حول تصريح مدير وكالة المخابرات الأمريكية : سورية قد لا تبقى موحدة
أيها السوريون هذا ما يريدونه لكم فانظروا ماذا تريدون لأنفسكم
ليست المرة الأولى التي يطلق فيها مسئول أمريكي مثل هذه التفوهات . فقد سبقه إلى ذلك مسئولون عديدون ، ورجال رأي وصحفيون أطلقوا مثل بالونات الاختبار هذه في مناسبات عديدة .
وانضم إلى ذلك من قبل أيضا مسئولون روس وفي مقدمتهم لافروف وزير الخارجية الذي أطلق منذ أشهر أكثر من تصريح على هذا الطريق. طريق تقسيم سورية إلى كانتونات وليس إلى دويلات ، فهل سورية بحجمها الحالي المجزوء إلا دويلة في أفق ما كانت عليه أيام شامها الكبير .
وحديث التقسيم في سورية ، حديث جد وليس بالهزل ، يتسلل مرة بعد مرة في إطار المؤامرة الدولية الكونية المحبوكة على الشعب السوري . وحديث المؤامرة هذا يؤكد لكل السوريين كذب الادعاءات التي ظل يطلقها كل الذين كانوا يحضرون مؤتمرات ( أصدقاء الشعب السوري ) في أطوارها المختلفة والتي كانت في كل مرة تنص على ثابت : وحدة سورية أرضا وشعبا .
لا يخفى على سوري راشد أن تراخي المجتمع الدولي ، في الأخذ على أيدي القتلة المجرمين في سورية من عصابة الأسد ، والذين ظلوا على مدى خمس سنوات يرتكبون جرائمهم مع حلفائهم خارج إطار القانون الدولي ، والقيم الإنسانية ؛ إنما كان وفق مخطط لاستنزاف سورية ، وهدر إمكاناتها ن وتمزيق إطارها المجتمعي ، تمهيدا لإضعافها وتحويلها إلى دولة فاشلة كما صرح يوما الأخضر الإبراهيمي ، أو غلى تقسيمها كما يتحدث هؤلاء المتآمرون اليوم ..
في المعلن السياسي العام لا أحد في سورية يجهر بالمطالبة بالتقسيم ، لا احد من قبل المعارضين والثوار ، ولا أحد من بقايا من يسمى بالنظام، ثم ولا أحد من الفصائل الكردية التي لا تفتأ تكرر أن مطلبها حالة من الحكم المحلي في ظل حالة من الفيدارلية يتم التوافق عليها ؛ فلمصلحة من ؟ وباسم من ؟ يتطوع الروس والأمريكيون بتقديم ( التقسيم حلا ) ، لا يسعى إليه أحد ولا يطالب به من السوريين أحد ،أم أن وراء الأكمة ما وراءها ، وأن بعض هؤلاء الذين يعلنون التمسك بوحدة سورية جهارا يعملون من تحت الطاولة ، لصياغة البدائل والإعداد للمؤامرات .
منذ يومين كان ( علي السعيدي ) ممثل المرشد الأعلى خمنئي لدى الحرس الثوري الإيراني يعلن عن خطوط إيران الحمراء في سورية فيقول إن وحدة سورية خط أحمر ، وإن بشار الأسد خط أحمر ، والمعادلة الصعبة عند هؤلاء إذا لم يمكنهم الحفاظ على هذين الخطين ، ووُضعوا في خيار بين وحدة سورية وبقاء بشار .
إن المعلوم للجميع إن معادلة هؤلاء ولفيفهم إما أن تكون سورية موحدة ، وفي جيبهم وتحت هيمنتهم ونفوذهم وسلطانهم ، وإما أن يذهبوا إلى تقسيم يؤمنون فيه لأنفسهم دائرة السيطرة التي يحلمون بها ، وإن اختلفوا في تصور حدود ما أطلقوا عليه تسمية ( سورية المفيدة ) لتطلعاتهم ومخططاتهم ...
قلنا إن الحديث عن التقسيم ليس جديدا على الساحة السورية ، بعد الأحاديث الكذاب عن التمسك بوحدة سورية أرضا وشعبا .
ومنذ أكثر من عام تابعنا حديثا مريضا عن سورية المفيدة ، مع إيماننا أن كل موضع شبر من الأرض السورية هي بؤبؤ عين كل السوريين : سهلا وجبلا ، رملا وزرعا ..
ومنذ ذلك الوقت بدأ الروس والأمريكيون والإيرانيون والأسديون ينسقون معا لكانتون ( دمشق – حمص – الساحل ) يتمسك به الإيرانيون ، في مقابل كانتون ( حمص - الساحل ) يقنع به الأسديون إلى جانب كانتون آخر في الشرق والشمال الشرقي يحلم به الأكراد الذين قد يرفضوا أصلا وصف سوريين ...
كانتونات الخطة ( ب ) هذه هي التي يتحدث عنها مدير وكالة المخابرات الأمريكية . والتي يأتي احتلال حلب اليوم خطوة على طريق تنفيذها. هل اقترب موعدها ؟!
ما فتئ وزير الخارجية الأمريكية يحذر زميله الروسي من السماح للروس باحتلال حلب . فإذا انكشف التوافق الروسي – الأمريكي عن خدعة ، فإن الأمريكيين قد يقطعون تنسيقهم مع الروس ، ويذهبون في طريقهم إلى مشروع الكانتونات التي سترقص دولة بني صهيون .
ما كشف عنه مدير وكالة المخابرات الأمريكية ليس جديدا ، بل هو تأكيد على خيار سبق أن تحدث عنه المتحدثون ..
ومثل مدير المخابرات الأمريكية لا ينطق عن عبث ، ولا يسرب مثل هذه المعلومة ، إلا ولديه من المعلومات والمخططات والأدوات ما يكفي ليضع هذا الذي نسميه ( مؤامرة ) ونوسعه هجاء موضع التنفيذ .
وهذا التسريب ، يفرض على قوى المعارضة السورية بكل تلافيفها تحديا جديدا ، عليهم أن يستعدوا لإحباطه .
قد يكون من السهل علي أن أكتب لكم هنا نشجب ونستنكر ونرفض وندد كما قال كثير غيري على الهواء ، ولكن هذا الشجب والتنديد والإدانة لا يكفي . ما يقتضيه الموقف ، بحق للذين اندفعوا ليتصدروا ، أن يأخذوا الأمر بجد ، وأن يجدوا في دراسة التحدي بتبعاته ، وأن يضعوا الخطط والبدائل لإحباط المؤامرة المدمرة لسورية الدولة والوطن والإنسان ..
وسوم: العدد 679