لا تحزن يا خلف
خلف العبيدي مواطن فلسطينيّ ولد في جبل المكبر عام 1957 ويعيش فيه، بنى نفسه بنفسه، جدّ واجتهد وعمل في المقاولات، وهو أحد الوجوه العشائرية المعروفة، بيته مفتوح لحلّ الخصومات حسب العرف العشائريّ، ويشهد له من يعرفونه بالنّقاء وحبّ الخير للآخرين.
خلف العبيدي ابن بلدة العبيدية شرق بيت لحم، يملك أراضي توارثها عن آبائه وأجداده في العبيديّة، واشترى أراضي جديدة أيضا، ومنها أراضي في برّيّة العبيديّة اسمها "حُجُر" مساحتها 120 دونما، وفيها اخراج قيد، ويملك حجّة بيع من عشرات المالكين في العبيديّة.
خلف العبيديّ يتمتع بعقليّة رائدة، فقد فتح عام 1983 شارعا ترابيّا في أرضه المذكورة، وافتتح فيها عام 1999 ناديا للفروسيّة، ما لبث أن أغلقه في الانتفاضة الثانية لأسباب خارجة عن إرادته. وقبل بضعة أشهر قرّر عمل قرية سياحيّة تراثيّة على هذه الأرض، فجرف في المنحدرات الجبليّة، وبنى بيوت "الشّعَر"، وفرشها بالبسط الشّعبيّة، ووضع فيها الكنبات والكراسي، وعمل الأدراج التي تسهل صعود المنحدرات، وبنى المرافق الصّحّية، ومطبخا حديثا، وزيّنها بالعلم الفلسطيني. وجهّز مكانا للخيول لمن يريد القيام بجولة سياحيّة في البراري، أو للدّير.
وهذه القرية السّياحيّة، تبعد عن آخر بيت في العبيديّة حوالي 2 كلم، وكذلك عن دير مار سابا التّاريخيّ، ومنها لا يرى الزّائر إلا جبال البراري القاحلة، منها لا يرى المرء الدّير ولا أي بيت من العبيديّة أو غيرها، خلف كان يشرح فكرته بأنّ مشروعه هذا له أكثر من هدف، أوّلها حماية الأرض، وتشجيع الامتداد العمراني لبلدة العبيديّة. وتشجيع السّياحة الدّاخليّة والأجنبيّة، وتسهيل زيارة الدّير التّاريخيّ.
زاره موظّفون من وزارة السّياحة الفلسطينيّة، وأبدوا اعجابهم بالمشروع وشجّعوه على الاستمرار فيه.
المجلس البلدي في العبيديّة أخبر خلف العبيدي بهدم المشروع بناء على طلب عطوفة محافظ بيت لحم. وقال بأنّ المجلس سيعمل جلسة "تسوية أراضي" مع الدّير.
لكنّ خلف واصل مشروعه، وأنفق عليه عشرات آلاف الدّولارات؛ لأنّه لا يرى أيّ مبرّر لإيقاف العمل في أرضه المصنّفه ضمن المنطقة"C". واتّصل بأكثر من جهة لتسهيل الأمر، وفي هذه الأثناء اعتقلت الشّرطة الفلسطينيّة ابنه محمد لمدة 24ساعة، ولاحقا اعتقلت ابنه تامر لمدّة 24 ساعة أيضا.
وصباح هذا اليوم الأحد15- أكتوبر 2017، وفي السّاعة السّادسة والنّصف صباحا قامت ثلاث جرّافات بصحبة عشرات الأفراد من قوى الأمن الفلسطينيّة بمداهمة المشروع وهدمه، واعتقال ابنه محمد الذي كان متواجدا في المكان.
ويتساءل خلف العبيدي حائرا حزينا: على أيّ أساس تمّ الهدم؟ ومن المستفيد من ذلك؟ ولمن نترك أرضنا؟ ومن سيحمي هذه الأرض من الاستيطان؟
كما أنّه يناشد سيادة الرّئيس محمود عباس بانصافه.
وسوم: العدد 742