الفساد باسم الطهر والبياض

معمر حبار

[email protected]

منذ شهرين ، طلب مسؤول على قطاع ديني، أن تمنح له شهادة شرفية، كما منحت للمدير الذي سبقه. فَطُلِبَ من صاحب الأسطر، أن يتكفّل بالأمر ويكتب له شهادة شرفية.

ومن يومها وصاحب الأسطر في حيرة من أمره، لم تطاوعه نفسه أن يكتب شهادة شرف لمن لايعرف قيمة الشرف. ولم يستطع أن يرد طلب من اتصل به وطلب منه ذلك، لأنه زميل أراد بطلبه هذا الخير كل الخير، ولعلّ نيته الصافية كانت شفيعة له في أنه ليس مشاركا في طمس كل شرف.

ومن يومها وهو يؤجل كتابة شهادة الشرف، ويحدّث نفسه كيف أخط هذه الأسطر، لمدير سبق أن قام بكل سيّء، وأقبر كل فضيلة وقرّب إليه الذيل والجحش، كما يقول الشاعر العربي المعاصر.

وخلال تلك الأيام،  كان يصارع فيها النفس والنفوذ، لكي لايكتب ماطلب منه، يلقى على مسمعه أنه ألقي القبض على المسؤول، بتهمة الرشوة بالتعاون مع إمام المسجد، وآخر يعمل في الدولار والدينار.

وبغض النظر عن أسباب القضية ودواعيها، فإنه ليست من مهمة هذه الأسطر، التدخل في التفاصيل التي يملكها صاحبها ومن كلّف بالدفاع عنها، فإن المرء يظلّ يحمد ربه، أن جنّبه كتابة أحرف شريفة لمن لايعرف للشرف قدرا، ولا للشريف وزنا.

إن للفساد طرقا متعددة .. تعرف نتائجها قبل بدايتها. وكذلك للبياض طرقا أفضل وأكثر وأدوم وأحسن، قد تكون صعبة في البداية، وثقيلة على الأنفس، لكنها تزول العواقب، وتذوب الصعاب، بمجرد أول خطوة يخطوها المرء في سبيل تقديم معروف.

والمنصب النقي لايزيل الفساد، ومن أخذ المنصب بغير حق، أخذ حقّ الناس بغير حق. ومن تعوّد على الفساد والإفساد، أفسد مابين يديه وخلفه، ولو اعتلى المنابر وأمّ النّاس.

إن الفساد قد يغفر لصاحبه، إن كان لجوع أصابه، أو شهوة اعترته، أو ضائقة ألمت به، لكنه كبيرة بالإضافة إلى كبر الفساد، حين يلبس عباءة الدين، فيسري بين المنابر والمحارب، فيخرّ البياض أرضا ، ويتمرّغ في التراب. ويتمرّغ في التراب.

من أراد أن يفسد، فليختر لنفسه أيّ سبب إلا الدين، فإن الدين لإقامة العمران، وتقويم العوج، وتصحيح الخطأ، وبه يكبح جماح الفساد والمفسد.