أوجاعنا من حلب إلى الفلوجة إلى عدن
يخطئ من يعتقد أن ما يجرى تنفيذه في المنطقة من تخريب وتدمير وقتل وتهجير وحرب إبادة هو وليد اللحظة الراهنة، فكل هذه المخططات التي يجرى تنفيذها الآن بعناية فائقة هي نتاج جهد وتخطيط منظم جرى قبل عشرات السنين في أروقة أجهزة الأستخبارات الأميركية والغربية وكان الصهاينة والإسرائيليون طرفا مباشرا فيه، فبعد سنوات الأحتلال المباشر للدول العربية التي تغير شكلها بعد الحرب العالمية الثانية لتتحول إلى احتلال غير مباشر عبر حكام لم يكونوا سوى أداة بيد المستعمر يقهرون الشعوب وينفذون مخططات الأعداء، ساهمت أميركا في إسقاط حليفها الأكبر في المنطقة شاه إيران بعدما استخدم العرب سلاح النفط عام 1973، وبعدما بدأت الصحوة الإسلامية في السبعينيات تنتشر في أنحاء المنطقة، وجاء آية الله الخميني من منفاه في باريس ليحكم إيران بنظام الولي الفقيه الذي بقي يناوش أميركا بالكلام طوال هذه السنوات دون أن يطلق أو تطلق عليه طلقة واحدة، بل إنهم دخلوا في حلف مبكر بعد 11 سبتمبر حينما كانت الطائرات الأميركية تستخدم الأجواء الإيرانية في قصف أفغانستان، كما قامت إيران بتسليم الولايات المتحدة المئات من عناصر القاعدة وطالبان الذين لجأوا إليها في صفقات كتبت عشرات التقارير عنها ثم بدأ التحالف المباشر بعد احتلال العراق والسماح للإيرانيين بل والتعاون المباشر معهم في كل شيء حيث سلمهم بول بريمر العراق على طبق من ذهب، فارتكبوا بحق السنة من المجازر ما ليس مسبوقا في التاريخ ولم يكن هناك داعش أو غيرها بل كان هناك البسطاء من الناس الذين حاربوا المحتل الأميركي، ومنذ عام 2003 وسنة العراق يتعرضون لحرب إبادة وتهميش وتهجير تحت رعاية الولايات المتحدة وإسرائيل وعلى يد الإيرانيين والميليشيات ثم تم اختراع داعش لتكون غطاء لتلك الجرائم ومبررا لمن لم يبحث عن مبررات الجرائم، ولم تكن سوريا بعيدة فحينما قامت ثورات الربيع العربي دون قيادات أو رؤى واضحة عرفت الأجهزة الاستخباراتية الغربية والعربية المضادة كيف تشتتها وتفشلها وتبدد جهدها وتستخدم الحكام الذين صنعتهم أو الأجهزة الموالية لها في توجيه ضربات إجهاضية إليها ثم تركت الإيرانيين كالعادة يعبثون في المنطقة كلها العراق وسوريا واليمن بعدما تمكنوا خلال السنوات الماضية من نشر التشيع في كثير من الدول التي لم يكن فيها شيعة من قبل.
ما معنى أن تقوم قوات خاصة أميركية بتدريب ميليشيات شيعية تحت مسمى أنها قوات عسكرية عراقية؟ وما معنى أن تقاتل قوات أميركية إلى جوار الأكراد في سوريا وهي ترتدي ملابسهم العسكرية في فضيحة لم ينشغل بها أحد لأن الأوجاع أصبحت تنهش في الجسد كله من حلب إلى الفلوجة إلى عدن.
وسوم: العدد 670