الانقلابيون في مصر يلفقون تهمة الإرهاب لمعارضيهم من أجل تصفيتهم جسديا
أثار الفيديو الذي نشرته قناة الجزيرة القطرية لجنود مصريين في منطقة سيناء وهم يعدمون أشخاص عزل بالرصاص من مسافة قريبة ثم يضعون أسلحة بجانبهم لتبرير تصفيتهم استياء واسع النطاق في العالم ، وقد تناقلت وسائل التواصل الاجتماعي هذا الفيديو المثير للاشمئزاز من تصرفات الجنود المصريين الوحشية خصوصا عندما اقتادوا صبيا في الخامسة عشر من عمره معصوب العينين ثم ركّع على ركبتيه ليطلق عليه وحش عسكري النار دون رحمة ويفجر جمجمته . ومعلوم أن الانقلابيين في مصر يعتمدون هذا الأسلوب الوحشي منذ انقلابهم على المسار الديمقراطي وعلى الشرعية واغتصابهم للسلطة أمام سكوت العالم خصوصا الغربي . ولا زال هذا دأبهم في التعامل مع كل من يعارض انقلابهم ، ويطالب بالعودة إلى المسار الديمقراطي والشرعية الذي ظل الشعب المصري يحلم بهما طيلة حكم العسكر الطويل لمصر . ومعلوم أن دولا غربية وأخرى إقليمية ضالعة في مؤامرة الانقلاب على الشرعية والديمقراطية في مصر كما أبانت عن ذلك مواقفها المعلنة عندما أفرزت الانتخابات المصرية وصول حزب الإخوان المسلمين إلى السلطة . ولقد لجأ الغرب إلى صناعة عصابات داعش الإرهابية ونشرها في بؤر التوتر في منطقة الشرق الأوسط من أجل التمويه على القصد الحقيقي من تدخله في المنطقة ، وهو قصد له أبعاد سياسية واقتصادية منها الحيلولة دون وصول أحزاب محسوبة على التوجه الإسلامي إلى مراكز القرار ، وهو ما بات يعرف بالتوجس مما يسميه الإسلام السياسي . ويحرص الغرب على وصف العصابات الإجرامية التي تبرر إجرامها بالدين افتراء عليه وتشويها له بأنها تمثل الإسلام السياسي ، وأنها تلتقي في التصورات والأهداف مع كل حزب أو جماعة تتبنى الإسلام وعلى وجه الدقة الجماعات والأحزاب التي توصف بالتبعية الفكرية للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين . ولقد وجد الانقلابيون ضالتهم في هذه الذريعة لتبرير جرائمهم ضد عناصر حزب الحرية والعدالة المحسوب على هذا التنظيم وضد كل من يتعاطف معهم . ومن غير المستبعد أن تكون مخابرات الانقلابيين مسؤولة عن العمليات الإجرامية التي تقع في مصر، ويذهب ضحيتها أبرياء كما كان الشأن في الكنيستين القبطيتين ،وذلك للتمويه على عملية تصفية معارضي الانقلاب من خلال تلفيق تهم الإجرام لهم ،علما بأن المعروف عن جماعة الإخوان المسلمين عبر تاريخها أنها تعلن عن نبذها للعنف ، ولم يسبق لها التورط في عمليات عنف ، كما أن برامجها التربوية تخلو من تبني العنف أو التحريض عليه . ولقد سارع الانقلابيون إلى إعلان حالة الطوارىء عقب العدوان الإجرامي المدبر على الكنيستين من أجل مواصلة عملية تصفية معارضي الانقلاب بذريعة محاربة الإرهاب ، علما بأن أنظمة غربية ديمقراطية تقع فيها أعمال إرهابية ولكنها لا تسارع إلى فرض حالة الطوارىء على طريقة الانقلابيين في مصر بل تعالج الأمر بخطط أمنية مدروسة بدقة ، ولا تمس بالديمقراطية أو الحريات ، ولا تنهج أسلوب تصفية خصومها السياسيين عن طريق تلفيق تهم الإرهاب لهم . وإن سكوت العالم على جرائم الانقلابيين ضد معارضي الانقلاب يعتبر وصمة عار على جبين هذا العالم خصوصا العالم الغربي الذي يعتبر نفسه وصيا على الديمقراطية ومدافعا عنها ومناصرا لها . وإن استمرار هذا السكوت يعتبر بمثابة إطلاق يد الانقلابيين لارتكاب المزيد من الفظائع والجرائم ضد الإنسانية ، وهو في نفس الوقت تعمد واضح لحرمان الشعب المصري من حقه في الديمقراطية ، ومن حقه في اختيار من يحكمه عن طريق الصناديق لا عن طريق البنادق . ولن ينسى أبدا الشعب المصري وهو شعب عظيم وعريق في الحضارة للغرب ولدول إقليمية خذلانه أمام الانقلابيين وهم يصادرون حقه في الديمقراطية بالنار والحديد . وإذا كان الغرب لا يرضى لشعوبه أن تصادر حقوقها في الديمقراطية والحرية ،فيجب عليه ألا يرضى ذلك للشعب المصري أو غيره من الشعوب العربية ، وألا يدعم الأنظمة المستبدة حرصا على مصالحه ، وهدرا لمصالح الشعوب العربية التي ترنو إلى ديمقراطيات كالديمقراطيات الغربية . وإن سكوت الغرب عن فظائع الانظمة العربية المستبدة سيجعل الشعوب العربية تفقد الثقة في الديمقراطيات الغربية وتعتبرها مسؤولة مباشرة عما يلحقها من ظلم وهضم .