الممرات البرية الإيرانية لتعزيز النفوذ ومواجهة التحديات

رائد الحامد – باحث عراقي متخصص بالجماعات المسلحة وتحولات المجتمع السُني في العراق

المركز الديمقراطي العربي

مقدمة:

أثبتت المجموعات المحلية المسلحة الحليفة لإيران قدرتها على مواجهة المناهضين للمشروع الإيراني في العراق وسوريا واليمن، واستمرارها في تنفيذ السياسات الإيرانية على المدى البعيد؛ وبات مؤكدا ان تلك المجموعات المحلية أصبحت كيانات موازية للمؤسسات العسكرية لضمان نفوذ إيراني أوسع في البلدان الثلاثة مستقبلا.

وحقق المشروع الإيراني المعلن في إخضاع جغرافية ممتدة من حدودها الغربية إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط لنفوذها المباشر، أو نفوذ القوى الحليفة لها، المزيد من التقدم بعد تشكيل التحالف الدولي في اعقاباحداث الموصل 2014 التي كانت ايران في حينه تتمتع بنفوذ على ممر بري واحد عبر الأراضي العراقية وصولا إلى منفذ الوليد (مقابل منفذ التنف السوري) استخدمته بين عامي 2011 و2013، لتخرج ايران بعد خسارة تنظيم الدولة منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2017 جميع المراكز الحضرية في العراق وسوريا بنفوذ على ثلاثة ممرات برية عبر محافظتي الأنبار ونينوى.

خلفية تاريخية:

الطموح الإيراني في الوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط لم يكن طموحا تخفيه مراكز صنع القرار الإيرانية منذ نجاح الثورة الإسلامية في عام 1979 وتبنيها دعم مجموعات شيعية مسلحة تمثل “جيوشا شعبية مرتبطة بالثورة الإيرانية في العراق وسوريا واليمن، وتستلهم فكر وقيم الثورة الإسلامية الإيرانية”[1] تتشكل من منتمين للطائفة الشيعية من أبناء بعض البلدان العربية وأفغانستان وباكستان وغيرهما.

ترتبط الكثير من المجموعات الشيعية المسلحة بسياسية “ولاية الولي الفقيه” التي تُلزمها الدفاع عن إيران “والقتال إلى جانبها في حال نشوب أية حرب”[2] حتى لو تعلق الأمر بمواجهة عسكرية مع بلدها الام؛ كما ترتبط تنظيميا بمؤسسات إيرانية مثل الحرس الثوري الإيراني أو مكتب المرشد الأعلى علي خامنئي الذي يُعد مرجعا دينيا لعدد من المجموعات المرتبطة معه بـ “بيعة شرعية”[3]، ومنها “41 فصيلا أعلنت رسميا بيعتها الشرعية للمرشد الأعلى علي خامنئي من أصل أكثر من 70 فصيلا تتشكل منه هيئة الحشد الشعبي”[4].

وتتبنى إيران مشروعا يهدف إلى فرض نفوذها الإقليمي وهيمنتها على جغرافية سُنيّة “تمتد إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط ومضيق باب المندب”[5] لتأمين العمق الاستراتيجي لامنها القومي ضمن رقعة متصلة جغرافيا عبر ممرات برية تربط بين ايران وكل من العراق وسوريا ولبنان، وهي بلدان تحكمها قوى نافذة حليفة لإيران.

ففي العراق، تهيمنقوى “شيعية” على القرارين الأمني والسياسي في الحكومة المركزية التي تسيطر على الملف الأمني بمشاركة فصائل الحشد الشعبي التي تلعب “بشكل رسمي دورا في الملف الأمني”[6] خارج المهمة التي تشكلت من أجلها لقتال تنظيم الدولة بعد أحداث الموصل 2014؛ وتُعد فصائل الحشد الشعبي من القوى الحليفة لإيران التي باتت “تستحوذ على العراق”[7].

وفي سوريا اتجهت الحكومة التي يقودها بشار الأسد لتعزيز التحالف الاستراتيجي مع ايران التي وفرت له حاجته من الاستشارات والأسلحة والمقاتلين في مواجهة المعارضة المسلحة بعد عام 2011 حيث لعبت ايران دوراً مباشراً في منع سقوط دمشق و”ضرب وحشية وهمجية التيارات الإرهابية”[8]؛ ومن هذه التيارات، فصائل المعارضة السورية المسلحة التي تقاتل قوات النظام السوري الذي زجت ايران بعشرات المجموعات الشيعية المسلحةللقتال إلى جانبه.

اما في لبنان فيستحوذ حزب الله اللبناني،الحليف لإيران،على معظم السلطة “ويسيطر على قرار الدولة الاستراتيجي وقرار السلم والحرب”[9]؛ وانخرط مقاتلو الحزب في قتال المعارضة السورية المسلحة داخل الأراضي السورية منذ الأيام الأولى للحرب الاهلية السورية بشكل غير معلن حتى “اعتراف الأمين العام للحزب”[10]في مايو/أيار 2013.

ويمكن رسم تصور خاص لاهم الاهداف الإيرانية من تمويل ودعم المجموعات الشيعية المسلحة في:

الحفاظ على الامن القومي الإيراني من خلال قتال الفصائل السنية المسلحة المناهضة لإيران بهدف اضعافهااو القضاء عليها تأمين العمق الاستراتيجي للامن القومي الإيراني وحماية المصالح الإيرانية العليا من خلال دعم الحكومات الحليفة لإيران في العراق وسوريا واليمن (حكومة تحالف انصار الله والمؤتمر الشعبي العام) خلق حالة من توازن القوى بين الدول المعنية بالمنطقة والتي لها مصالح معينة، مثل الولايات المتحدة وروسيا وتركيا، بما يرجح كفة النفوذ الإيراني

المنافذ الحدودية بين العراق وايران بوابات المرور:

لتحقيق المشروع الإيراني لابد من وجود قوى محلية حليفة لها ومؤتمنة على مشروعها في البلدان المستهدفة، مثل سوريا والعراق واليمن؛ وهذا يتطلب وجود قوى محلية حليفة “جيوش شعبية” تقومبفتح ممرات برية امنة لتقديم الدعم وتأمين وصول الامدادات من ايران إلى الدول التي تتواجد فيها تلك القوى الحليفة.

جغرافيا، لا تبدو “الممرات الإيرانية” ذات مسافات بعيدة تعرقل تنفيذ الطموحات الإيرانية في الوصول إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط؛ وتبلغ المسافة البرية بين الحدود الإيرانية وشواطئ البحر الأبيض المتوسط أقل من 1300 كيلومتراً.

ويرتبط القسم العربي من العراق بثلاثة منافذ برية رسمية مع ايران؛ وهي منفذ الشلامجة 30 كيلومتراً شرق مدينة البصرة مقابل منفذ الشلامجة في محافظة خوزستان جنوب غربي ايران، ومنفذ زرباطية في محافظة واسط شرق العراق مقابل منفذ مهران في محافظة ايلام الإيرانية، والمنفذ الثالث هو منفذ المنذرية في محافظة ديالى شمال شرقي بغداد مقابل منفذ خسروي في محافظة كرمنشاهالايرانية.

تقع العاصمة بغداد على مسافة نحو 150 كيلومتراً إلى الغرب من منفذ زرباطية في محافظة واسط على الحدود مع ايران شرق العراق، وترتبط بغداد مرورا بمحافظة الانبار بكل من الأردن وسوريا بطريق بري يسمى طريق المرور السريع رقم واحد الذي يمر بمدينة الرمادي، مركز محافظة الانبار، وقضاء الرطبة، 300 كيلومتراً غرب الرمادي، حيث يتفرع بعدها إلى فرعين، الشمالي الذي يصل إلى منفذ الوليد المؤدي إلى منفذ التنف السوري، والفرع الجنوبي الذي يصل إلى منفذ طريبيل المؤدي إلى الأردن.

اما منفذ “المنذرية” فيقع في قضاء خانقين التابع لمحافظة ديالى على مسافة 100 كيلومتراً عن مدينة بعقوبة مركز المحافظة التي تقع على مسافة أقل من 55 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة بغداد؛ واستحدثت هيئة الحشد الشعبي خلال معارك استعادة تكريت في مارس/آذار 2015 طريقا بريا بطول 85 كيلومتراً يربط مدينة الخالص في محافظة ديالى بمدينة سامراء لتأمين وصولالدعم الإيراني والاستفادة منه مستقبلا في “تسهيل التواصل الجغرافي عبر أراضي محافظة ديالى بين إيران وكل من سوريا ولبنان عبر صحراء الأنبار”[11] مرورا بمدينة سامراء التي ترتبط بطريق بري مع مدينة الرمادي يبلغ طوله حوالي 100 كيلومتر.

ليس من الواضح بعد ان كانت إيران تفكر في الاستفادة من منفذ الشلامجةلنقل الامدادات إلى القوى الحليفة لها في سوريا ولبنان عبر المحافظات الجنوبية، حيث يبعد المنفذ عن العاصمة اكثر من 550 كيلومتراً في حين تبعد العاصمة عن كل من منفذي المنذريةوزرباطيةأقل من 150 كيلومتراً.

وتعد محافظة ديالى، شمال شرقي العراق، نقطة الانطلاق الأهم إلى الممرات البرية الثلاثة؛ ممر التنف السوري الذي يمر من قضاء الخالص إلى مدينة سامراء ثم إلى مدن محافظة الأنبار، الرمادي والرطبة وصولا إلى منفذ الوليد مقابل منفذ التنف السوري؛ وسيكون بإمكان ايران نقل الامدادات بعد وصولها مدينة الرمادي إلىمنفذ البوكمالعبر الطريق الاخربين مدينتي الرمادي والقائم بمحاذاة نهر الفرات؛ في حين ستستخدم ايران أراضي محافظة ديالى لنقل الامدادات عبر شمال محافظة صلاح الدين وغربا نحو مدينتي الحضر والبعاج وصولا إلى الحدود السورية.

الممرات الإيرانية الثلاثة عبر الأراضي العراقية:

الممر البري الأول (منفذ الوليد العراقي مقابل منفذ التنف السوري)

بعد انطلاق الحركات الاحتجاجية “الربيع العربي” أواخر العام 2010، شهدت عدة بلدان عربية حركات شعبية استهدفت “التغيير” من أنظمة الحكم الاستبدادية او الدكتاتوريات العسكرية إلى أنظمة تقوم على آليات التغيير والتداول السلمي للسلطة من خلال صناديق الاقتراع؛ ومنذ بداية الحرب الاهلية السورية عام 2011 ضمنت ايران ممرا بريا لنقل المقاتلين “الشيعة” والامدادات عبر أراضي محافظة الانبار إلى حلفائها في سوريا ولبنان لقتال المعارضة السورية المسلحة؛ وهو الأقرب برياً والأقل تكلفة في الامداد من الوسائط البحرية والجوية.

وتقطع قوافل الامدادات الإيرانية مسافة أكثر من 500 كيلومتراً على طول طريق المرور السريع رقم واحد الذي يصل بغداد بمنفذ الوليد على الحدود السورية (التنف السوري)؛ وتمر القوافل على هذا الطريق عبر أراضي محافظة الانبار لمسافة 410 كيلومتراً عبر صحراء غير مأهولة كان ينشط فيها مقاتلو تنظيم الدولة قبل 2014.

لكن ايران توقفت عن استخدام هذا الممر البري منذ عودة تنظيم الدولة من معسكراته الصحراوية في أوائل عام 2013 وسيطرته على معظمطريق المرور السريع إلى ان استطاعت القوات الأمنية والحشد الشعبي استعادة معبر الوليد المقابل لمعبر التنف السوري في 17 يونيو/جزيران 2017؛ ويعد “الممر البري الأول” الممر الوحيد الذي يربط ايران بالحلفاء في سوريا ولبنان قبل أحداث الموصل 2014.

ولا يزال “الممر البري الأول” خارج قدرة ايران على الاستفادة منه بعد ان أنشأ التحالف الدولي قاعدة عسكرية له في منطقة التنف السوري ومعسكرا لتدريب الفصائل المعتدلة في الجيش السوري الحر؛ وشهدت المنطقةاول”حالة صدام مباشر”[12]في 18 مايو/أيار 2017؛ لكن هذا لا يمنع ان تستفيد منه ايران مستقبلا بعد تفكيك التحالف الدولي قاعدة التنف العسكرية.

ولمواجهة الاستراتيجيات الإيرانية اقامت قوات التحالف منتصف أغسطس/آب 2016 “قاعدة عسكرية في منطقة التنف السوري عند التقاء الحدود مع العراق والأردن”[13]؛ وانشأت في يونيو/حزيران 2017 قاعدة جديدة في منطقة “الزكف”، 70 كيلومتراً شمال شرقي التنف لمنع تحالف قوات النظام من الوصول إلى الحدود العراقية؛ لكن “اتفاقا بين روسيا والولايات المتحدة أدى إلى اخلاء المعسكر ونقل الجنود والمعدات إلى قاعدة التنف”[14] في 19 سبتمبر/أيلول 2017.

وتُعد مناطق جنوب سوريا وشرقها المُستثناة من اتفاق “خفض التصعيد” بين روسيا وتركيا وايران من بين أهم المناطق لاعتبارات تتعلق بارتباطها الجغرافي بالأردن وإسرائيل جنوباً وبالعراق ثم ايران شرقاً؛ وتتمثل اهمية “الممر البري الأول” لكل من ايران وسوريا في:

ضمان بقاء الطريق البري سالكاً أمام تدفق الأسلحة والمقاتلين من إيران عبر صحراء الأنبار إلى القوى الحليفة تنشيط التجارة مع ايران والعراق لتخفيف الاثار المترتبة على تدهور الاقتصاد السوري وتراجع سعر العملة المحلية امام العملات الأجنبية الممر البري الثاني (منفذ القائم العراقي مقابل منفذ البوكمال السوري)

الحشد والحشد المقابل من قوى حليفة لإيران على جانبي الحدود العراقية السورية ساهم في تسهيل مهمة تحالف قوات النظام بالسيطرة على مناطق استراتيجية لاستباق التحالف الدولي والقوى الحليفة في الوصول إلى منفذ البوكمال الذي وصلته القوات السورية وحزب الله اللبناني “وفصائل تابعة للحشد الشعبي”[15] بعد تخلي قوات التحالف الدولي عن خوض معركة استعادة مدينة البوكمال بموجب “اتفاق بين روسيا والولايات المتحدة”[16] في 19 سبتمبر/أيلول 2017.

وتنتشر على الجانب العراقي قوات تابعة لفصائل الحشد الشعبي من شمال منفذ الوليدإلى جنوب منفذ القائمالحدودي “للدفاع عن أمن العراق من مصادر الإرهاب خارج الحدود”[17]نجحت بالسيطرة على منفذ القائم بمشاركة القوات الأمنية العراقية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 بالتزامن مع “تركيز القوات السورية المدعومة بفصائل من الحشد الشعبي جهدها العسكري للسيطرة على مدينة البوكمال السورية”[18] التي استعادتها بالكامل في 19 نوفمبر/تشرين الثاني وفرضت سيطرتها على الطرق البرية المتجهة نحو محافظتي حمص والعاصمة.

ويُعد “الممر البري الثاني” (منفذ البوكمال) أول منفذ حدودي تستعيده القوات السورية من أصل ثلاثة منافذ رسمية مع العراق تمثل نقاط العبور من ايران عبر الأراضي العراقية؛ وهو منفذ حدودي تبرز أهميته من “تواجد قائد فيلق القدس في البوكمال اثناء معارك استعادتها إلى جانب حركة النجباء”[19]، إحدى فصائل الحشد الشعبي.

وتأتي اهمية السيطرة على منفذي القائم العراقي والبوكمال السوري في وقت متقارب من قبل قوتين حليفتين لإيران في:

تحاشي المرور عبر منفذ الوليد العراقي غرب الانبار مقابل منفذ التنف السوري الذي تقيم فيه قوات تابعة للتحالف الدولي قاعدة عسكرية استخدامهفي نقل الامدادات الإيرانية إلى الحدود السورية مع إسرائيل في الجولان السوري، 70 كيلومترا جنوب غربي العاصمة الاستفادة منه في تأمين انتقال البضائع باتجاهي الحدود وإعادة “الحياة التجارية بين العراق وسوريا”[20] تسهيل مرور “خط انابيب نقل الغاز مستقبلا عبر أراضي محافظة الانبار من ايران إلى الشواطئ السورية”[21] ومنها إلى أسواق الطاقة العالمية. الممر البري الثالث (منفذ ربيعة العراقي مقابل منفذ اليعربية السوري)

دفع تواجد قوات التحالف الدولي في قاعدة التنف السوري، المخططين الإيرانيين للبحث عن ممرات برية بديلة في مناطق خاضعة لسيطرة الحشد الشعبي في منطقة البعاج كممر بري مؤقت على الحدود السورية شمال غربي العراق ضمن محافظة نينوى.

وتمثل منطقة العبور المؤقت في البعاج “الممر البري الثالث” من ايران إلى سوريا ولبنان، ويتميز موقع قضاء البعاج بأهمية جغرافية كبيرة لقربه من الحدود السورية بمسافة 40 كيلومتراً إلى الشرق منها.

والممر البري المؤقت في منطقة البعاج، هو بديل وقتي عن المسار الأصلي الذي يمتد من تلعفر وصولا إلى منفذ ربيعة العراقي، 55 كيلومتراً غرب مدينة تلعفر، ومنه بمحاذاة الحدود الشمالية مع تركيا إلى محافظة ادلب ومحافظة حمص وسط سوريا؛ وياتي اختيار منطقة البعاج كممر مؤقت نتيجة “الضغوط السياسية الدولية التي أدت إلى تغيير مسار الحشد الشعبي من تلعفر إلى مناطق البعاج”[22].

ومع نهاية مايو/أيار 2017 أعلنت قيادات في الحشد الشعبي انتزاع عشرات القرى من تنظيم الدولة “ووصولهم إلى الحدود العراقية السورية”[23] والسيطرة على مسافات مهمة من الشريط الحدودي العراقي السوري في منطقة البعاج باتجاه منفذ القائم الحدودي جنوبا على مسافة أكثر من 220 كيلومتراً قبل سيطرة فصائل الحشد الشعبي على مركز قضاء البعاج في 4 يونيو/جزيران 2017.

ويقطع “الممر البري الثالث” طريقه من ايران عبر محافظة ديالى ثم إلى شمال محافظة صلاح الدين في منطقة الشرقاط، 90 كيلومتراً جنوب الموصل، ثم غربا أقل من 50 كيلومتراً الى مدينة الحضر في محافظة نينوى ومنها حوالي 100 كيلومتراً باتجاه الغرب إلى مدينة البعاج وصولا إلى الحدود السورية؛ وهي مناطق تمتاز بانها في معظمها مناطق صحراوية تضم قرى متناثرة قليلة الكثافة السكانية على العكس من الممرين البريين الأول والثاني والذي يمر الأول عبر مدينتي الرمادي والرطبة ذات الكثافة السكانية العالية، فيما يمر الثاني بمحاذاة نهر الفرات عبر مدن الرمادي وهيت وحديثة وعانه وصولا إلى منفذ القائم ثم إلى منفذ البوكمال في الجانب السوري.

التهديدات المستقبلية على الممرات الإيرانية:

تبقى “الممرات الإيرانية” غير امنة بشكل كامل قبل تطهير مساحات شاسعة من مناطق نشاطات تنظيم الدولة الذي يشن هجماته عبر مجموعات صغيرة متنقلة في محافظات صلاح الدينوالانبارونينوى حيث مسار الممرات البرية الثلاثة، وهي مناطق مرور اجباريةللامدادات الإيرانية إلى سوريا.

وتواجه “الممرات الإيرانية” إلى البحر المتوسط جملة من التهديدات التي تجعل حركة مرور ونقل الامدادات غير امنة بشكل كاف، ومن أهمها:

تمر الممرات البرية عبر جغرافية صحراوية او جبلية وعرة في مناطق سنية مناوئة للطموحات الإيرانية تنشط فيها جماعات مسلحة، مثل تنظيم الدولة مخاطر المراقبة الجوية الإسرائيلية للأراضي السورية واستهداف حركة الامدات إلى مخازن حزب الله في لبنان، حيث تعرضت عدة قوافل لنقل شحنات الأسلحة ومواقع تخزينها في ضواحي العاصمة دمشق إلى عدة غارات جوية إسرائيلية خلال العام 2017 مواجهة الرفض الإسرائيلي للتواجد الإيراني الدائم في سوريا الذي سيسهل “نقل أسلحة متطورة إلى حزب الله عبر سوريا، ويعزز تواجد حزب الله والقوات الإيرانية على الحدود معها”[24]

الاستراتيجيات الإيرانية المتوقعة لحماية الممرات البرية:

أولاسوف تستمر القوى الحليفة لإيران في العراق باجراء”تغييرات في التركيبة السكانية لمحافظة ديالى التي كانت تقطنها غالبية عربية سنية قبل احداث الموصل 2014″[25] والتي باتت تمثل نفطة الانطلاق الأهم لنقل الامدادات عبر الممرات البرية الثلاثة.

ثانياستواجه ايران تحديات الإبقاء على سيطرة تامة على ممراتها البرية التي تمر عبر جغرافية عربية سنية في العراق وسوريا وسط موجة من خطاب طائفي يتصاعد بشكل واضح بين السنة والشيعة؛ ولمواجهة هذه التحديات يستوجب على ايران استمرار نشر القوى الحليفة لها في المناطق السنية لسنين عدة مع تحمل أعباء الانفاق عليها وتمويلها وتسليحها وتدريبها، وتوفير ما يستلزم لحمايتها من هجمات محتملة من تنظيمات سنية سواء من المعارضة السورية المسلحة او خلايا تنظيم الدولة في العراق وسوريا

ثالثاقد تجد ايران نفسها مضطرة للاستعانة بمجموعات شيعية مسلحة من بلدان أخرى للاشراف على الممرات البرية وتامينها وذلك لصعوبة تأمين مثل هذه المسافات الطويلة من قبل القوات الأمنية العراقية او قوى محلية حليفة لإيران مثل الحشد الشعبي.

رابعاسيتوجب على ايرانتحمل تبعات تحدي رفض إسرائيل “انشاء ممر بري إلى لبنان وسوريا عبر العراق يمكن ان تستخدمه من أجل تعزيز خطوط امداداتها إلى التنظيمات الموالية في البلدين”[26]؛ وسيكون على ايران استمرار نشر مجموعات شيعية مسلحة في سوريا مستقبلا وهو ما يدفعها لعرقلة أي تسوية اممية للحرب الاهلية السورية تفترض غياب دور النظام السوري القائم.

الهوامش:

[1]إيران: جيوشناالشعبيةبالعراقوسورياواليمنأضعافحجمهابلبنان،الجزيرةنت، 31 ديسمبر/كانونالأول 2014

http://www.aljazeera.net/news/international/2014/12/31/إيران-تقول-إن-لها-جيوشا-شعبية-بدول-عربية

[2]رجلدينشيعيعراقي: لونشبتحرببينالعراقوإيرانسأقفمعإيران،موقعجيبيسينيوز، 31 ديسمبر/كانونالأول 2013

http://www.jbcnews.net/article/38537-%D8%B1%D8%AC%D9%84-%D8%AF%D9%8A%D9%86-%D8%B4%D9%8A%D8%B9%D9%8A-%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82%D9%8A-%D9%84%D9%88-%D9%86%D8%B4%D8%A8%D8%AA-%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82-%D9%88%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86-%D8%B3%D8%A3%D9%82%D9%81-%D9%85%D8%B9-%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86

[3]ميليشياعصائبأهلالحقالعراقيةتبايعخامنئي،بوابةصيدا، 07 نوفمبر/تشرينالثاني 2014

http://www.saidagate.net/Show-48300

[4]الحشدالشعبي… خلفياتالتشكيل،الدوروالمستقبل،مركزالفكرالاستراتيجيللدراسات، 12 ديسمبر/كانونالأول 2016

http://fikercenter.com/political-analysis/popular-mobilization-forces

[5]شمخاني: منعناسقوطدمشقوبغدادواربيلبيدداعش،شبكةرووداوالإعلامية، 10 مارس/آذار 2015

http://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iran/10032015

[6]وزيرالنفطالعراقييبحثمعنائبرئيسالحشدالشعبيآليةحمايةآبارومنشآتالنفطفيكركوك،وكالةسبوتنيكعربي، 13 نوفمبر/تشرينالثاني 2017

https://arabic.sputniknews.com/arab_world/201711131027480524-وزير-النفط-العراقي-كركوك/

[7]ترامب: إيرانتستحوذعلىالعراقبعدإهدارأمريكا 3 تريليوندولار،موقعقناةالعالم، 2 فبراير/شباط 2017

http://www.alalam.ir/news/1919678/ترامب–إيران-تستحوذ-على-العراق-بعد-إهدار-أمريكا-3-تريليون-دولار

[8]شمخاني: منعناسقوطدمشقوبغدادواربيلبيدداعش،شبكةرووداوالاخبارية، 10 مارس/آذار 2015

http://www.rudaw.net/arabic/middleeast/iran/10032015

[9]جعجع: حزباللهيسيطرعلىقرارالدولةالاستراتيجيوقرارالسلموالحرب،موقعالنشرة، 22 أكتوبر/تشرينالأول 2017

http://www.elnashra.com/news/show/1146204/%D8%AC%D8%B9%D8%AC%D8%B9:-%D8%AD%D8%B2%D8%A8-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%8A%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B3%D8%AA%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%AC%D9%8A-%D9%88

[10]حزباللهيعترفلأولمرةبالقتالضدالثوارفيسوريا،العربيةنت، 25 مايو/أيار 2013

https://www.alarabiya.net/ar/arab-and-world/syria/2013/05/25/%D8%AD%D8%B3%D9%86-%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D9%86%D8%AD%D8%A7%D8%B1%D8%A8-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%B6%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%83%D9%81%D9%8A%D8%B1%D9%8A-.html

[11]دباباتإيرانيةعبرتمنديالىلمؤازرةميليشياتالحشدبعدفشلهافيإحرازتقدمفيتكريت،القدسالعربي، 6 مارس/اذار 2015

[12]دمشقتعلنعنخسائربشريةجراءغارةالتحالف،روسيااليوم، 19 مايو/أيار 2017

https://arabic.rt.com/middle_east/879177-الجيش-السوري-اعتداء-التحالف-الدولي-على-إحدى-نقاطنا-يفضح-زيف-ادعاءاته-في-محاربة-الإرهاب/

[13]القاعدةالبريطانيةفيسوريا..الموقعوالأهداف،الجزيرةنت، 14 أغسطس/آب 2016

http://www.aljazeera.net/encyclopedia/military/2016/8/14/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%87%D8%AF%D8%A7%D9%81

[14]القواتالأميركيةتخليقاعدةعسكريةجنوبسوريا،الجزيرةنت، 19 سبتمبر/أيلول 2017

http://www.aljazeera.net/news/arabic/2017/9/19/القوات-الأميركية-تخلي-قاعدة-عسكرية-جنوب-سوريا

[15]الحشدالشعبي: ماضونبتأمينالحدودالعراقيةالسوريةوتطهيرها،قناةالمنار، 16 سبتمبر/أيلول 2017

http://www.almanar.com.lb/2618339

[16]القواتالأميركيةتخليقاعدةعسكريةجنوبسوريا،الجزيرةنت، 19 سبتمبر/أيلول 2017

http://www.aljazeera.net/news/arabic/2017/9/19/القوات-الأميركية-تخلي-قاعدة-عسكرية-جنوب-سوريا

[17]العبادي: وجهنابالتصديلأيتعرضيأتيمنالأراضيالسورية،موقعقناةالعالم، 07 نوفمبر/تشرينالثاني 2017

http://www.alalam.ir/news/3134946/%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%AF%D9%8A–%D9%88%D8%AC%D9%87%D9%86%D8%A7-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B5%D8%AF%D9%8A-%D9%84%D8%A3%D9%8A-%D8%AA%D8%B9%D8%B1%D8%B6-%D9%8A%D8%A3%D8%AA%D9%8A-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A9

[18]الجيشالسورييحكمالسيطرةبالكاملعلىمدينةالبوكمالبدعممنالحشدالشعبيالعراقي،روسيااليوم، 09 نوفمبر/تشرينالثاني 2017

https://arabic.rt.com/middle_east/909021-%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D9%84%D9%86%D8%A7-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%8A%D8%B4-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A-%D9%8A%D8%AD%D9%83%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%B7%D8%B1%D8%A9-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D9%85%D9%84-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84-%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D9%81-%D8%AF%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%88%D8%B1-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF-%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A7%D9%82/

[19]قاسمسليمانيبرفقةميليشيا “النجباء”فيالبوكمال،موقععنببلدياونلاين، 17 نوفمبر/تشرينالثاني 2017

وسوم: العدد 752