لا أمة بلا ثورة
ثورة شعبنا السوري التي انطلقت في عام ٢٠١١ استغرقت أكثر مما توقعنا ولم تحقق حتى اليوم الأهداف الكبيرة التي انطلقت من أجلها، ومع استمرار الثورة هذا الوقت الطويل تظهر الأخطاء، وتنتاب الثورة إشكاليات وتعترضها تحديات لم تكن في الحسبان!!
وهذا هو ديدن الثورات عبر التاريخ ، فما من ثورة إلا وتعرضت لأخطاء ومخاطر سواء بفعل الثوار أنفسهم أو بفعل أصحاب السلطة الذين يرون في الثورة خطراً على مكاسبهم وامتيازاتهم، أو بفعل اللصوص والانتهازيين الذين يستغلون حالة الفوضى التي تواكب الثورات عادة فيحاولون القفز على الثورة وسرقة منجزاتهاومن ثم فإن النقد الذاتي للثورة وما يشوبها من أخطاء وملابسات هو أمر منطقي ، بل هو أمر مطلوب إذا كنا حقاً نريد لثورتنا النجاح وتحقيق الأهداف الإنسانية النبيلة التي ثرنا من أجلها !
لكن ثمة أمر لابد أن ننتبه إليه جيداً ونحن نمارس هذا النقد الذاتي، ألا وهو أن النقد كثيراً ما يصل إلى درجة الشك بمشروعية الثورة نفسها ، فليس من النادر أن يصل النقد إلى حد الندم على قيام الثورة من أصلها، كما نسمع من بعضهم حول ثورتنا السورية من خلال وقوفهم على ما ينتابها من أخطاء وما تطلبته من تضحيات جسيمة !!
ومن هنا نقول ونؤكد بضرورة النقد الذاتي لثورتنا السورية المجيدة لكننا نقول ونؤكد في الوقت نفسه أنه لا يجوز بحال من الأحوال الشك بمشروعية الثورة !!
فمهما عانينا من تبعات الثورة وما تتطلبه من تضحيات ينبغي أن تظل فكرة الثورة فكرة سامية فوق النقد ، لأن أمة لا ثورة لها، هي أمة لا تستحق الحياة، وينبغي لكل أمة أن تظل على الدوام مستعدة للثورة ضد كل ما هو غير إنساني ، وكل ما هو غير نبيل، وقد تعلمت هذا الدرس الثوري الكبير من أمي رحمها الله تلك المرأة الثورية بالفطرة ، فقد كانت أمي تحتفظ لديها باستمرار ببذور الياسمين والريحان وغيرها من بذور لكي تزرعها أواخر الشتاء استعداداً للربيع القادم الذي كان كل عام يجدد بيتنا بالألوان الزاهية والروائح التي تسكر القلب والروح !!
فهذا الدرس الثوري البليغ يجب أن تتعلمه كل أمة تعشق الحرية وتأبى الظلام، فتحتفظ ببذور الثورة وتحرص عليها حتى إذا تلبدت الغيوم وانتشر الظلام زرعت هذه البذور وجعلت منها ربيعاً جديداً يجدد روحها وعقلها وقلبها.. وتلك هي الأمة الجديرة بالحياة !!
وسوم: العدد 687