إيران : السعودية وتركيا ستُهزمان في معركة حلب الكبرى
إيران وروسيا وجيش النظام الذي يقوده الأسد يعدّون العدة ، ويحشدون قواتهم حالياً بكثافة للهجوم عل حلب - حسب ما بشرنا به إعلام دولة ولي الفقيه صباح اليوم - وذلك بعد القصف الكثيف ، وغير المسبوق الذي استهدف المدنيين العزل ، كل ذلك بهدف إسقاط حلب بشرياً واستراتيجيًا ، وهو الأمر الذي كانت تسعى له طهران وموسكو للخروج بهذه الورقة قبيل وأثناء مفاوضات جنيف للضغط على المعارضة السورية حتى تعلن استسلامها التام ، ودعم وفد بشار المفاوض هناك، وبالتالي فإن هذا الحشد الكبير حول حلب هو حشد مدروس- على حد زعم إيران - وأن الرهان على تخلي الحلفاء عن معركتهم الفاصلة في احتلال حلب ؛ هو رهان خاسر بامتياز .
الظاهر أن ساعة الصفر قد دقت من طهران وموسكو لإعلان الهجوم الكاسح المنتظر ، وأن الظروف والمتغيرات السياسية الدولية وبالذات من خلال الاتصالات الروسية–الأميركية قد كشفت أن الهدف الأميركي يصب في نفس الاتجاه ، وهذا ما اتضح من خلال ما أعلنته طهران من أن هناك عمليات تنسيق غير مسبوقة بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره اﻷمريكي جون كيري، و هو أقل ما يمكن وصفه بالتواطؤ لدعم هذا الحشد سراً ، ومنع منح المعارضة فرصة لكسب القوة في أوراق التفاوض بجنيف، لما لها من انعكاسات سلبية على وفد النظام السوري، الذي بات يمثل ورقة رابحة لهذه الأطراف ، يمكن الرهان عليه بشكل ممتاز لتفتيت سوريا.
في خضم هذه التطورات المتسارعة أعلن أوباما أنه أبلغ بوتين في مكالمة هاتفية أجراها معه قبل أربعة أيام بأن سوريا الدولة باتت تتفكك بوتيرة غير مسبوقة ، ومشددًا في الوقت نفسه على ضرورة اتفاق الولايات المتحدة وروسيا للمضي قدما في التعامل مع الملف السوري؛ ولفت أوباما إلى أن الفشل في المسار السياسي قد يُهدد بانزلاق الوضع السوري من جديد إلى ما كان عليه قبل التوصل إلى وقف الأعمال القتالية والوصول إلى الهدنة المؤقتة .
واتفق الرئيسان الأميركي والروسي في المكالمة الهاتفية التي وصفها البيت الأبيض بأنها "محادثة مكثفة"، على التنسيق بين أجهزة المخابرات ووزارتي الدفاع في البلدين بشكل أكبر.
فالذي نستنتجه مما سبق ؛ لا شك بأن أوباما لم يُمارس أية ضغوط تذكر على نظيره بوتين للضغط على الأسد "الاعتداءات اليومية المتكررة لضرب الشعب السوري الأعزل " ، وبشكل ممنهج ومدروس .
كذلك لم يكلف أوباما نفسه عناء محاولة إنجاح مفاوضات السلام المنهارة أصلاً ، من خلال ممارسة أية ضغوط على الروس للضغط على نظام بشار ، الذي دمر أية فرصة ممكنة لمفاوضات جنيف ، والتي باتت في غرفة الإنعاش – على حد تعبير ديمستورا – بعد وفاتها إكلينيكيا مع إعلان قوى المعارضة الرئيسية السورية اليأس من عملية التفاوض ، الانسحاب بالتالي من هذه المفاوضات العقيمة .
ما نستنتجه من كل ما يجري أيضاً أنه هناك ضوء أخضر أمريكي بعدم الممانعة لعملية عسكرية واسعة النطاق لروسيا وإيران وقوات النظام السوري لاحتلال حلب ، وتصفية المعارضة السورية التي حرمتها واشنطن من أية أسلحة نوعية قد تسهم في تغيير المعادلة العسكرية والسياسية على الأرض ؛ وهذا يُمثل فرصة تاريخية سانحة لمختلف القوى للتخلص من المعارضة .
بالمقابل دخلت تركيا على الخط من خلال تعزيز وجودها العسكري تمهيداً لضرب داعش، وإقامة منطقة عازلة في شمال سوريا تصل لعمق 18 كيلومتر ، في حين بادرت دولة ولي الفقيه بإظهار عهرها السياسي مرة أخرى من خلال تهديد أنقره ، مُعتبرة الخطوة التركية تدخلاً سافراً بالشأن السوري ، و معلنة أن هذه الخطوة جاءت بعد زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لأنقره ، حيث عزتها إلى تزامن ذلك مع فشل تركيا ضبط حدودها مع سوريا ، وحدوث تفجيرات هزت الأمن التركي برمته ، ومشيرة إلى أن زيارة الملك سلمان إلى تركيا كانت في باطنها تهدف للتباحث بين الطرفين حول زيادة مستوى دعم المعارضة السورية بعد سقوط الرهان على كسب حلب ، ومُبشرة من أن طهران ستدعم إعادة حلب إلى حضن النظام السوري مهما كلفها الأمر ، ومتوعدة بهزيمة تركيا والسعودية معاً.
الملفت أيضاً ما تناقلته تحليلات وسائل الإعلام الإيراني حول موقف المكون الكردي المتواجد في المنطقة من المعركة القادمة حول حلب ، معتبرين أن المكون الكردي هو كيان مفتت يتكون من تعددية تدين لقيادات مختلفة ، وبالتالي فإن الوحدة والانسجام فيما بينها تكاد تكون غائبة، ومن المنطقي أن الأكراد سيلجئون إلى الكفة اﻷقوى للتحالف معها وهي كفة الجيش السوري وحلفائه ؛ وفي مقدمتهم إيران .
بالمقابل العرب ومن حولهم هم الحاضر الغائب عن كل ما يجري الآن بعد أن باتت كل سوريا على شفا كارثة إنسانية كبرى لم يشهد لها التاريخ الحديث مثيلاً بعد أن تكالبت عليها كل مرتزقة الأرض ، لممارسة أبشع مجزرة عرفتها البشرية .
د.نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات السورية
مركز امية للبحوث و الدراسات الاستراتيجية
وسوم: العدد 666