النداء الأخير يا ثوار الشام ... فرقتكم قتلتنا وستضيع ثورتنا
لم يعبأ التاريخ كثيراً بهمجية ومسؤولية الصليبيين في إسقاط ممالك الأندلس، ولا يذكر كثيراً عن خذلان مسلمين في بقاع أخرى لأهل الأندلس وضياعهم، وسقوط ممالكهم الواحدة تلو الأخرى، فكل ما حفظه التاريخ وركز عليه خلال تلك الفترة هو المسؤولية المباشرة وربما الوحيدة ألا وهي فرقة وتمزق أمراء ممالك الأندلس، وتعاون وتواطؤ هذا الأمير أو ذاك مع الصليبيين ظناً منه أن تعاونه هذا سينجيه وينقذه من غضب وسطوة الصليبيين ويحفظ له إمارته، حتى استفاق آخرهم أبو عبد الله الصغير على خسارة مملكته بعد أن رأى إخوته الثيران يذبحون، لا فرق بين أبيض وأسود وأحمر وأخضر...
اليوم تتكرر المأساة، تُقضم القرى والبلدات السورية على طريقة ممالك الأندلس، بالأمس قضمت حمص والقصير ثم الزبداني ومضايا وداريا واليوم تتكرر المأساة مع حلب الشهباء، بعد صمود أسطوري لهذه المدينة التي تكالب عليها الشرق والغرب، ومعها تكالب ثوار يرفضون الوحدة فيما بينهم لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، فالثوار في داخلها يرفضون من هو في الخارج أن يدخلها، ومن هم في الخارج يصرون على التفرق والتمزق وهم يرون أصحاب الأهواء الطائفيين يتكالبون من كل حدب وصوب لقتلهم وتصفيتهم وإبادة أهلهم، غير عابثين بخلافاتهم وشقاقهم وتباينات أجنداتهم، بعد أن رحلوها وأجلوها لما بعد قتلهم آخر سني شامي على أرض الشام المباركة...
لم يعد لنا حاجة ولم يعد لنا قلب نطالب ثوار أعمت الحقيقة عيونهم كما أعمتها عن نداء ربها الذي يطالبهم بالوحدة، ولكن كل ما نقوله لهم نسأل الله تبارك وتعالى أن ينتقم منكم كما خذلتم أهل الشام بإصراركم على التفرق والتمزق لسنوات، فكان المقدمة الحقيقية والتمهيد الواقعي لتمدد الإجرام والوحشية والطائفية في الشام، وإطالة معاناتها، فضلاً عن تشميتكم الأعداء بنا ...
لن نطالبكم بعد اليوم بالوحدة والاعتصام ففي آذانكم صمم عن نداء الله ونداء أحبابه الذين أحبوكم، لن نطالبكم بشيء من هذا كله، ونكل أمركم إلى الله تبارك وتعالى، وأنتم الذين خرجتم قبل العيد تعدون المسلمين بالوحدة والاندماج قريباً، ولكأن ذلك إبراً مخدرة تضحكون بها على المكلومين والمعذبين في أرض الشام المباركة، هذه الأرض التي كفلها الله تبارك وتعالى، وبإذن الله تعالى سيُهيئ الله تبارك وتعالى لهذا الشعب من ينتصر له ومن يقوم بحق الكفالة الربانية واقعاً على الأرض..
كلمة للثوار الصادقين الذين يرغبون بالوحدة أن تمردوا على جماعاتكم وفصائلكم، تمردوا على عصيان أوامر ربكم الذي دعاكم للوحدة والاعتصام، واتحدوا مع إخوانكم في الفصائل الأخرى واضغطوا على قادة يصرون على التمزق بذريعة فكر يظنون أنه سينقذهم من غضب الله ثم غضب أحبابه، تمردوا على الجميع واتحدوا فيما بينكم وأعلنوها مدوية أن النصر مع الوحدة، وأن من يصر على غير ذلك عدو لله وأحبابه، وعدو للشام، وأنه لم يكن يوماً واحداً صادقاً مع ثورة الشام العظيمة ..
اليوم .. اليوم وليس غداً.. فكل دقيقة تأخر ثمنها دماء وخراب وتشريد ومعاناة، وكل دقيقة تأخر ثمنها ضياع ثورة عظيمة هي ثورة الأمة، وثمنها فقدان ثقة الشعوب بمشروع الأمة مستقبلاً وربما في أماكن أخرى، وحينها ستحملون أوزاركم وأوزاراً مع أوزاركم ..فاتقوا الله بأنفسكم وآخرتكم قبل أن تتقوه في هذا الشعب المظلوم وبثورته العظيمة ..
وسوم: العدد 691