حكاية شعرية / البستاني وشجرة الكمثرى الهرمة
كان لبستاني في حديقته شجرة كمثرى ما عادت
تثمر منذ حين لهرمها ،
وهذا هو مآلنا نحن البشر .
فقرر البستاني منكر الفضل قطعها صباح يوم ،
وحمل فأسه ، وضربها بها ، فقالت له :
وقر سني العالية ! وتذكر الثمار التي وهبتُكها كل عام !
أنا على كل حال أدنو من الموت ، ولم يبقَ لي في الحياة
سوى زمن قصير . لا تقتل ميتة جعلت منك يوما رجلا محسنا !
فأجابها : أقطعك والألم يعتصر قلبي لحاجتى إلى خشبك .
هنالك قالت له مائة بلبل كانت تغرد فوق الشجرة :
لا تقطعها ! ما لنا سواها .
وقدمت زوجته لتتفيأ ظلالها ،
فتابعت البلابل : إننا نطرب زوجتك بعذب غنائنا ، وهي دائما وحيدة ،
ونحن الذين نزيل سأمها بغنائنا !
فصادها البستاني ، وضحك ساخرا من رجائها ،
وضرب الشجرة ضربة ثانية ،
فانبثق فورا سرب نحل من جذعها ،
وقال له : قف ! اسمعنا أيها القاسي المتوحش !
إذا تركت لنا هذه الشجرة فسنهبك كل يوم عسلا شهيا
تحمله إلى المدينة لتبيعه مشعا صافيا ، موافق ؟!
فأجابها البستاني الطماع الجشع : إنني أبكي حنانا على الشجرة ،
كيف أقصر في حق هذه المسكينة التي غذتني بثمارها في شبابها ؟!
ألفت زوجتي أن تأتي إليها لتسمع غناء عصافيرها ،
وحسبي أن هذه العصافير تغنينا وقت راحتنا ،
أما أنتِ أيتها النحل ، يا من ستكرمينني بزيادة حياتي نعمة ويسرا فسأزرع
لك كل هذه المنطقة زهورا !
وانصرف بعد ما قال ذلك مطمئنا إلى مثوبته السخية التي عرضها عليه سرب النحل ،
وترك شجرة الكمثرى تعيش ما بقي من حياتها .
احفظ جميل الآخرين إذا * حثتك منفعة على نكرانه !
حفظ الجميل خليقة محمودة * من حازها رفعت له من شانه
*الشاعر الفرنسي جان بيير دو فلوريان ( 1755 _ 1794 ) .
وسوم: العدد 871