أنواع الإدمان: أيّها أغرب.. وأيّها أخطر!؟
إنها كثيرة جداً.. وهي مدمّرة كلها ؛ كل منها مدمّر بطريقته ! وتتفاوت في قدرتها على التدمير، وتتباين فيما تدمّر ومَن تدمّر.. وتختلف في نِسب التدمير: بعضها يدمّر كلياً ، وبعضها يدمّر جزئياً ! بعضها يدمّر المدمن ، وبعضها يدمّر غيره . بعضها يدمّر البشر، وبعضها يدمّر المخلوقات الأخرى ، من حيوان وجماد ! بعضها يدمّر العقول ، وبعضها يدمّر النفوس ، وبعضها يدمّر الأموال ، وبعضها يدمّر الدول والشعوب والأمم ! بعضها معروف ، وبعضها مستور! (ولا بدّ من التفرقة ، بين العادة والهواية والحالات العرضية الطارئة ، من ناحية ، وبين الإدمان ، من ناحية أخرى !) .
ومن المناسب ، فيما نرى ، أن نصنّفها ، هنا ، أصنافاً ، تندرج تحت كل صنف منها ، أنواع معيّنة :
إدمان المسكرات والمخدّرات والتدخين والميسر (القمار) : وهذه أنواع من الإدمان معروفة ، ومعروف أذاها وتدميرها ، على نفس المدمن ، وماله ، والمحيطين به !
إدمان الغيبة والتجريح ، وشتم البشر، والتعالي على الآخرين : وهذه خاصّة بأصناف من البشر، يعانون من أمراض شتّى : نفسية، وعقلية، وخـُلقية ! أكثرها غير معروف، لديهم .. بل لا يرى أحدهم أنه مريض ، إنّما يحسب نفسه في أعلى درجات الصحّة ، والسلامة العقلية والنفسية ! ولذا هو يرى الآخرين دونه ، وينتقد عيوبهم ، ويتعالى عليهم !
إدمان الكتابة ، بأنواعها : السياسية وغير السياسية.. دون أن يكون لدى بعض المدمنين، قدرة على كتابة سطر واحد ، بلا أخطاء : لغوية ، أو أسلوبية ، أو فكرية !
إدمان الجلوس أمام شاشة التلفاز، ومشاهدة البرامج أو المسلسلات .. والجلوس أمام الكمبيوتر، والتجوّل في شبكة الإنترنت ، بهدف وبلا هدف .. على سبيل التسلية ، أو الفضول ، أوالاطّلاع !
إدمان التسوّل والنصب والاحتيال والسرقة : وهذه خاصّة بحثالات البشر!
إدمان التسلّط على البشر واستعبادهم ، والسرقة من المال العامّ ، والرشوة : وهذه خاصّة بالموظّفين العامّين ، ومَن على شاكلتهم ، من موظّفي القطاع الخاصّ !
إدمان التلذّذ بإيذاء المخلوقات البشرية ، وغيرها .. ومشاهدة الآثار المنعكسة على الضحايا : وهذه خاصّة بأنواع من المرضى النفسيّين ، المبتـلَين بمرض الساديّة ! وكثير منهم من المنتمين إلى طبقة الحكّام المستبدين ، وأعوانهم ، وموظّفيهم الأمنيين!
إدمان الادّعاء ، والتظاهر بما ليس موجوداً ، لدى المدمن ، من صفات ومؤهّلات : وهذا مرض نفسي خاصّ ، يسمّيه علماء النفس : مركّب نقص ، لدى المبتلى به ! فهو يسعى إلى تغطية نقصه ، بادّعاء ماليس فيه ، من صفات ومؤهّلات ، تجلب له احترام الآخرين وتقديرهم !
إدمان الجلوس ، على كراسي الحكم: حتى يكاد المدمن ، يصاب بالاختناق ، أو بالموت ، إذا عزِل عن الموقع الذي هو فيه ! وهؤلاء من أخطر المدمنين ، على الإطلاق ، وأشدّهم بلاءً على الشعوب التي يحكمونها ! لأن أحدهم يكون مستعداً لبيع كل شيء ، في سبيل البقاء على كرسي الحكم .. بدءاً ببيع أخلاقه الشخصية وكرامته ، وانتهاء ببيع الوطن بأسره ، ومصالح البلاد والعباد كلها ! ولديه استعداد أن يُجري في بلاده أنهاراً من دماء شعبه ، ليظلّ جاثماً على كرسي الحكم ، حتى لو علم ـ يقيناً ـ أنه مرفوض من قبل شعبه ، وأنه غير مؤهّل ، أدنى تأهيل ، لهذا الموقع الذي هو فيه !
وإذا كان الناس يحاربون أنواع الإدمان الأخرى ، في مجتمعاتهم .. فمحاربة هذه البليّة ، أوجَب وأولى ، من محاربة كل بليّة أخرى عداها! لأن هذه تدمّر وطناً وشعباً، وأمّة بأسرها ، دون أن تبدو أنها نوع من الإدمان المَرضيّ الفتّاك !
الشعوب التي تقصّر، أو تتهاون ، في مكافحة إدمان الحكّام ، في الجلوس على الكراسي: تصاب ، هي الأخرى ، مع الزمن ، بنوع خاصّ من الإدمان ، هو إدمان الذلّ والخنوع والعبودية .. مترافقاً مع إدمان اليأس والإحباط ، والخوف ، والقلق ، وعدم المبالاة بما يجري على البلاد والعباد ، من كوارث وبلايا ، يسبّبها إدمان الحاكم على الاستئثار بكرسي ليس له ، وفرض نفسه بقوّة السلاح الوطني ، على أبناء الوطن البؤساء !
وسوم: العدد 744