الرُعْبُ

د. حامد بن أحمد الرفاعي

سأل أحد الأصدقاء قائلا:ألا ترى أن الإسلام اليوم محكومٌ عليه بأنه مصدرٌ للإرهاب..؟فما هو ردكم..؟قلت:بكل تأكيد إنه حكمٌ باطل وجائر..أمَّا لِمَ..؟بداية أفضل استخدام عبارة الرُعْبِ بدلاً من عبارة (الإرهاب) لأنها الأصح والأدق لترجمة عبارة(Terrorism) في لغة من صنعوا ونحتوا مصلح(الإرهاب) وذلك لغاية خبيثة لا تخفى على أولي الألباب..وأجيب فأقول:الرُعْبُ سلوكٌ يعبِّرُ عن طبيعة توجهات عقل الإنسان وضميره..والثقافة هي المسؤولة عن صياغة عقل الإنسان وتشكيل ضميره..وبعد فإنه من المعلوم لأهل المعرفة أنه مع بدايات القرن التاسع عشر الميلادي تولى بناء ثقافة الأجيال البشرية خمس ثقافات هي: الصهيونية،والعلمانية،والنازية،والشيوعية..فمثل هذه الثقافات هي المسؤولة عن صياغة عقلية وضمائر الأجيال التي تمارس اليوم الكراهية والرعب والهلاك والدمار على امتداد العالم..ألم تُشعل هذه الثقافات من قبل حربين عالميتين مدمرتين وهاهي اليوم تؤجج لنيران حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر..؟أمَّا الإسلام لمَّا جاء فقد هدَّم الجدر العازلة بين الحضارات..وأقام حضارة عالمية آمنة دامت ما يقرب من أحد عشر قرناً..لم تعرف البشرية خلالها إلا انتشار العلم..وتألق العطاء الحضاري وازدهار الأمن والرخاء في حياة المجتمعات..أمِنَ الفرسُ والرومانُ وأمنت الصهيونيةُ من أحقاد وثارات وتربص بعضهم ببعض..وانتقلت أوروبا من الظلمات إلى النور..وحدث خلل وانهارت الحضارة الإسلامية..فعادت الكراهية والبغضاء والرعب والهلاك والدمار إلى المسيرة البشرية من جديد..فالإسلام يكره الحروب ويمقتها..ويؤكد حرمة الأخوة الإنسانية والحب والتعاون بين الناس لصناعة الحياة لقوله تعالى:( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)ويشجع ويدعوا إلى التنافس في فعل الخير بينهم لقوله تعالى:(فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)وبعد أيمكن بعد هذا التوضيح أن يبقى في أذهان العقلاء والمنصف أثر لما يتهم به الإسلام من افتراءات..ولما يطلق بحقه من أحكام جائرة باطلة نكراء ..؟

وسوم: العدد 660