الثورة السورية والحرب الأهلية السنية
المنصور
بسم الله الرحمن الرحيم ... كنت والله شهيد وعقب خروجي من ريف دمشق الحبيب في آب 2011 قد حذرت إن لم نتعجل الطلب بضربات الناتو كليبيا من حرب أهلية بين الشعب (أغلبية السنة) والنظام (من يجندهم من النصيرية وغيرهم) ثم حذرت من انقلاب هذه الحرب مع تراخي الزمن واستمرار المحن إلى فتنة وحرب بين السنة والسنة نفسها وذلك بين متشدد وغير متشدد بين حالم وواقعي وبين مريد لحل وسط وجذري سياسي أو عسكري, وكررت تحذيري هذا للمجلس والائتلاف وخاصة عندما تقدم الخطيب بمبادرته التي حذرته منها على الخاص والعام من أنها ستشق صف السنة لمؤيد للحل ولمعارض (فضلا عن كونها مبادرة غير واقعية ولن تقبل بها ايران قبل النظام), وإني أوصّل القول اليوم بأن ما حذرت منه واقع لا محالة وإن واجبنا وواجب علماء السنة وعقلائها ورجالاتها هو العمل على التقليل من حجم الفتنة وشررها فهاهي تلوح لنا كرأس قرعاء صماء, فبين أتباع الخطيب الذين اقتنعوا أو أُقْنِعوا أن لا سبيل إلى إزالة النظام وأن ثلاثة أعوام كانت تجربة كافية في قيام الدليل على هذا (أو من شاء فليقل غير ذلك فيهم وتقييمهم) وهم على كل حال قسم لا يستهان به وكثير من سكان دمشق وحمص وحماه ودرعا وحلب والساحل يؤاز هؤلاء عن مصلحة أو يأس, وبين معارضة متذبذبة في طلبها للحل السلمي الفضفاض فهم يترددون بين من يقبل بشبه مبادرة الخطيب من تنحي رأس النظام وبعض رموزه فحسب (أي كعمل شبه مسرحي يدل على تحقيق تغيير) وبين من يريد سقوطا شبه كامل للنظام, وبين ثوار معتدلين يريدون سقوطا كاملا للنظام وهؤلاء قسمين قسم يقبل بحكومة مدنية دينها الإسلام, وبين من يريد حكما إسلاميا معتدلا, وبين من يريد حكومة إسلامية محضة ويسميها خلافة, وبين من يريد حكومة أشبه ما تكون بحكومة الخوارج !!! فما السبيل ولا بد من فصل الخطاب في هذا . فبعد ميثاق الشرف ثم بيان النصرة وجوابها الرافض له "راجع الرد الرائق على بيان النصرة الصاعق" ترد الجبهة على النصرة بأنها على ميثاقها الأول !! ثم تعقب النصرة الرد رد, وتصدر دولة الخوارج داعش ردا واضحا فيه للحقيقة الكثير من مبادئ وأهداف القاعدة فهي تسخر من الميثاق أنه لا يجهر بالسعي للخلافة الممتدة من الصين إلى الأندلس ! ويقر بدولة "الخليفتين" سايكس بيكو !! ... الخ من الهذيانات والخيالات التي لا تستحق التعقيب سوى أن أصحابها أهل للتمريض في العقل والتعديل, وبعض قول داعش قد سبقتها به القاعدة وزادت داعش التصريح باجتثاث الأقليات وتكفير أهل الأرض سواها والسعي لامتلاك السلاح الكيماوي ! (كالخطيب وأصحاب الصمود والتصدي رافضي صفقة الكيماوي) والغريب أنهم عطلوا التدريس بمواد الكيمياء والعلوم ! . فما العمل وما الواجب ؟ فأقول في زحمة هذا الخلاف الموهن المفرق :
*إن لم يقم العلماء خاصة بإصدار فتوى -أوميثاق-عن إجماع وشورى يشارك فيها كبار علماء الإسلام وعامة علماء الشام (كالشيخ يوسف القرضاوي والشيخ كريم راجح حفظهما الله وغيرهما بشرط أن لا يكونوا ممن يُزَنُّ بأنه من علماء السلطان), يحمل توقيع أكبر عدد ممكن من العلماء,على غرار مواثيق هؤلاء, فإن لم يصار لهذا فإن الفتنة لن يقللها وشررها ضابط شرعي يعول الناس عليه ويلوذون به ويضبط العمل الثوري من الناحية الشرعية, ضابط معتبر بإجماع كبار علماء الإسلام, ومن ثم ينبثق عن اجتماع شورى العلماء لجنة شرعية مؤلفة ليس من علماء دين بل من محام أو ملم بالقانون الدولي وسياسي بارع متكلم يراجعون قادة الجبهة والنصرة ومن معهم, إن الإمام الشافعي فمن دونه من علماء الأصول نصوا في شروط المجتهد أن يكون عالما بأحوال أهل زمانه فمن كان يجهل أحوال عالمه ودقائق العوامل المؤثرة فيه لا يمكنه استنباط فتوى صحيحة وبالتالي لا يمكنه اتباع سياسة مستقيمة, وفي هذا السياق أكرر لزوم الدعوة إلى مؤتمر وطني جامع للمعارضة تحدد فيه الأهداف وتضبط السبل ويستفاد من الإجماع بنبذ أصحاب الأطماع والأقماع .قال النبي (ص) "ويل لأقماع القول" أي من لا يتفطن ويتلقن ...