تحت الراية الأمريكية يجتمع الأضداد

الحرب على مشروع التحرر والنهوض

باسم الحرب على التكفيريين والحرب على الإرهاب

زهير سالم*

[email protected]

في ساحة يحمى فيها الوطيس يذوب جليد الادعاءات ، ويقف جميع ( الكهنة ) حفاة عراة ، لا راية تظلل جرائمهم ومطامعهم غير راية العم سام . كل ( الكهنة ) من الطغاة المستبدين الفاسدين وبطائنهم يكشفون هذه الأيام عن عدائهم السافر لمشروع الأمة في التحرر والنهوض والدعوة إلى الحياة ، بإعلان الحرب المباشرة تحت الراية الأمريكية المبرقعة بأحمرها وأزرقها على المؤمنين بجدارة هذه الأمة ، بحضارتها وثقافتها والحاملين لبرنامجها والمدافعين عنه .

من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال على الساحة الإقليمية يتحرك الكل اليوم تحت الراية الأمريكية الواحدة راية الحرب على ( التكفيريين والإرهابيين ).

 والتكفيريون والإرهابيون على الحقيقة ما هم إلا بعض مخرجات ومفرزات : الجهل والاستبداد والفساد . فهم ظل مباشر ملازم لهذا المثلث الكريه يسقطون بسقوطه ويضمحلون باضمحلاله ..

أما ( التكفيريون والإرهابيون ) في ادعاءات هؤلاء الأشتات المدعين فهم كل طفل يفتح عينيه للنور ، وكل صبية تستقبل مع نور الصباح شعاع أمل ، هم العامل الذي يرفض أن يسرق أحد منه ثمرة عرقه ، وكل فلاح يتمسك بما تخرج أرضه . التكفيري والإرهابي على أجندة هؤلاء هم متعلم تعلم أن الأرض كروية ، ورجل رأي قال لمن سلب الأمة قرارها : من أين ؟! وإلى أين ؟!  وكيف ؟!  ولماذا ؟!

( التكفيريون – الإرهابيون ) يحاربهم اليوم تحت الراية الأمريكية المبرقعة : الولي الفقيه ، كما يحاربهم أيضا الفقيه الولي كلهم يسميهم إرهابيين وتكفيريين ويحكمهم بالإعدام بالجملة في مصر ويشل أيديهم في تونس ويباديهم العداوة والبغضاء في العراق ..

ففي زمن العري الفاضح يداري محور المقاومة والممانعة بكل فصوصه ما بدا من عورته بالراية الأمريكية دون أن ينسى تعويذته المعتادة المكرورة : الموت لأمريكا والدمار لإسرائيل .

 الفص الأسدي من هذا المحور مدعي العلمانية والقومية واليسار يؤكد كل يوم أن غازه الكيماوي وبراميله المتفجرة وقنابله العنقودية والفراغية التي تلقيها طائراته  بلا شفقة على المدن والبلدات السورية إنما تقصد هؤلاء (التكفيرين الإرهابيين ) ، الذين تقمصت أرواحهم الشريرة أجساد الأطفال في حلب وحمص والغوطة فأصبح من الواجب إبادتهم بالجوع أو بالتعذيب أو بالسارين أو بالكلور أو بالرجم بحجارة من سجيل ..

قوميو بشار الأسد بمن فيهم الحزب الرجيم حزب البعث العربي الاشتراكي من المحيط إلى الخليج لا يجدون خدشا لعذرية دعوتهم القومية ( العربية ) بالتحالف المشين مع الشعوبية الصفوية التي تصفع وجهوهم الشائهة كل حين عبر شاشات الفضاء :

يبكي على طلل الماضين من أسد ...لا درّ درك قل لي من بنو أسد

 ومن تميمٌ ومن قيسُ ومن يمنٌ ... ليس الأعاريب عند الله من أحد

   والفص الآخر من محور المقاومة التابع للولي الفقيه وبعد أن تفنن طويلا في تغيير الرايات فنادى مرة ( وازينباه ..) ، ثم لم يفتأ أن شن الغارة لحماية ما سماه محور المقاومة والممانعة ومشروعها ومستقبله ؛  لم يجد له مناصا أن يأرز أخيرا إلى جحره الحقيقي الجحر الأمريكي فيعلن أن حربه على أرض الشام إنما هي حرب على ( التكفريين الإرهابيين ) التكفيريون الإرهابيون كما يؤكد قادة هؤلاء ( النواصب ) وأتباع ( يزيد ) و ( السفيانيون )

تحت الراية الأمريكية ذاتها ( الحرب على الإرهاب والتكفيريين ) يصفي السيد الماكي خصومه السياسيين على أرض العراق. فكل من يسأله عن رقم في ميزانية ، أو عن امرأة مغتصبة في سجن ؛ هو إرهابي تكفيري يستحق الاستئصال والسوق إلى ما هو أبشع من غوانتنامو

وفي مصر السيسي (  العسكري المنقلب على الشرعية الديمقراطية ) لا تحتاج إلى كثير إصغاء لتتأكد أن جوقة الانقلابيين من عسكريين ومدنيين وسوقة ومثقفين تقدم أوراق اعتمادها بذل بالغ كجنود أوفياء في استكمال معركة الأمريكان ضد إنسان المنطقة تحت شعار الحرب على أعداء الأمريكيين ( الإرهابيين والتكفيريين )

ولن تبعد كثيرا  حتى تجد أخيرا  بعض الحكام الذين أبلغهم أوباما في زيارته الأخيرة للمنطقة أنهم قد انتهت صلاحيتهم ، وأنه محتاج ليستبدل بهم قوما غيرهم ، قوما ( عمليين استراتيجيين أذكياء ..) قد هُرعوا هم الآخرون أيضا ليبرؤوا من عقيدة ( الولاء والبراء ) ، ومن أجيال صنعوها على أن الدين يقاس بطول الثوب واللحية والسواك ، حتى ضج شبابهم وصباياهم من لغب ، ليحجزوا مكانهم تحت الراية الأمريكية جنودا أوفياء في الحرب على من صنفوهم الإرهابيين والتكفيرين .

كل هؤلاء الأضداد المتناقضين والشركاء المتشاكسين يتحدون اليوم تحت راية سالومي الأمريكية ( الحرب على التكفيريين والحرب على الإرهاب ) . والتكفيريون والإرهابيون – على أجندة هؤلاء - هم كل من يقول لكهنوت الضلال ولسدنة الانحراف وللحطمة من الرعاة ، وشر الرعاة الحطمة ، في زي ولي فقيه أو فقيه ولي أو في زي مدع للحداثة والحداثة منه براء . هؤلاء هم اليوم : كهنوت شيعي وكهنوت سني وكهنوت علماني وكهنوت ليبرالي وكهنوت قومي كلهم في مسلاخ واحد تحت الراية الأمريكية يعلنون الحرب على ( الإرهابيين والتكفيريين ) بمعنى أنهم يعلنون الحرب على هذه الأمة ومشروعها في الدعوة إلى الحياة ، الدعوة إلى الحياة وليس الدعوة إلى الموت ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ..)

               

* مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية

*مدير مركز الشرق العربي للدراسات الحضارية والاستراتيجية