صرخة جزائري لسورية الحبيبة
أتابع باستمرار واهتمام شديد بما يحدث في سورية الحبيبة، التي نحبها ونعتز بمعرفتها والوقوف على تاريخها وعراقتها. وعليه نقدم بعض الملاحظات حتى لا نقول أحلاما تراود العاشق لسورية، لعلّها تفيد من يريد أن يستفيد منها ونحن نعلم أن الضرر الذي أصاب سورية الحضارة فاق الوصف والخيال، وأن أهل سورية أدرى منا بالوضع وأفضل رؤية ، ومنها..
إستقبلت سورية الأمير عبد القادر رحمة الله عليه رفقة مرافقيه وردّ لها الجميل حين أخمد فتنة بين المسيحيين كادت أن تفني أبناء البلد الواحد لولا تدخل الأمير. والمطلوب من الجزائري اليوم أن يكون إمتدادا لسيّدنا الأمير عبد القادر، بأن يجمع بين الإخوة السوريين على مائدة واحدة، ويحقن دماءهم بما استطاع، ويخرج من سورية كل عربي وأعجمي محتل، مهما كان دينه، وجنسيته، وجغرافيته.
ومن جهة أخرى فإنه أثناء أزمة صائفة سنة 1962 حول الكرسي، لم يستنجد الجزائري بالأجنبي ضد أخيه الجزائري رغم خروج الدبابات والفيالق. وأثناء العشرية الحمراء من تسعينات القرن الماضي لم يستنجد الجزائري بالأجنبي ضد أخيه الجزائري، رغم الذي حدث من جراح ، ودماء ، ونيران.
وهذه أول الدروس ، من ابتلي بالصراع مع أخيه لسبب من الأسباب ، فلا يستنجد بالأجنبي مهما كان دينه، وجنسيته، وقوته، وقربه، فإن نزاع الإخوة حينها يتحول إلى حرب دامية لاتبقي ولا تذر. فالأجنبي أول الفارين بعد جلاء غبار المعركة ، ويبقى إبن الأرض يصارع لوحده ضياع التراب، وفقد الإبن، ورحيل الأهل، ودماء تزحف.
وفي نفس الوقت أتوجه لإخواننا العرب وجيران سورية دون تمييز، أن يكفوا أذاهم عن سورية، وأن يغلقوا حدودهم في وجه من يسعى لحرق سورية وخرابها، وإن لم يستطيعوا مد العون، فيكفي أن يوقفوا أذاهم ضد سورية فإن ذلك من العون.
وأقول لأصحاب الحبر والقلم وفقهاء المسلمين، مهمتكم السامية أن لا تثيروا أحدا على أحد، وأن لاتناصروا أحدا على أحد، فإن ذلك مما يزيد في طول عمر الدماء، ويعمّق الأحزان، ويوسّع الأحقاد، وسورية لم تعد تطيق شيئا من هذا الذي تدعون إليه وتناصرونه.
مهمة الجميع مهما إختلفت وسائلهم وأهدافهم، أن يقرّبوا بين الإخوة السوريين بما استطاعوا وأرادوا، وأن يجمعوا فيما بينهم حول ما يرفع عن سورية الغبن المفروض عليها فرضا، وأن يمسكوا عنها شرهم بأن لا يدعوا الأكاذيب تنتشر وتستفحل، وأن لا يبرروا لأحد مهما كان دينه وقربه وجنسيته، فإن سورية تعاني تبرير الفقهاء وأهل الحبر للجرائم أكثر مما تعاني الجرائم بحد ذاتها، لأن ما تتعرض له سورية الحبيبة من دمار وحرق وخراب، ما كان له أن يمتد ويثبت لولا التبرير للجرائم الذي تنافس لأجله أهل الحبر والفقهاء.
وكل من أجرم في حق سورية فهو مجرم لا يستحق أن يقف إلى جانبه أحد، وليكن بعدها من يكون، فإن ذلك من تمام الجرم وكماله.
إن الدمار الرهيب الذي تعيشه الآن سورية يحمل بصمات الجميع ودون استثناء، فكان من الواجب معرفة آثار البصمات فإنها تدل على المجرم الذي ما زال يجرم في حق سورية بغض النظر عن دينه، وجنسيته، وجغرافيته، وقربه أو بعده.
وتظل أمنية الجزائري أن يميل لسورية فقط، وللمجتمع السوري الجريح قهرا، والمشرد عنوة، والمقتول غدرا.
وسوم: العدد 700