العلاقات الإماراتية - الإسرائيلية؛ مِثالاً للفخر !
فخر إسرائيل غالباً ما يأتي من اتجاه الدول العربيّة الشقيقة والمؤيّدة للقضية الفلسطينية، وسواء كان بالنسبة لممارساتها الاحتلالية على الأرض، أو بالنسبة حتى لأعمالها العسكرية ضد الفلسطينيين وبالذات ضد حركات المقاومة، أو بالنسبة لمساندتها في المحافل الدولية وسواء كانت بقصدٍ وبغير قصد.
فمجرّد السكوت أو التراخي من الدول العربية باتجاه ممارسات إسرائيل الاحتلالية، كالتضييق على الفلسطينيين وإقامة المستوطنات ومصادرة الأراضي وهدم المنازل العربية، كما هو حاصل منذ الماضي وإلى الآن، هو لدى إسرائيل مثيراً للفخر، والتنديد الخجول، خلال وبعد العدوانات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين، كما حدث في كل جائحة عدوانية، يُعتبر أيضاً مثاراً للفخر.
كما أن التصويت في الأمم المتحدة أو الامتناع عنه لصالح إسرائيل، مثلما قامت مصر بالتصويت إلى جانبها في الأمم المتحدة، وامتناع دول عربية أخرى، أواخر أكتوبر الماضي، في شأن حصولها على عضوية كاملة في لجنة الاستخدامات السلمية للفضاء الخارجي، يعتبر مُثيراً أيضاً للفخر الإسرائيلي.
ويأتي الفخر الأعظم، من ناحية تواجد علاقات حميمية مع بعض الدول العربية، باعتبارها قمّة الأماني الإسرائيلية، بشكلٍ لم تستطع إسرائيل التكاسل عن إبرازه والإعلان به، حتى برغم اشتراطات تلك الدول، بأن تظل تلك العلاقات، ضمن الإطارات السرّية، ودون الجهر بها، من أجل ضمان استمرارها وللحفاظ على تألّقها.
ففي كل مرة، وسواء عن طريق الجهات الرسمية الإسرائيلية، أو عن طريق وسائلها الإعلامية، أو بطريق الصدفة، نستمع إلى علاقات حميمية متلاحقة، والتي تفوق بكثير العلاقات الثنائية المتبادلة مع بعضها البعض، هذا في حال لم تكن بينها صراعات محتدمة، وكانت تلك الدول التي تُشير إليها الجهات – الإسرائيلية-، تكتفي بنفي تلك الأنباء، أو تقوم بالامتناع عن التعليق عليها.
خلال اليومين الفائتين، طالعتنا الأنباء، بأن إسرائيل خلال أسابيع قليلة، ستقوم بافتتاح ممثلية ديبلوماسية رسمية (علنية) تابعة للوكالة الأممية للطاقة المتجددة (IRENA)، في دولة الإمارات العربية، وتحديداً في إمارة أبو ظبي، وبتعيين الديبلوماسي "رامي هاتان"، ليكون رئيساً لها، وذلك في أعقاب الاتفاق، الذي تم بين مدير مكتب الخارجية الإسرائيلية "دوري غولد"، مع مدير الوكالة د/"عنان أمين"، وذلك خلال زيارته السرّية التي قام بها "غولد" للعاصمة الإماراتية، حيث شارك في مؤتمر الوكالة، الذي عقد دورته العاشرة يومي 24 و25 نوفمبر الحالي.
كانت إسرائيل قد أعربت عن غبطتها، باعتبارها ستكون الدولة الوحيدة من بين 145 دولة المنتمية لتلك المنظمة، التي سيكون لها الحق بامتلاك ممثلية (مستقلّة) تابعة للوكالة في الإمارات، خاصة وأنها جاءت بناءً على تطورات إيجابية بشأن العلاقات المتبادلة، ولاشتمالها على اشتراطات إسرائيلية سابقة، بشأن الدعم الإسرائيلي للإمارات ضد ألمانيا في منافستها على الفوز بمقر الوكالة خلال 2009، والتي تُفيد بأن لا تقوم الإمارات بعرقلة النشاطات الإسرائيلية ضمن الوكالة، بمعزل عن الواقع السياسي.
وبرغم الردود الإماراتية ضد هذه المسألة، والتي تُوحي بأن لا تغيير على العلاقات المتصلة بإسرائيل، وأن المسألة تدخل في نطاق التنسيق مع (IRENA)، كما هو الحال مع أي هيئة دولية أخرى، والتي تشارك إسرائيل في أنشطتها المختلفة، ولا علاقة للإمارات بها، باعتبار أن المنظمة هي منظمة دولية مستقلة، تعمل وفق القوانين والأنظمة والاعراف التي تحكم عملها.
إلاّ أن الأمر يتعدى ما سلف، والذي يُوحي بأن هناك علاقات حقيقية تسير بينهما على قدمٍ وساق، بدأت على مثل تلك الحجج والمبررات، وسواء في كيفية دخول الإسرائيليين إلى البلاد، أو بالنسبة إلى التبريرات العربية بشأنها، وإلاّ فلماذا تقوم الدول وخاصة إسرائيل، بالامتناع عن السماح لمناوئين لها، أو من لا تُوجد لهم علاقات معها من دخول البلاد؟ برغم ارتباطاتهم بنشاطات دولية وإنسانية.
كما أن، وبغض النظر عن التصريحات الإماراتية التي فاخرت بنجاحها في علاقاتها بإسرائيل، بما عجز عنه العرب، وكانت تلك النجاحات قد توضحت من خلال تبادل الزيارات الرسمية، وتبادل العلاقات التجارية، وغيرها من الأمور الطويلة والتي لا يُسعفنا المجال لذكرها، فإن مجرد السماح لإسرائيل بافتتاح ممثلية خاصة دائمة ومستقلة، يُثير العجب، وحتى لو اقتصر الأمر على ما تُدافع به الإمارات في هذه المسألة، فإن إسرائيل تعتبر فتح الممثلية في حدِ ذاته، اختراقاً سياسياً عميقاً، في المنطقة العربية، وخاصة الخليجية منها، باعتبارها تجيئ ضمن أهدافها الاستراتيجية، باتجاه ترويضها، ونسيانها الزمن الأول.
وسوم: العدد 644