سايكس موسكو واشنطن
واحدة من نقائض الأمم المتحدة إنها أصبحت منظمة لتقسيم وحدة الدول ، ونجزئة الكيانات الوطنية إلى دويلات ، هذا بالضبط ماتوصل إليه أو روج له مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستافان دي ميستورا فقد عرض المندوب الاممي على طاولة مفاوضات حل الأزمة السورية، تطبيق "النظام الفدرالى"، وتغيير شكل نظام الحكم فى المستقبل، بهذا المنطق تتحول سوريا على لائحة الامم المتحدة إلى محض مسألة هامشية كما لو كانت مجرد وجبة طعام سريعة يمكن قضمها بالشوكة والسكين ، وبهذا يكون مشروع تفتيت الوطن العربي أو سايكس بيكو في نسخته الأممية الجديدة ، هو أحد أركان القرن الحادي والعشرين ، يعود إلى طاولة المفاوضات ، وتكون المنظمة الدولية هي لاغيرها من يروج طريقة الذبح على الطريقة الرباعية (الأمريكية الصهيونية الروسية الإيرانية ) ، لم يعد الامر يتعلق بميثاق الامم المتحدة ولا بحيادها المفترض ، قدر تعلقه بحاضر ومستقبل شعب بلاد الشام ، والامر الخفي في فيدرالية ستافان دي ميستورا محاولة تمرير مؤامرة تقسيم عرقي / طائفي يبعثر وحدة سورية شعبا وأرضا ويجعلها بددا ، بتشكيل كيانات هجينة في قلب سورية العربية ؛ تكون في أول الأمر وخاتمته حليفا للعدو الصهيوني ـ وبالرغم من موقف المعارضة الوطنية في رفض الفيدرالية رفضا قاطعا وأنها جزء من عملية تطويق الحراك الشعبي المقاوم ، فإنها لقيت قبولا من بعض مؤيدي النظام ومن سوريين من قوميات أخرى ومن بينهم (الأكراد) الذين يعتبرون الحكم الذاتي يمثل "أرقى أشكال الدولة فى سورية"، وفق الوثيقة التأسيسية للمجلس الوطنى الكردي وعلى غرار تموذج كردسنان العراقية أقام حزب الاتحاد الديمقراطى الكردي السوري إدارة ذاتية لمناطق تقع تحت سيطرته فى شمال سورية، وانتخب برلمانا، وعين وزراء، كما أسس ميليشيات عسكرية ذات غالبية كردية؛ لحماية منطقة إدارته الذاتية، وأشرك فى هذه الإدارة بعض الأحزاب والقوى غير الكردية. فيما يخشى السوريون أن يكون طرح المبعوث الأممى هو ترويج لفكرة الدولة الاتحادية الفيدرالية لسوريا المستقبلية وبداية تقسيم عملى لسورية، خاصة مع تضاؤل فرص الانسجام بين مكونات الشعب السورى؛ نتيجة حجم العنف الذى ولّدته الحرب الأهلية.
ثمة إشارة أطلقتها روسيا على شكل مبادرة وضعت تحت عنوان (إيقاف إطلاق النار) ثم تحولت الفكرة خلال اقل من 24 ساعة إلى مقترح (هدنة) بين فصائل الثورة وجبهة الحرب الوحشية، مغزى مبادرة موسكو أنها تضع الخطوات التمهيدية لعملية تقطيع أوصال سورية التي ستجد تأييدا من الولايات المتحدة ، بذريعة الخروج من المأزق السوري ، ولكن بخريطة (سايكس موسكو واشنطن) وهو ماعهد به إلى ممثل روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة فيتالي تشوركين الذي يحاول أن يناقش المقترح مع الولايات المتحدة بغية التوصل إلى هدنة في سوريا. وكان تشوركين أعلن في وقت سابق أن روسيا ستقدم الخميس 11 فبراير/ شباط مقترحات لدفع المحادثات بشأن سورية. والمعروف أن موسكو قدمت مقترحا لوقف إطلاق النار في سورية ابتداء من 1 مارس/ آذار،
وإذا كان الحراك الشعبي وفصائله الثورية قد أعلنت رفضها لسايكس موسكو واشنطن فإن المركز الصحفى السورى أشار إلى أن سوريين يعتقدون أن موسكو تحاول الترويج لفكرة إقامة فيدرالية فى سوريا تحكمها الجغرافيا، حيث يلقى هذا الطرح قبولا من بعض مؤيدى النظام ومن سوريين من قوميات أخرى، كالأكراد الذين يرون أن الدولة الإتحادية الفيدرالية "أرقى أشكال الدولة فى سوريا"، وفق الوثيقة التأسيسية للمجلس الوطنى الكردى. وأقام حزب الإتحاد الديمقراطى الكردى السورى إدارة ذاتية لمناطق تقع تحت سيطرته فى شمال سورية، وانتخب برلمانا، وعين وزراء، كما أسس ميليشيات عسكرية ذات غالبية كردية؛ لحماية منطقة إدارته الذاتية، وأشرك فى هذه الإدارة بعض الأحزاب والقوى غير الكردية
إن مايجري الإعداد له من مخططات تآمرية بمساندة المنظمة الدولية يشكل مفارقة في غاية الخطورة ليس فقط على سيادة واستقلال سورية وتفكيك وحدة الارض والشعب وانما على إلغاء هوية الشعب السوري ، وازالة بلاد الشام من الخارطة العربية، وهو المشروع الذي تشارك في صنعه القوى الدولية الاستعمارية المتجبرة بتأييد من النظام المتداعي وبدعم ولاية الفقيه وذيولها في المنطقة.
د.سيف الدين هاشم
مركز أمية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: العدد 655