حوار بين امرأتين (1)
العلاقات الزوجية
ليلى: كيف تَسكُتين على إخضاعك للرجل؟
مؤمنة: ماالذي جعلك تَرَيْن أني أُخضعتُ للرجل؟
ليلى: أليس الرجال قوّامين على النساء؟
مؤمنة: وهل كونهم قوّامين عليهن يعني أنهنّ خاضعات لهم؟
ليلى: أليست القوامة هي السيطرة والتسلط؟
مؤمنة: لا، ليس هذا معناها، القوامة هي القيام بالأمور بشكل حَسَن وصحيح؛ جاء في القاموس؛ القوَّام: الحسَن القيام بالأمور.
ليلى: هل هذا معنى ما جاء في القرآن من أن الرجال قوّامون على النساء؟
مؤمنة: تريدين قوله تعالى: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ﴾ النساء (34).
ليلى: نعم.
مؤمنة: تفسير ذلك هو: يقومون بالنفقة عليهنّ والذبّ عنهن.
ليلى: ما معنى الذب عنهن؟
مؤمنة: الدفاع عنهن وحمايتهن وحفظهن.
ليلى: القوامة لمصلحة المرأة إذًا، وليست للتسلُّط عليهن.
مؤمنة: أحسنتِ، لقد أمر الله تعالى الرجل بالإنفاق على المرأة سواء أكانت زوجة، أم أُمّاً، أم أُختاً، أم بنتاً، بل حتى لو كانت عمّة أو خالة إذا لم يكن لها زوج أو ولد ينفق عليها ويرعاها.
ليلى: أي حرص على المرأة هذا! إنه حرص عظيم وربما لو علمت النساء اللواتي يكدحن من أجل لقمة العيش هذا المعنى للقوامة؛ لخرجن في مظاهرات في بلادهن يطالبن بفرض القوامة على الرجال.
مؤمنة: وهذا يؤكد تقصيرنا في الدعوة إلى الإسلام وشرعِهِ الحكيم القويم.
ليلى: اسمحي لي أن أسألك عن أمر آخر.
مؤمنة: تفضلي يا ليلى.
ليلى: لماذا يمنعنا الإسلام من الصلاة عندما تأتينا الدورة الشهرية؟ ألايُشير هذا إلى أننا نجِسات؟!
مؤمنة: لا ياليلى، لاتقولي هذا، المؤمن لاينجس. ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم قال (ﷺ): (إن المسلم -وفي رواية: المؤمن- لاينجس). متفق عليه.
ليلى: إذن لماذا نُمنع من الصلاة؟
مؤمنة: ولماذا تقولين (نُمنع) ولاتقولين (نُعفَى)؟ لو أن مديرة المدرسة التي تعملين فيها لاحَظَت أنكِ مريضة أو متعبة فأعفتك من الدوام دون أن تخصم من مرتبّك، ودَعَتكِ للعودة إلى البيت حتى تُشفي تماماً وترتاحي، أفتكون منعتكِ أم أراحتكِ؟
ليلى: بل أراحتني ورحمتني.
مؤمنة: وكيف تشعرين تجاهها؟
ليلى: بالامتنان والعرفان، وأشكرها وأدعو لها.
مؤمنة: كذلك إعفاؤكِ من الصلاة، ولله المثل الأعلى، فإن الله سبحانه أعفاكِ من الصلاة دون أن يحاسبك أو ينقص أجرك، لأن عدم صلاتك طاعة لربك الذي أمرك أن لاتصلي.
ليلى: ولماذا منع زوجها من معاشرتها أيام الدورة مادامت لم تنجس؟
مؤمنة: لقد وصف الله سبحانه المحيض بأنه أذىً فقال عز وجلّ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ ﴾. سورة البقرة (222).
ليلى: في هذه الآية ينهى الله عن الاقتراب مِنّا!
مؤمنة: لا ياليلى، ليس النهي عن الاقتراب كله، إنما عن المعاشرة الزوجية فقط، أما ماسِوى ذلك فجائز.
ليلى: يعني أنه يحقّ لي ولزوجي أن نأكل معاً، ونجلس معاً، وننام معاً؟
مؤمنة: طبعاً، فالأمر في الآية باعتزال مكان المحيض فقط، وهو الفَرْج، وليس باعتزالهن فيما سِوى ذلك.
ليلى: ألم يكن الصحابة يهجرون نساءهم في أيام الدورة؟
مؤمنة: اليهود هم الذين كانوا يفعلون ذلك، فعن أنس رضي الله عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة عندهم لم يؤاكلوها ولم يشاربوها، ولم يساكنوها في البيوت وأخرجوها منها، فسأل أصحابُ النبيِّ (ﷺ) النبيَّ (ﷺ)، فأنزل الله عزّ وجلّ الآية، فقال رسول الله (ﷺ): (اصنعوا كل شيء إلا النكاح).
ليلى: وقوله تعالى (قل هو أذى)؟
مؤمنة: أي أنه يسبب الأذى للمرأة والرجل، والأذى يشمل الأذى البدني والأذى النفسي.
ليلى: على هذا فإنه (ﷺ) كان يخالط أمهات المؤمنين في الحيض ويأكل معهن ويشرب؟
(يتبع غداً إن شاء الله)
وسوم: العدد 755