عندما تنحاز حركة فتح إلى الجهة الخاسرة!
تثبت حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" وهي تحاول فك إضراب المعلمين إما بتهديد أفرادها من المعلمين أو دعوة الناس للتظاهر ضد المعلمين لإرغامهم على العودة إلى الدوام دون تحقيق مطالبهم العادلة والمشروعة. تثبت أنها في هذا الفعل لم تعد حركة شعبية وجماهيرية، تهتم بمطالب الناس وتحسين أوضاعهم الاقتصادية، واختارت أن تكسر بكل ما أوتيت من عزم إرادة الجماهير وهي بذلك تفقد أهم عنصر من عناصرها كحركة تحرر تسعى بالجماهير وتقودهم نحو الخلاص والتحرر وحرية الفكر والتعبير، إنها تتصرف كأنها حزب سياسي نخبوي وسلطوي تحرس النظام وتداري أخطاءه وتبررها بل وتجعلها وطنية مطلقة، لقد أضحت بذلك ديكتاتورية أكثر من الديكتاتور نفسه!
إن المعلمين المضربين لم يتكتلوا تحت راية حزبية معينة، ولم يرفعوا أي علم أو راية سوى يافطات بسيطة كتبت عليها بعض الشعارات الإنسانية، وقد تعددت انتماءات هؤلاء المعلمين من الفتحاوي إلى الحمساوي إلى ابن اليسار إلى المستقل الكافر بالأحزاب والفصائل، ولعل قيادات حركة فتح تعلم علم اليقين أن حراك المعلمين الراهن لم يكن ولن يكون سياسيا وإن حاول البعض الاصطياد في المياه العكرة هنا وهناك، وهذا ليس ذنب المظلوم المقهور المطالب بحقه، بل هي خسة وانتهازية من أولئك الأشخاص أو تلك الجهات التي تريد أن تتسلق حركة المعلمين الاحتجاجية لمصالح إما شخصية آنية أو حزبية ضيقة، وهم بذلك يلتقون مع حركة فتح في أنهم جميعا ليسوا معنيين بالمعلمين والمظلومين، فما المعلمون في نظر هؤلاء جميعا إلا درجة في سلم الصراعات الفصائلية المقيتة، ويجب ألا يتحمل المعلمون المضربون مسؤوليتها!
إن في هذا لبلاغا لقوم يعقلون من حركة فتح أولا تلك التي كانت تطلق على نفسها أم الجماهير، فعليها ألا تتحول إلى خادمة ظلم وطغيان، لتجد نفسها وإذا بها عدوةٌ للجماهير وينفضّ عنها أتباعها أولئك الذين سيشعرون بغصة أن حركتهم لم تنتصر لهم في معركتهم النقابية من أجل لقمة عيش كريمة في وطن متجسد أولا وأخيرا في الإنسان الفلسطيني، ويشكل المعلم حارسا أمينا للذاكرة الثقافية والتاريخية لهذا الوطن، بعد أن أصبح مستَلبا، ولم يعد موجودا منه إلا أشلاء جغرافيا منهوشة على أرض الواقع. فلا تهزموا الفكرة والحلم والإرادة بعد ذلك العجز عن تحرير الأرض من المغتصبين!
وسوم: العدد 657