الآثار والخلايا الشمسية”.. آخر قصائد الأبرتهايد رداً على أبو الطيب الفلسطيني
قطعت إسرائيل الكهرباء عن أبو الطيب في فصل الصيف الحار، لماذا؟ لأنه يعرّض الآثار للخطر. قطعوا الكهرباء بأمر. فالوسيلة الوحيدة التي تبرد الطعام ومياه الشرب- التي تمنعها إسرائيل أيضاً، في حرارة الغور في شهر آب، يصادرونها بالقوة. الكهرباء ممنوعة والمياه كذلك. ممنوع أن نبني وممنوع أن نقوم بالرعي… في الحقيقة ممنوع أن نعيش. كان من الأفضل لو أصدرت إسرائيل أخيراً أمراً لوقف حياة جميع تجمعات الرعاة في غور الأردن بدلاً من كل هذه الألاعيب البيروقراطية التي تنفذها الإدارة المدنية لخدمة “الهدف السامي” نفسه.
في هذا الأسبوع مثلاً، صادرت الإدارة المدنية وقوات الجيش الإسرائيلي 8 ألواح للطاقة الشمسية من ساحة بيت الفلاح سالم أبو الطيب في قريته النائية يرزا. الذريعة البيروقراطية مسلية في هذه المرة بشكل خاص، تحذير لوقف تدمير الآثار. الألواح الشمسية التي يمكن أن توفر له ولأبناء عائلته القليل من الكهرباء تؤدي إلى تدمير الآثار. هذا أمر أساسي. ولكن لا يوجد أي شيء ممتع في شمال الغور المحتل، حيث يبرز الأبرتهايد فوق كل تلة، والمستوطنات غير القانونية خضراء من كثرة المياه المتدفقة إليها، في حين تذبل القرى الفلسطينية القديمة.
على بعد ساعة ونصف سفر من مركز إسرائيل، يعيش في العام 2021 مئات الأشخاص في حرارة الغور بدون كهرباء وبدون مياه متدفقة. وفي الوقت الذي تتجند فيه جمعيات أوروبية كي توفر لها ألواحاً شمسية لتوفير الكهرباء للاستهلاك البيتي، بأموال دافع الضرائب الأوروبي، تأتي الإدارة المدنية وتصادر تلك الألواح بالقوة، وكأنها أملاكها الشخصية أو أنها سلاح محظور. الهدف واضح بشكل مدهش، وهو تنغيص حياة السكان الذين ولدوا هنا مثل آبائهم، حتى ينكسروا ويغادروا الغور، ثم استكمال التطهير العرقي. وهذا سيسهل على إسرائيل ضم الغور.
لقد سبق وسجل نجاح مؤقت في الأسابيع الأخيرة؛ فبعد أن تم تدمير بيوت قرية حمصة وأكواخها في بداية تموز للمرة الثالثة هذه السنة، لم يعد إليها حتى الآن الـ 80 شخصاً، أبناء 13 عائلة. هل تنازلوا؟ هل استسلموا؟ ثمة شك كبير. قد يعودون مرة أخرى في الخريف. لا يوجد لأصحاب هذه الأراضي أي مكان آخر يذهبون إليه ولا أي شيء يكسبون منه الرزق عدا في هذه الأراضي التي يعدّ جزء منها أراضيهم الخاصة، وجميعها أراض فلسطينية.
الزراعة الفلسطينية التي تظهر في الحقول النائية شمال غربي غور الأردن مدهشة. فهي حديثة ومتطورة، حقول وبساتين مفلوحة بشكل جيد، دفيئات ووسائل فلاحة أخرى، مشهد رائع، لا توجد حقول فلسطينية مثلها في جميع الضفة الغربية. تخيلوا زراعة بدون عمال من تايلاند، هناك أمر مثل هذا في أرض إسرائيل. فقط في الغور الفلسطيني. ولكن هنا أيضاً، في مكان بعيد عن المستوطنات، لا تتنازل الإدارة المدنية عن قبضتها الحديدية الظالمة التي هدفها السياسي معروف. التطهير العرقي يحاول الوصول أيضاً إلى هنا.
توجهت “هآرتس” في هذا الأسبوع إلى المتحدثة باسم وحدة منسق أعمال الحكومة في المناطق، وسألت عن العلاقة بين الآثار والألواح الشمسية. الجواب: “في 15 آب الحالي، تم تنفيذ أعمال إنفاذ للقانون ضد عدد من الألواح الشمسية التي تم وضعها بشكل غير قانوني في خربة يرزا في منطقة جنين. وفي إطار هذه النشاطات، صودرت المعدات التي وضعت على الأرض بشكل غير قانوني. وفي 16 آب، تم تنفيذ أعمال إنفاذ للقانون ضد طريق شُقت بشكل غير قانوني وبدون الترخيص اللازم في خربة عاطوف في منطقة غور الأردن. في نهاية نشاطات إنفاذ القانون، تم تسليم أوامر للمصادرة بخصوص جميع الأدوات التي صودرت حسب الإجراءات. أعمال إنفاذ القانون نفذت بحسب الصلاحيات والإجراءات، بما يشبه نشاطات إنفاذ القانون الأخرى التي يتم تنفيذها بشكل روتيني في مناطق يهودا والسامرة، ومنع البناء غير القانوني والحفاظ على القانون والنظام في المنطقة”.
أبو الطيب، (54 سنة)، يرتدي قميصاً أسود كتب عليه “حماية” من الأمام والخلف. عندما وصلنا إلى بيته كان يستلقي على الأريكة في محاولة لوضع نفسه في الظل، وتجمعت الأغنام في الظل، أما المهران الصغيران فكانا يأكلان تحت الشمس. كان أيضاً قد تسلم أمر هدم للجدار الذي بناه حول حقل الزيتون- السور ممنوع؛ لأن فيه مساً بالآثار كما يبدو. قال أبو الطيب إنه حين يستيقظ كل صباح، ينظر نحو الشرق والغرب كي يرى إذا كان الجيش والإدارة المدنية في الطريق إليه.
وسوم: العدد 943