حَرْبٌ على الإسلامِ لا الأزهر!

قلت عقب الانقلاب العسكري الدموي الفاشي: إنه حرب على الإسلام والمسلمين، وليس مجرد سطو على السلطة الشرعية التي اختارها الشعب، وإن القوى المشاركة في الانقلاب من الجماعات المدنية كارهة للإسلام وتتمنى زواله الآن قبل الغد، لأنها تتحرك من خلال تبعية واضحة للغرب الصليبي أو تعبر عن تعصب طائفي بغيض أو شهوة السلطة ونهب المال العام، أو رغبة خسيسة في رفض منهج الفطرة الرباني تفضيلا لمنهج الغريزة الحيواني وسلوك التوحش غير الإنساني.

تحقق ما قلته، وتأكد ذلك من خلال تصريحات الجنرال وسلوك أتباعه ووقائع الأحداث المتتالية، ولك أن تفسر مثلا مقولة تحرش مليار ونصف مليار مسلم بالعالم، وشماتة رئيس طائفة في الرئيس الشرعي وقوله إنه ما كان ليقبل برئيس مسلم على عرش الدولة، وكتابات الشيوعيين وأشباهم من نعال البيادة عن ضرورة التخلص من الإظلام ( يقصدون الإسلام) والإرهاب الإسلامي، وتغيير مناهج التعليم وحذف ما تتضمنه من إشارات حول الإسلام وأبطاله وقيمه وخاصة الجهاد!

ثم كان الخطاب الرسمي للانقلاب العسكري الدموي الفاشي بضرورة تغيير الإسلام وثوابته من خلال ما يسمى تجديد الخطاب الديني الذي لم تفهم الأغلبية معناه المراوغ، حيث ظنوا أن المقصود هو أسلوب الدعوة الإسلامية، ولكن القوم كانوا يقصدون المعنى بمفهومه الغربي، وهو مضمون الإسلام ذاته وثوابته الأصيلة وليس وسائل الدعوة إليه وشرح قيمه ومفاهيمه وتنقيته مما ليس منه.

ولم يكن استغلال حوادث التفجيرات الإرهابية والحملة على الأزهر، وهجاء شيخه، واتهامه بالتقصير في مكافحة الإرهاب(؟) والمطالبة بتغيير مناهجه، ثم الوصول بالوقاحة والجهل إلى حد المطالبة بإغلاقه عشر سنوات ثم فتحه بعد ذلك للدراسات العليا إلا خطوات أساسية في الحرب القذرة التي تُشنّ على الإسلام بهدف إقصائه ومن ثَمّ استئصاله! وما بالك بنظام تتجرأ فيه عالمة(راقصة) على تقديم برنامج ديني؟

إن الإرهاب الذي يحدث في شتى أرجاء العالم بدءا من منظمة كاهانا تشاي اليهودية في الكيان الصهيوني، وبادر ماينهوف في ألمانيا والجيش الجمهوري ورابطة الدفاع ألستر في أيرلندا، ومنظمة النضال الثوري اليونانية ومنظمة الوطن والحرية الإسبانية "إيتا" ومنظمة أيوكا في قبرص ومنظمة كلو كلوكس في أميركا وجيش الشعب الجديد الذراع العسكرية للحزب الشيوعي في الفلبين وجماعة أوم شينريكيو في اليابان والقوات المسلحة الثورية الكولومبية "فارك"، ومنظمة الدرب المضيء في البيرو حتى جيش الرب الأوغندي- لم تدرُس في الأزهر، ولم تتعلم وفق مناهج المدارس المصرية، ولكنها تنتمي إلى دين آخر ومعتقدات أخرى، ولكن القوم في بلادنا مدفوعون برغبة جامحة في حربهم ضد الإسلام لخدمة مموّلي الانقلابات والتفجيرات، وخاصة أولاد العم الذين يرون الإسلام أخطر تهديد لوجودهم الإرهابي الدموي الذي سطا على فلسطين وما جاورها ويحلم بالسطو على ما تبقى من أرض لتحقيق حلمه الشرير من النيل إلى الفرات.

لقد تحرش الانقلاب علنا بالإسلام حين أثار موضوع الطلاق الشفهي، وطالب ألا يقع إلا إذا كان موثقا، أي يعيش الرجل والمرأة في الحرام حتى يوثق الطلاق مأذون أو محكمة أو قنصلية، وهو يخالف ما أجمعت عليه الأمة من وقوع الطلاق شفهيا بلفظ صريح أو مجازي، تطبيقا لتعاليم- الرسول صلى الله عليه وسلم.

تولى الترويج لمسألة عدم وقوع الطلاق الشفهي نعال البيادة الذين ارتدوا عمامة الفتوى، وكان الأمر طبيعيا بالنسبة الشيوعيين وأشباههم وبعضهم لا يعرف فرائض الوضوء ولم يركع لله ركعة واحدة ، وقد فاخر بعضهم أنه لم يصلّ منذ خمسين سنة!

مثلا طرح صبيان اليهود من نعال البيادة أسئلة غريبة من قبيل: لماذا لا يكون إشهار الطلاق مثل إشهار الزواج؟ ولماذا نتمسك في وجل بفقه الأئمة الأربعة متجاهلين تغيرات الزمان والمكان؟ ولماذا في مصر وحدها خلافاً لكل بلاد فيها مسلمون تلتصق «زبيبة» في جباه الكثير من المصريين؟ ثم يحملون علماء الإسلام مسئولية نفر من السلفيين صنعتهم أجهزة الأمن، وتحركهم بأصابعها في الاتجاه الذي يخدم الاستبداد والجهل والتخلف.

 ولأن الشيوعي الذي لم يتوضأ مرة في حياته لا يعرف الفقه ولا مسائله، ولاما قاله أئمة المذاهب الأربعة والقضايا التي تعرضوا لها، ولا الآراء داخل كل مذهب  وتناولت الواقع والاحتمالات، فهو لن يفهم الإجابة على هذه الأسئلة الساذجة التي يطرحها وكأنه وصل إلى لحظة الانتصار على الإسلام والمسلمين. 

 هل رأي أحد احتفالا بالطلاق مثل الاحتفال بالزواج، اللهم إلا ما يحدث في بعض الأفلام أو تقوم به بعض العوالم والغوازي كما سمعنا مؤخرا؟ ثم إن أحدا لم يقدس الأئمة الأربعة ولكن احترام أهل العلم واجب، ومناقشة آرائهم واردة من خلال العلماء الحفظة وليس بالفهلوة الشيوعية واللعب بالكلمات، وهناك باب كبير اشتغل عليه القدماء والمعاصرون اسمه مقاصد الشريعة وفي مقدمتها المصالح المرسلة التي تعني مصالح الناس في الزمان والمكان. أما الزبيبة فليسأل الشيوعيون أصدقاءهم في أمن الدولة كيف يصنعون خدامهم ويحركونهم باللحية والجلباب والسواك والزبيبة لتشويه الإسلام وتنفير الناس منه.

وعن شيخ الأزهر، فقد شارك في الانقلاب كراهية للإخوان الذين حصّنوا منصبه من العزل، وجعلوه أبديا، وقالوا فيه وفي الأزهر قصائد عصماء، ومما قاله الرئيس الأسير في سجون الانقلاب- فك الله أسره- من خلال مؤتمر "علماء الأمة.. رواد النهضة": إن الشعب يشتاق إلى العمائم، ويرى فيها خيرًا كثيرًا، وأوضح أن الأزهر قاد مسيرة التحرر ضد المستعمر على طول الخط؛ وأنه استُهدف في العقود الماضية للتعتيم على دوره وبطولاته العظيمة.

ولكن الحملات على الشيخ بعد كل ما قدمه للانقلاب الفاشي أخذت منحى خسيسا تجاوز كل الحدود، وكأن الانقلاب يقول لداعميه مقولته الأثيرة: لا فواتير لأحد عندي وإني أفعل ما يحلو لي! انظر بعض عناوين الحملة على الشيخ: لماذا يخشى الأزهر من الحرب على الإرهاب وتجديد الخطاب الديني..؟ الإمام الأكبر الخائف من مواجهة التطرف يهرب من الأزمات لساحة الدراويش..! "الطيب" يرفض جرائم "داعش "ويأبى تكفيرهم.. والإخوان والتكفيريون يستوطنون "الأزهر"! من يعطل تجديد الخطاب الديني؟ هل يستطيعون توجيه مثل هذا لرئيس الكنيسة شريك الانقلاب؟

نعال البيادة يعدّون تجديد الخطاب الديني بمفهومهم مسلّمة يؤمنون بها وليست رفاهية، وفرض عين على العلماء لدفع البلاء عن الأمة بعدما لحق بنا من موت وخراب! وكأن الأزهر أو قل الإسلام هو صانع الموت والخراب. كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذبا. لم يقولوا إن الانقلاب والاستبداد والتفكير بالعصا الغليظة والفشل الكبير من وراء البؤس الذي يعيشه المصريون في ظل التمزق والقهر والظلم العظيم، وسواء أطيح بشيخ الأزهر أو بقي، فإن الأزهر الذي استعصى على نابليون سوف يستعصي على الدبابات والمدرعات بحول الله وقوته!

الله مولانا. اللهم فرج كرب المظلومين . اللهم عليك بالظالمين وأعوانهم!