حسن اختيار النصوص الأدبية
يقول العلامة الاستاذ علي الطنطاوي
رحمه الله تعالى
في كتابه (فصول في الثقافة والأدب):
وأنا أتمنى أن ينتبه إخواننا مدرّسو الأدب العربي، فلا يقتصروا على بلاغة اللفظ حين يختارون النصوص والشواهد للطلاب.
إن بلاغة اللفظ هي المعيار الأول للكلام في رأي أستاذ الأدب، ولكنها لا تكفي وحدها؛ بل يجب أن ينظر إلى ما تثيره في نفس الطالب من ميول، وما توحي به من توجيه في الحياة، وما يكون لها من أثر في الخلق وفي السلوك.
1- وإن خطبة زياد -مثلاً- من أبلغ الخطب، وخطبة الحَجّاج مثلها، وهما نافعتان في تقويم المَلَكة الأدبية.
ولكن ما توحيان به من توجيه سيئٌ جداً، ففيهما إعلان خطة الظلم التي ينكرها الإسلام في أخذ البريء بالمجرم في خطبة زياد، وطريقة الاستبداد التي يأباها الدين في خطبة الحجّاج.
2- وفي دراسة نقائض جرير والفرزدق أدبٌ كثير، وهي أنفع شيء في إقامة اللسان وتقوية السليقة.
ولكنها توحي بتحسين الأعراف الجاهلية التي أبطلها الإسلام.
3- وفي شعر بشار وأبي نُواس وأمثالهما أدبٌ كثير.
ولكنّ فيه هدمَ الأخلاق ونشرَ الفساد.
4- وفي شعر أبي العتاهية أدبٌ كثير.
ولكنّ فيه قتلَ الطموح والاستسلامَ إلى اليأس.
5- وكذلك المتنبي في تزوير التاريخ وتشويه الحقيقة، حين يرفع سيف الدولة وهو طاغية ظالم (وإن كان قائداً مظفَّراً)، ويخفض كافوراً وهو من أصلح الملوك.
????????????
وأنا ما أردت الاستقصاء لكن التمثيل، لأبيّن أن أستاذ الأدب يستطيع أن يكون موجِّهاً ومُصلحاً إذا لم يكتَفِ -عند اختيار النصوص للدراسة والاستظهار- ببلاغة لفظها وصفاء ديباجتها.
بل ينظر إلى ما توحي به من خُلُق وما تشتمل عليه من توجيه.
????????????
انتهى كلام الطنطاوي رحمه الله، باختصار.
ياسر إبراهيم نجار (أبو سلمة)
وسوم: العدد 822