الشروط المفروضة على دولة قطر من طرف الدول المقاطعة لها سخيفة تعكس سخف الذين اشترطوها
لو كانت في وجوه الذين قاطعوا دولة قطر مثقال ذرة من حياء لأحجموا عن اشتراط شروطهم السخيفة عليها لرفع الحصار عنها . ويبدو أن الشعوب العربية لدول المقاطعة ساء حظها بحكم قادة لها على هذا المستوى من السخف . والمطلع على هذه الشروط وإن لم يكن له علم بالمواثيق والمعاهدات الدولية الملزمة للدول المنضوية تحت لواء هيئة الأمم المتحدة يدرك أن الأنظمة المقاطعة لدولة قطر داست على كل تلك المواثيق والمعاهدات من خلال تعمد التدخل السافر والمرفوض دوليا في شؤون دولة ذات سيادة . فكيف تجرؤ هذه الأنظمة على المطالبة بإلغاء معاهدة عسكرية أبرمتها قطرمع تركيا ؟ وهل تستطيع هذه الأنظمة أن تجرؤ على المطالبة بإلغاء معاهدة مثيلة أبرمتها قطر مع الولايات المتحدة ؟ إنها لا تجرؤ على مجرد التفكير في ذلك ، ولئن فعلت زالت عروشها قبل أن يرتد إليها طرفها . ومنتهى جبن وخسة هذه الأنظمة أن تجرؤ على تركيا وهي دولة شقيقة ولا تجرؤ على الولايات المتحدة . ومن الواضح أن هذا الشرط مصدره الولايات المتحدة التي تريد الانفراد عسكريا بدولة قطر حيث لا تشارك قواتها قوات تركية في قواعدها على أراضيها . ومن الشروط السخيفة لدول الحصار أيضا المطالبة بتسليم أبرياء معارضين للانقلاب على الشرعية في مصر أو معارضين للاحتلال الصهيوني للأراضي العربية المحتلة . ومن المؤكد أن هذا الشرط أملته الولايات المتحدة الأمريكية نزولا عند رغبة متزعم الانقلاب الديكتاتور السيسي الذي يرغب في نفض يده من معارضيه بهذه الطريقة السخيفة والقذرة أو بالأحرى خدمة للكيان الصهيوني . ومعلوم أن الأعراف الدولية تمنع تسليم الأشخاص الذين يكونون مهددين في حياتهم لدول تطلبهم خصوصا إذا كانوا معارضين سياسيين كما هو الشأن بالنسبة لمعارضي الانقلاب في مصر الذين تعرضوا لمحاكمات صورية جائرة وباطلة . ومن شروط دول الحصار السخيفة أيضا المطالبة بمنع قناة الجزيرة الإعلامية ،وهو مطلب واضح الإجهاز على حرية الإعلام وحرية التعبير التي يلزم القانون الدولي باحترامها . ومعلوم أن مصدر هذا المطلب السخيف هو النظام الأمريكي أيضا الذي لا يقبل منافسا لإعلامه تماما كما لا يقبل منافسا عسكريا لوجوده في الخليج العربي ، وقد صادف هذا المطلب هوى في نفوس الأنظمة الخليجية والنظام العسكري الانقلابي في مصر التي تقلقها قناة الجزيرة بما تفضحه من سياسات ومواقف مخزية . ومما صار مفضوحا ومخزيا لدى الرأي العام العربي والإسلامي هو رغبة الأنظمة المقاطعة لدولة قطر في إنشاء علاقة مع الكيان الصهيوني خصوصا وأن هذا الأخير صار يشترط للتسوية مع الفلسطينيين تطبيع تلك الأنظمة العلاقة معه ، وذلك لعزل المقاومة الفلسطينية والانفراد بها بعد قطع خطوط إمدادها ، وحرمانها من القواعد الخلفية الضامنة لوجودها واستمرارها والحاضنة لها. وهل تملك الأنظمة المقاطعة لدولة قطر الشجاعة للكشف بوضوح عما صار مفضوحا تدينه كل الشعوب العربية والإسلامية، وصار عارا وشنارا . ولن نخوض في الخرق السافر للأنظمة الخليجية المقاطعة لدولة قطر للمعاهدات التي يلزمها بها الانضمام لمجلس التعاون الخليجي وعلى رأسها احترام سيادة بعضها البعض . فأين احترام هذه الأنظمة لمعاهدات مجلس التعاون الخليجي بمطالبها السخيفة الخارقة لسيادة قطر ؟ وأين احترام تلك الأنظمة لمعاهدات تنظيم الملاحة الجوية والبحرية ؟ وأين احترامها لحقوق الإنسان وحقوق المواطنين الخليجيين الذي تربطها علاقات أرحام والتي تريد تلك الأنظمة قطعها ؟ ومن المؤسف أن تستسلم الأنظمة الخليجية لمن يبتزها ماليا ويسخر منها كما فعل الرئيس الأمريكي أو كما فعل متزعم الانقلاب في مصر الذي سخر منها حين اعتبر أموالها كالأرز واعتبرها في حكم السائبة يحق له العبث بها والسخرية من سفه أصحابها الذين يبذرونها فيما لا يعود على شعوبهم وعلى الأمة العربية والإسلامية بنفع بل يصرفونها لتوطيد الجور والاستبداد ، وكان الأجدر بهم صرفها لتوطيد الشرعية والديمقراطية ، علما بأن في تلك الأموال أموال مقدسة يصرفها حجاج بيت الله الحرام من أموالهم التي يستبيحها ترامب أو السيسي للمزيد من الاستبداد والطغيان . وبقي أن نقول إن الشعوب العربية لن تغفر للأنظمة السائرة عكس تطلعاتها ، وسيأتي على تلك الأنظمة ما أتى على تلك التي انهارت ولم تجد من يقف إلى جانبها وقد خذلها من كانوا يحرضونها على الظلم والاستبداد من أعداء الأمة .