ما بال النعرة القبلية تشتد عندنا عاما بعد عام ؟
شهدت السنوات الأخيرة تنامي النعرة القبلية الأمازيغية بوتيرة غير معهودة من قبل عندنا في بلاد المغرب ، الشيء الذي يدل على وجود من يتعمد النفخ فيها وهي منتنة لحاجة في نفسه لم تعد خافية على أحد . ومعلوم أن لفظة " نعرة " ـ بفتح النون وسكون العين ـ في اللسان العربي هي صوت النعرة ، بضم النون وسكون العين ـ وهو الخيشوم ، وسبب تسمية الخيشوم نعرة هو دخول النعرة إليه، وهي ذبابة زرقاء تتسلط على الدواب ،وتدخل خياشيمهم فتهيجهم . والإنسان إذا اعترته العصبية ، وهي حالة غضب ،وركب كبره وخيلاءه شمخ بأنفه ، وصوّت بخيشومه ، وكان هيجانه كهيجان الدابة التي تقتحم النعرة أو الدبابة الزرقاء خيشومها .
وتتعدد النعرات حسب موضوع التعصب، فتكون دينية أوقومية أوقبلية ،وبتعبير آخر حسب نوع ولون الذبابة التي تقتحم الخياشيم فتهيج أصحابها.ومع أن الإسلام وهو ديننا الحنيف قد حسم حسما مبرما في موضوع العصبيات والنعرات، ولم يترك مجالا لذبابها كي يقتحم الخياشيم التي استنشقت أريجه الزكي العبق ، فإن بعض الخياشيم لا زالت مرتعا لذباب القبلية المنتة بعد مرور خمسة عشر قرنا على إبادة دين الله عز وجل لها . وتحرص بعض الجهات على إعادة تربية ذباب العصبية القبلية في حواضن رغبة في عودتها لتسكن الخياشيم من جديد وخشية انقراضها كما كان الحال يوم أنعم الله عز وجل بالإسلام على البشرية، فصار أبيضها، و أسودها، وأحمرها ،وأصفرها بنعمته إخوانا ، ولم يعد بينهم تفاضل بالنعرات أو العصبيات العرقية والدموية واللسانية بل بالتقوى ، وصار الأكرم عند ربه سبحانه وتعالى التقي لا ذو النعرات والعصبيات . ويبحث أصحاب النعرة القبلية عندان في الأساطير والخرافات الواهية للبحث عن ذبابتهم انقرضت منذ سطوع شمس الإسلام ، و التي يرجون أن تقتحم الخياشيم من جديد لتهيجهم . وما أحوج هؤلاء إلى الانشغال والاشتغال بما هو أهم من إذكاء النعرات القبلية التي أوصى رسول الإسلام عليه السلام بالانصراف عنها والقطيعة معها ،ووصفها بالمنتنة قائلا : " دعوها فإنها منتنة " ، وتبرأ ممن دعا إليها قائلا : " ليس منا من دعا إلى عصبية " . فالمغاربة جميعا إخوة عرب وأمازيغ آخى بينهم دين الإسلام لقوله تعالى : (( إنما المؤمنون إخوة )) بأسلوب قصر يفيد الحصر ، كما آخى بينهم الوطن الأم الواحد ، فلا مبرر لمزايدة أحد على أحد في عقيدة أهلها سواسية كأسنان المشط ، ووطنية أبناؤها كأصابع اليد تتفاوت أحجامهم ،ولا تكون اليد يدا إلا بهم جميعا . فما لنا وللبحث عن تاريخ يكرس نعرة قبلية منتنة . ولو جارى دعاة العصبية القبلية الأمازيغية أمثالهم من دعاة العصبية القبلية العربية لصرنا أمام تاريخ للجاهلية العربية كتاريخ الجاهلية الأمازيغية ، وقد حسم الإسلام في أمر كل عصبية عرقية .
وأخيرا وأنا أمازيغي أبا عن جد وأما عن جد أيضا، أقول بأعلى صوتي : يا دعاة النعرة القبلية الأمازيغية دعوها فإنها منتنة ، واطردوا ذبابها عن خياشيمكم، فلقد كنا عربا وأمازيغ ضالين، فهدانا الله عز وجل ، وأذلاء فأعزنا بالإسلام ، وجعل لنا إخوة فيه من كل شعوب الأرض أبيضهم وأسودهم وأحمرهم وأصفرهم ، فلا فضل لأحد بلون أو عرق أو جنس أو لسان إلا بالتقوى ، فاتقوا الله لعلكم تهتدون.
وسوم: العدد 755