بلْ نُرِدُ الأفْضَلَ
أحمد الصراف
كتب السيد أحمد الصراف مقالة بعنوان: (نريد وطناً مثل بلاد الكفار( مقتبساً من مقال للسيد /محمد البوادي في موقع فنكس الألكتروني تجدون نصه بعد هذه المقالة..وعندما عُرض المقالُ على معالي البروفيسور الدكتور حامد الرفاعي/رئيس المنتدى الإسلامي العالمي للحوار ورئيس المؤتمر الدولي للقيادات من أجل العدل والسلام علق عليه برسالة(بل نريد الأفضل) مع تحيات متعب العتيبي /المدير العام:
كل ما جاء في مقالة (نريد وطناً مثل بلاد الكفار( من مجادلة مقبول ولا اعتراض عليه من حيث واقع الحال والتساؤلات ..أما أن يكون الخيار في تصحيح الحال أن ندفع باتجاه المزيد من تعطيل كنوز قيمنا على غرار احتباس البعض بالفهم الخاطئ لعبارة:)إن سبب تخلفنا يعود إلى ابتعادنا عن الإسلام) أو بسبب:(البعد عن الله)وذلك بالهروب إلى تعطيل من نوع آخر لقيمنا عبر دعوة البعض إلى الالتحاق بالآخر لإقامة الحياة الأفضل على حدِ زعمهم وتوهمهم..!أليس هناك خيار آخر ..؟بكل تأكيد إنه في تفعيل محاريب العبادة العمرانية..أو محاريب الاسوق..أو محاريب الصناعات والإنتاج والإبداع..وفي إقامة التوازن والتكامل بين محاريب المساجد ومحاريب الأسواق..ولكن كيف..؟هذه مسؤولية من لا يزال يتشبث بهوية الذات وقيم الذات وثقافة الذات واستقلالية الذات..ومسؤولية المقتنعين بثقافة التكامل والتعاون والتنافس بين الثقافات والحضارات والمهارات..فالصين تقدمت وارتقت من دون الالتحاق بثقافة الآخر وإديلوجيته ومثل ذلك فعلت اليابان وسنغافورا وماليزيا وكوريا وغيرها..ونحن بالأمس كان لنا حضارة متألقة متوازنة أخلاقياً ومادياً..وكانت بلداننا منارات تقدم وإبداع يقصدها الناس من كل فج عميق..وكانت هجرة طلب العلم والتحضر والانتفاع والاستمتاع من بلاد الآخرإلى بلادنا..وحدث خلل في حركة التوازن بين العبادة الروحية والعبادة العمرانية فتخلفنا..أجل نحن نعاني من تيارين في مواجهة تحديات التقدم والارتقاء وإعادة التوازن إلى نهجنا الحضاري:تيار الجمود والانغلاق..وتيار الهروب إلى الآخر..مثلما نعاني من حماقة الفصل الشديد بين مقومات التقدم الأخلاقي والتقدم المادي..فالكيمياء والفيزياء وكل مناحي التكنولوجيا التقدم رغم أنها مؤمنة موحدة تسبح ربها..إلا أنها حيادية في أدائها البنائي المادي..فهي لا تستجيب إلا للعلماء المهرة والخبرات المبدعة بصرف النظر عن اعتقادهم الديني أو انتمائهم الثقافي..راجع إن شئت كتابي (ولكنكم غثاء) وهو متاح مجاناً [email protected]
نص مقال:(نريد وطناً مثل بلاد الكفار)
يكرر الكثيرون، عقلاء وبسطاء، مقولة إن سبب تخلفنا يعود إلى ابتعادنا عن الإسلام، ولكن هل سبب تقدم اليابان وأميركا وأوروبا، وحتى الصين وروسيا، هو قربها من الإسلام أو من أي دين آخر أصلاً؟ وهل تمسكها بالشريعة هو سر استقرارها؟ وما علاقة الدين بمصانع الطائرات، وإنتاج الصواريخ العابرة للقارات، وتجارب المختبرات، وتطوير المكتشفات؟ ولماذا تسمح حكوماتنا لعشرات آلاف خطباء المساجد بلعن الكفار والدعاء عليهم، ووصفهم بأحفاد القردة والخنازير، وأن يكون مآلهم النار، ولكن ما أن يشعر أحد هؤلاء «بوعكة» حتى يطير على طائرات الكفار لتلقي العلاج لديهم؟ ولماذا عندما نريد توفير أفضل تعليم لأبنائنا نرسلهم إلى جامعات الكفار، ولماذا عندما نمرض وبحاجة إلى دواء نرفض الحلبة والحبة السوداء والحجامة، ولا نرضى بغير أدوية الكفار، والعلاج في مستشفياتهم، وعلى أيدي أطبائهم؟ ولماذا عندما يضطر البائسون منا للخروج من أوطانهم لا يجدون غير أذرع الكفار مفتوحة للقائهم، ليبيتوا في بيوت عبادتهم، وليغسل رأس كنيستهم أقدامهم؟
ولماذا عندما تصاب دولنا بكارثة أو مجاعة، لا نطلب إلا من بلاد الكفار تقديم مساعدتنا، وإرسال الغذاء والكساء لأطفالنا؟ ولماذا إن أردنا حماية أموالنا، وحفظها من أن يسطوا الأشقاء والأخوات والأبوات عليها، ننقلها إلى مصارف وسندات وأسهم وعقارات بلاد الكفار؟ ولماذا إن رغبنا في استشارة منصفة ومحايدة وصحيحة لجأنا إلى مستشاري بلاد الكفار، وإن أردنا حماية حدودنا ووجودنا، من إخوتنا في العقيدة والأصل واللغة، فلا نجد من يقف معنا غير الكافر، وإن أردنا تثقيف أنفسنا بصحيح المعلومات، فلا نجد غير مصادر ووثائق الكفار؟ ولماذا عندما نريد زيادة إنتاج حقولنا من الغذاء، نستخدم بذور بلاد الكفار، وعندما نتعب من غسل الملابس في مياه البحر، وبأيدينا، ونريد مياه شرب نظيفة نستورد محطات التحلية منهم، ونستورد معها مكائن غسل الملابس ووسائل النقل وأجهزة تكييف هواء المكاتب والبيوت، وأحمر الشفاه، ومزيل العرق وشعر الإبط، ومعاجين الحلاقة ومنظفات الأسنان، وحتى مكانس القش؟
في بلاد الكفار لا يعتقل المواطن لأنه هاجم رجل دين. أما نحن، فالقصاص بانتظارنا.في بلاد الكفار لا يخفون المرأة خلف نقاب، ولا يحكمون على الرجل بطول ذقنه وقصر ثوبه. وفي بلادهم لا يسمحون للفتاوى بالتحكم في حياتهم، فالدستور مستقر، ونصوص القوانين واضحة.
نعم، نريد وطناً علمانياً وديموقراطياً وحراً وجميلاً كأوطان الكفار، وطناً يلقى فيه العالم والطبيب وأستاذ الجامعة، وقبلهم المعلم، باحترام لا يقل عن الاحترام الذي يلقاه رجل الدين. نريد وطناً لا يفرق بين هندوسي وشيعي ومسيحي وسنّي، فهل سنحصل يوماً على هذا الوطن، أم سنظل نلعن الغرب الكافر ونكتفي بحلم التشبه به وبنظامه وقوانينه وأسلوب معيشته، ونتوق، علناً أحياناً، وسراً غالباً، إلى التمتع بخيراته والاسترخاء في ظل عدالة قضائه والتمتع بجمال طبيعته؟
وسوم: العدد 725