معايير تصنيف الشعب السوري، هذا جيد وهذا رديء
يشترط بيان ( فيينا ) على الفريق الذي سيشارك في لقاء نيويورك الموعود أن يخضع ( الشعب السوري ) لامتحان جودة استباقي ، حيث سيصيرون إلى فرز السوريين إلى جيدين ورديئين أو حسب مصطلحات العصر إلى أصدقاء أو إلى أعداء محتملين وإلى إرهابيين .
أول الجور في هذا القرار الدولي أنه يستثني (الطرف الآخر) في معادلة الصراع السورية من هذا الامتحان . وهذا الاستثناء يعني فيما يعني الكثير . فهو يعني أولا أن هؤلاء الوسطاء الذين اجتمعوا في ( فيينا ) قد منحوا مرتكب جرائم الحرب ضد أبناء الشعب السوري شهادة مسبقة في البراءة من الإرهاب بل وفي حسن السيرة و السلوك .
ويعني هذا فيما يعنيه أنه من الممكن بل من المقرر أن يجلس مع الجالسين على كراسي ( المصالحة الوطنية !!) المدعاة في نيويورك تحت مظلة لافروف أو كيري بعض من الجزارين الخارجين على عجل من حيث تفقأ العيون وتقتلع الحناجر ، فيجلس على طاولة المفاوضات في النادي الدولي وقد نسي في يده حنجرة منشد للحرية مثل إبراهيم القاشوش ، أو بضعة من جسد طفل مثل حمزة الخطيب . أو لعل أحد هؤلاء يضع بين يديه على طاولة المفاوضات رأس إنسان معذب مقطوع يرسل من خلالها الرسائل لكل المستسلمين و الخاضعين ...
ليس عجيبا أن أحدا في المجتمع الدولي لا يريد أن يفحص ، ولا يريد أن يمتحن ، ولا يريد أن يتأكد . ونحن السوريين ، لا يمكن أن نعتب لا على روسي ولا على أمريكي ولا على أوربي ولا على رافضي ، العجيب والغريب أنه لم يخطر ببال أحد من مدعي تمثيلنا المشرئبين لمقاعدهم في نيويورك أن يطالب أو يشكك أو يشترط أو يتساءل ولو مجرد سؤال مع مَن من القتلة المجرمين الكذابين سنجلس ؟! هل مع وليد المعلم شاهد الزور يضع فوق رأسه صورا من حرب لبنان ويدعي أنها لثوار سوريين؟! أو مع المثقفة المؤنثة صاحبة دعوى ( أطفال قتلوهم في الساحل وحملوهم إلى الغوطة ..) ، من سيفرز هؤلاء ؟! من سيميز الخبيث منهم من الأخبث ؟! وعلى أي أساس ؟! ولماذا هذا التهاون في الدفاع عن حقوق الشعب السوري من أول الطريق ؟!.
وثاني ما في هذا الموقف الدولي الجائر والمتخاذل والمنحاز أنه يسحب المشروعية من الثورة السورية . ويهدر دماء نصف مليون إنسان ، أكدت منظمة هيومان رايت وتش بالأمس مقتل الآلاف منهم في أقبية السجون حيث لا داعش ولا نصرة ولا إرهاب ولا إرهابيين ..
إن اعتراف لافروف وكيري أن زمرة الإرهابيين هؤلاء من القتلة والمجرمين يمكن أن تكون شريكا في بناء مستقبل سورية ، يعني أن ما ضحى من أجله شهداء سورية وثوارها ، وبذلوا من أجله دماءهم كان عبثا باطلا لا معنى له . وليس غريبا على (رهط نيويورك) ، أن يعتقدوا هذا وإنما العجب كل العجب أن يقبل به بل أن يرضى به من تقدموا ، زعموا ، لتمثيل هذه الثورة والدفاع عنها ...
إن الحقيقة الواضحة التي لا يجوز لمراوغ أن يراوغ عنها أن على الأرض السورية سواد عام يشكل الأكثرية الكاثرة من أبناء سورية رفضت نظام الفساد والاستبداد وخرجت عليه وبذلت أنهارا من دم من أجل تغيير حقيقي في سورية يمنح السوريين جميعا الحق في العيش بكرامة مثل جميع البشر . وهذه الأكثرية من أبناء سورية هي صاحبة الحق في الموقف وفي الكلمة وفيما يؤول إليه أمر اليوم والغد .
إن كل ما تابعناه ونتابعه في لعبة فك وتركيب ممثلي المعارضة من أول جسم تمثيلي تمثل في محاولة إقصاء هؤلاء ، وعزلهم ، والتشكيك فيهم ، وتجرميهم مع أنهم المتضررون الأوائل من نظام الأقلية العنصري والحاملون الأوائل لعبء هذه الثورة ، والمضحون الأوائل في سبيلها.
نؤمن بضرورة فرز القوى، جميع القوى على الأرض السورية , وبأهمية هذا الفرز . ونشدد على ضرورة أن يكون هذا الفرز على معايير قيمية أخلاقية وسياسية وليس على أساس ( هوياتي ) ديني أو ثقافي أو سياسي.
ويجب أن يطال هذا الفرز كل دوائر الجريمة الإرهابية فاعلا أو منفعلا . الإرهابي أو المجرم الأولى بالنبذ وبالإقصاء ، هو الإرهابي الفاعل أو السابق أو المتسبب في قتل عدد من الناس أكثر ، الذي أسقط الشرعية والمشروعية ثم وسجن وعذب وشرد ...
هذه هي معايير الفرز الحقيقي الذي كان مطلوبا من السوريين الذين تسابقوا إلى مقاعد تمثيل الشعب السوري أن يجهروا بها ، وأن يتوقفوا عندها وأن يفرضوها جزء من الأجندة العامة على الساحة السورية ..
وكم أضاع المحامون الفاشلون من قضايا عادلة ...
وسوم: العدد 647