم ذريعة لإطالة  أمد  هذه الحرب في سوريا ( فالقضاء على داعش قد يحتاج إلى ثلاثة عقود حسب أوباما ) بين النظام الذي يدعمونه ( بالسر والعلانية ) والثورة اليتيمة التي بات  شعارها اليوم       " مالنا غيرك يا الله "  .        

4. يهدف التدخل الروسي في سوريا ، والمسكوت عنه أمريكياً وأوروبياً وعربيا ،  إلى إنهاك طرفي الصراع  ( النظام ، المعارضة ) بغية الزج بهما منهكين في أتون جنيف 3 والتي يطلقون عليها كذباً  جنيف1 وهناك يتم تقاسم الكعكة بين المنتصرين في  " الحرب العالمية الثالثة !!" ، أي  بين رباعية فيينا ، والذين من الممكن أن ينضاف إليهم لاحقاً على مانظن ونعتقد ( إسرائيل وإيران ومصر وربما الأردن  وبان كيمون ونبيل العربي )  ، وذلك  كيما يشاركوا  في قراءة الفاتحة  على روح المرحوم " الربيع العربي "، ويكونوا شهود زور على الحل "العادل!"الذي  يمكن أن تتوصل  إليه رباعية فيينا .

إن الحل العادل بحاجة إلى رجال عدول ،ولست متأكداً من أن وزراء خارجية  رباعية فيينا  هم من هذا الصنف من الرجال  .               

5. يعرف الكاتب أن بشار الأسد لم يعد له لامكان ولا دور لا في سوريا الحاضر ولا في سوريا المستقبل  ، ولكنه  يعرف أيضاً ، أن مشكلة الشعب السوري ليست مع بشار كشخص ، وإنما مع  البنية الطائفية لنظامه ،( أي ليس مع بنية الدولة ككل )، كما قد يخيل للبعض . إن مارشح عن مشاورات فيينا الرباعية ، لا يدفع على التفاؤل في أن نتائج لقاء فيينا الرباعي سوف تصب في طاحونة الثورة . إن الوقائع والحقائق والخرائط التي ترسمها الطائرات الروسية والأمريكية والإسرائيلية التي تعج بها السماء فوق الجغرافية السورية لا تشي سوى بأن رباعية فيينا ، ولا سيما روسيا وأمريكا في هذه الرباعية ، إنما تعملان ـ عملياً ـ  لصالح نفسيهما أولاً ، ثم لصالح غيرهما  ( أعني الشعب السوري الثائر والمظلوم)  ثانياً .

6. خارطة طريق مقترحة لحل الأزمة السورية  ، مقدمة  لرباعي فيينا :

                  

على فرض أن المعنيين  جادون  في البحث عن حل  عادل يحقن دماء السوريين الذين ساهم بعضهم

 ـ بحدود علمنا ـ  بإراقته  ، فإننا  نقترح عليهم  خارطة الطريق التالية : 

 1. تشكيل هيئة حكم كاملة الصلاحيات ( التنفيذية والتشريعية والقضائية ) ، 

2.  تنتهي مهام وصلاحيات بشار الأسد  وحكومته في سوريا  فور تشكيل هذه الهيئة  ،  

3. وقف إطلاق النار على كافة الجبهات ومن جميع الأطراف ، بمن فيهم ( داعش ) ، 

4. عودة الجيش إلى ثكناته ، وخروج كافة العناصرغير السورية المتواجدة لدى المعارضة

     والنظام من سوريا ، بعد تسليم أسلحتهم لجهة رسمية تعتمدها هيئة الحكم ،

5.عودة المنشقين ( الجيش الحر ) إلى قطعاتهم العسكرية  التي انشقوا منها ، 

6.تسليم المقاتلين المدنيين من الطرفين أسلحتهم الخفيفة والثقيلة إلى جهة رسمية تحددها

   هيئة الحكم ، ويسلم العسكريون أسلحتهم إلى قادة قطعاتهم التي سيلتحقون بها ،

7. تنسحب القوات الروسية من سوريا خلال شهرين من تأسيس هيئة الحكم ،

8. مدة المرحلة الانتقالية ...؟  ( من .......إلى .......... ) ، يتم خلالهما : 

8.1 إعادة بناء ما دمرته الحرب في المدن والقرى وبمساعدة مادية علمية وعملية من

     الأصدقاء والأشقاء، بدءاً بالمدارس والمستشفيات والمرافق العامة ، والبنية التحتية

      ولاسيما الماء والكهرباء ،   

8.2 العمل على إعادة المهجرين والنازحين والمهاجرين إلى بيوتهم وأعمالهم فوراً ،   

8.3  تشكيل لجنة مختصة لوضع دستور جديد للدولة ، ضمن مدة زمنية محددة ،

8.4 إجراء انتخابات  برلمانية ورئاسة نزيهة ، استنادا للدستور الجديد ،وبإشراف دولي ،  

9. يستبعد بشارالأسد وكل من تلطخت يداه بدما ء السوريين من الترشح في هذه الانتخابات

10. تشكل هيئة الحكم لجنة قضائية  للعدالة الانتقالية  يحال إليها كل من له علاقة بقتل

    وتهجير الشعب السوري وبتدمير المدن والقرى السورية ، وخاصة باستخدام البراميل

    المتفجرة  وأسلحة الدمار الشامل  ( الكيماوي / السيرين  )  الخ ،

 11. تنتهي المرحلة الانتقالية وبالتالي دورهيئة الحكم  بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية

       والرئاسية وتشكيل حكومة وطنية بمقتضى الدستور الجديد ، وفي إطار الفترة الإنتقالية

      المحددة لها ،  

12. يمنع على أعضاء هيئة الحكم ( رئاسة الهيئة ووزرائها )الترشح في الإنتخابات النيابية

      والرئاسية المشار إليها في ( 8.4 ) .

وسوم: 639