السلطة الرابعة عندنا من دور انتقاد باقي السلط إلى دور تملقها
في زمن استباحة العمل الصحفي وابتذاله حولت بعض المنابر المحسوبة على الإعلام السلطة الرابعة من سلطة تنتقد باقي السلط إلى وسيلة لتملقها ، حيث تطلع علينا يوميا بمواضيع تمتدح جهازي الأمن والقضاء ، فلا يكاد يصدر عن مسؤول أمني أو قضائي قول أو فعل حتى تتهافت تلك المنابر على إشهاره حتى أنها تبدو وكأنها مكاتب اتصال هذين الجهازين المسؤولة عن التغطية الإعلامية أو الإشهارية لما يصدر عنهما . ولا شك أن وراء تملق الجهازين سر، فهما سلطتان بيدهما قرارات الاعتقالات والمحاكمات، الشيء الذي يجعل المتعاطين للعمل الإعلامي تطفلا يخطبون ودهما ويتملقونهما مخافة أن تضطرهما الظروف لزيارة المخافر الأمنية وقاعات المحاكم بسبب مادة إعلامية قد تصنف في خانة المحرم أو الممنوع أو المحظور. وعوض أن يشعر الرأي العام بقوة السلطة الرابعة التي تراقب جهازي الأمن والقضاء، فإنه يشعر بأن هذه السلطة قد استبيحت هيبتها حين صارت تستجديهما . ويؤثر تملق الإعلام للأمن والقضاء على كشف الحقيقة ،وهي وظيفته الأولى التي تجعل منه سلطة رابعة . فهل يجرؤ الإعلام المتملق لجهازي الأمن والقضاء أن يجهر بالحقيقة حين تقع التجاوزات من طرفهما؟ وماذا يستفيد المواطن الذي يراهن على السلطة الرابعة لتكشف له الحقيقة من اشتغالها بسرد أخبار ولاة الأمن والقضاة ؟ ولا شك أن التطفل على العمل الإعلامي هو الذي جر أصحابه إلى أسلوب التملق عوض أسلوب الجسارة الذي يجعل باقي السلط تحذر السلطة الرابعة . وأخيرا نعتقد أن السلطة الرابعة لا بد أن تستعيد هيبتها التي استبيحت من طرف الذين لا يقدرون المسؤولية الإعلامية .
وسوم: العدد 663