ترامب يشعل الحرب الدينية
بات في حكم المؤكّد أنّ الرّئيس الأمريكيّ مصمّم على الاعتراف بالقدس كعاصمة لاسرائيل، وأنّه سينقل السّفارة الأمريكيّة إليها، وهو بهذا يشعل شرارة الحرب الدّينيّة على العرب والمسلمين في كلّ مكان، وليس في منطقة الشّرق الأوسط وحدها، وبقراره هذا الذي ينتهك فيه القانون الدّوليّ، وقرارات الشّرعيّة الدّوليّة، يتحدّى العالم جميعه، وكأنّه يشعل فتيلة الحرب الكونيّة الثّالثة.
وترامب هذا وإدارته التي تمثّل الصّهيونيّة المسيحيّة الحاكمة في أمريكا، ينطلق من أيديولوجيّة دينيّة تؤمن بإقامة " مملكة يهودا" ليأتي بعدها "المشيح المنتظر" لنشر اليهوديّة تمهيدا للقيامة التي ستنهي الحياة على الأرض كما يعتقدون! وإذا لم تنتبه المؤسّسات الأمريكيّة، وعقلاء حلفائه في أوروبّا وغيرها لجنون ترامب، فإنّه سيوصل العالم إلى حرب نوويّة ستنهي الحياة على الكرة الأرضيّة فعلا.
وترامب الذي حصل على ترليونات دولارات البترول العربيّ وسط تصفيق 56 زعيما عربيّا ومسلما في زيارته للسّعوديّة، لم ولن يحترم المعتقدات الدّينيّة ولا المشاعر الانسانيّة، ولا الحقوق السّياسيّة لدول وشعوب من صفّقوا له.
ومهما كانت صيغة اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة لاسرائيل، وبغضّ النّظر عن الدّيباجة الانشائيّة التي سيصيغها له دبلوماسيّون محترفون، فإنّه سينهي ما بات واضحا بأنّه خرافة "الحلول السّلميّة". وهذا ليس جديدا على السّياسة الأمريكيّة، فأمريكا الدّاعمة لاسرائيل في مختلف المجالات، هي من كانت ولا تزال تموّل وتدعم الاستيطان الاسرائيلي في القدس وبقية الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة، لمنع حلّ الدّولتين، ومنع الشّعب الفلسطيني من حقّه في تقرير مصيره مثل بقيّة الشّعوب، وحقّه في إقامة دولته المستقلّة بعاصمتها القدس. وقد استغلّت حالة التّمزّق والتّردي والاحتراب بين العربان، لتنفيذ المشروع الصّهيوني.
إنّ قرار ترامب الذي يأتي في الذّكرى المئويّة لوعد بلفور، بشكّل خطورة أكبر بكثير من وعد بلفور على الحقوق الطبيعيّة للشّعب الفلسطينيّ، فهو بهذا القرار ينفّذ المشروع الصّهيونيّ الذي يتعدّى حدود فلسطين التّاريخيّة، ولن يقتصر على تصفية القضيّة الفلسطينيّة. وما كان ترامب ليقدم على هكذا خطوة لو كان العرب عربا والمسلمون مسلمين.
وليستبشر العرب بأنّ قرار هدم المسجد الأقصى بات قريبا لبناء الهيكل اليهوديّ على أنقاضه، وسيأتي الدّور بعده على الكعبة والمسجد النّبويّ. وعندها لن ينفع البكاء والعويل "يا أمّة ضحكت من جهلها الأمم".
وسوم: العدد 749