أصحاب الأفكار يحلمون ويتجادلون.. ولصوص الحكم يأكلون الدجاج !
1) اثنان يحلمان ، والثالث يأكل الدجاجة :
تقول الطرفة : إن ثلاثة رجال كانوا في سفر . وكانت معهم دجاجة مشويّة . وقد تعبوا ، وجلسوا للاستراحة والطعام . وحين فكّروا بأمر الدجاجة ، وجدوا أنها لا تكفيهم جميعاً، فاقترح أحدهم أن يناموا ، ومَن يَحلم منهم حلماً، أغربَ مِن حلمَي صاحبيه ، يأكل الدجاجة وحده . وافقوا على الاقتراح وناموا . وحين أفاقوا ، روى أحدهم حلمَه ، وهو: أنه رأى نفسه في السماء السابعة . ثم روى الثاني : أنه رأى نفسه في الأرض السابعة. وحين جاء دور الثالث ، قال لهم معتذراً : إنه أفاق من نومه جائعاً ، وأراد أن يوقظهما، ليأكلوا الدجاجة معاً ، فلم يجدهما .. وحين نظر إليهما، وجد الأول في السماء السابعة، والثاني في الأرض السابعة .. فاضطرّ أن يأكل الدجاجة وحده !
2) هل تعني هذه الطرفة شيئاً ، للمعارضات السياسية ، التي تتصدّى لأنظمة الحكم المستبدّة ، في بلادها !؟ أجل .. نحسبها تعني الكثير:
أصحاب الأفكار والنظريات ، والفلسفات والآراء .. يتناقشون فيما بينهم ، ويتجادلون، ويتشاتمون أحياناً، ويتبادلون التهم ، بالجهل، أو التقصير، أو قلّة الفهم، أو سوء النية، أو ضعف الإخلاص .. أحياناً !
بينما لصوص الحكم ، الذين سطوا على السلطة في بلادهم ، لا يملكون شيئاً من النظريات والفلسفات والآراء والأفكار.. التي يتجادل حولها هؤلاء ، ويتصارعون ..!
وإذا وُجِد بعض حملة الأفكار والنظريات ، في صفّ هؤلاء اللصوص المتسلطين ، فإنّما هم مثلهم ، مجرّد لصوص صغار، يخدمون لصوصاً جهلة كباراً ، ويسوّغون لهم ما يفعلون ، من عمليات سرقة ، ونهب ، وخيانة ، وتدمير للبلاد ، وسحق للعباد..! أيْ أنهم ( مرتزقة بالكلام ) ! وهم يختلفون ، بالطبع ، عن مرتزقة السلاح، الذين يكونون ، في العادة ، جَهلة مغامرين ، يقامرون بحياتهم ، لقاء دريهمات يقبضونها ، ممّن يستأجرهم لخدمة أهدافه ومآربه !
3) مَن يتابع ، اليوم ، حركة السياسة ، في الدول المحكومة بالاستبداد ، وكلها من دول العالم المتخلف ، الذي كان يسمى ثالثاً ، حين كان في العالم (عالمان) : العالم الرأسمالي الحرّ ، والعالم الاشتراكي .. من يتابع حركة السياسة ، يشاهد هذه الصورة متجسّدة في أكثرية هذه الدول ، إن لم يكن فيها كلها : حكّام جَهلة ، يستأثرون بمقاليد السلطات في بلادهم ، ويسخّرون قوى الدولة والمجتمع للمحافظة على سلطاتهم.. ومعارضات متنوعة المشارب والتوجهات ، موزّعة الأهواء ، تتصارع فيما بينها، حول أفكار ليس لها أي تأثير، على الحكّام اللصوص ، صنّاع القرارات ، في الدول التي سرقوا الحكم فيها ..!
4) والطريف ، أن لصوص الحكم ، يتبادلون الخبرات فيما بينهم ، حول كيفية سرقة الكراسي ، وكيفية المحافظة عليها ! ( وقد وردت طرائف كثيرة ، حول هذا الأمر، قديماً وحديثاً).. بينما تعجز أكثر المعارضات ، عن الإفادة من تجارب المعارضات الأخرى ، في دول أخرى ، سواء في الأخذ بالتجارب الناجحة ، أو في تجنّب التجارب المخفقة ! ولو أردنا أن نعدّد التجارب المخفقة ، التي كرّرتها المعارضات ، في مساعيها لتحرير بلدانها من الاستبداد ، في الكثير من الدول ، لوجدناها كثيرة ..! بينما لا نرى إلاّ القليل من التجارب المخفقة ، التي تمّ تجنّبها، أو تحاشي الوقوع في مَهاويها المهلكة ! وحسْبُ المتابع، أن يستعرض في ذاكرته ، ما جرى في السنوات العشر الأخيرة ، من تجارب مكرّرة ، ناجحة ومخفقة .. ليتأكّد من حقيقة الأمر ! فهل جاء هذا كله ، على سبيل المصادفات العشوائية ، أم أن له أسباباً متشابهة ، تتعلق بطبائع الشعوب ، وطبائع اللصوص المغامرين ، وطبائع المعارضات .. منها ما ذكِر آنفاً ، ومنها ما يحتاج إلى مزيد ، من المتابعة والتدقيق ، وأخذ العبَر !؟
وسوم: العدد 722