أصواتُ الطبول البعيدة 4
أصواتُ الطبول البعيدة
(مختارات من الأدب الصوف)
الحلقة الرابعة
أحمد العلي
في الحَقيقةِ
لم يتكلّم اللهُ أبداً،
غَيرَ أنّ خاطِراً ما
قد عَبَرَ في إحدى اللحظات
ذِهْنَهُ؛
كانَ صَدَى صَمْتَ الكَونِ الرّهيب.
غِناءُ الطيورِ الآنَ نَسمَعُهُ،
و مِن الغناء يَنبُعُ كُلّ ما نَرَاهُ
و نلمسه.
Ω
توكارام
(الهند)
-
حين يُمسي جَسَدي مرآتَكَ
كيفَ لَهُ إذن أن يَعبُدَك؟
و عندما أعلًمُ أنّ ذهني هو ذهنُكَ
مالّذي يبقى لأتذكره؟
و كيف أُصلّي
عندما تكونُ حياتي من نسج يديك؟
و مالّذي هناك لأعرفه
وقتَ أن يصيرَ صَحْوِي كُلّهُ هو أنت؟
عندها
لستُ أحداً آخرَ سواكَ
ياربي،
و أنساك.
Ω
أكّا ماهاديفي
(الهند)
-
مِنَ العاديِّ
تكرارُ الكُتُب المُقدّسة،
بَسيطٌ تعلّمها،
الصّعبُ حقاً هو أن تحياها؛
فليسَ البَحثُ عن الحَقِّ
مُهمّةً سهلة.
تلاشَت، في قاعِ رؤاي، آخرُ الكلمات؛
فقط السعادةُ
و الصّمتُ
و الصّحوُ
مَن لاقَوني هناك.
Ω
لِلّا
(الهند)
-
هلّلويا!
يتدفّقُ الضوء من رحمك الّذي
لم يجُسّه أحد،
كوردةٍ تنفَرجُ
في الجانب الأبعد من الموت.
شجرةُ العالم تورِقُ؛
كَونَين
يصيران واحداً.
Ω
هايدغارد بنجين
(ألمانيا)
-
آهٍ، لم أكُن للعُزلةِ،
ليس عِبرَ وَضعيَ على أضألِ كوكبٍ مَقذوفٍ
خارجَ قانون النجوم..
الباطِنُ ما هو؟
إذا لم يكُن سماءً مُكثّفةً
مَرشوقةً بالطُيورِ
و سَحيقَةً
برياح العَودَةِ للوطَن؟
Ω
ريلكه
(التشيك)
-
شَذّب شُجيرات العَوْسَجِ
بُرْعُماً بُرْعُماً
و ستَبزُغُ أزهارُ اللوتَس
طَوعاً، و على رسلها.
إنها تنتظرُ سَلَفاً
في العَرَاء البَريء،
في الصّورَةِ الأولى للضّوء..
اليومُ الّذي تَشهَدُ فيه هذا الحَدَث،
ذاك اليوم
سيكونُ زَهرُ اللوتَس
هو أنت.
Ω
سَن بور
(الصين)
-
لاحِظ حَياتَكَ بَينَ نَفَسَين؛
النّفَس رياحٌ تأتي و تذهبُ
على حَدٍّ سَوَاء،
و على هذه الرياح
شيّدتَ حياتَك.
لكن،
كيفَ لقلعةٍ أن تَستَريحَ
على غيمة؟
Ω
ابن سينا
(أوزبكستان)
-
إعرِفْ حَبيبَك.
فإنّ كُلّ ما تأتي عَلَيهِ
مِن خواطرٍ و كلماتٍ و حَرَكات
دَوماً -في عَينيه الدّافئتين-
دَوماً
جميل.
Ω
حافظ الشيرازي
(إيران)
-
ما أَرْسَخَ الجبال،
لكن مجاريَ الأمواهِ فيها
تَشُقُّها
ثُمّ تمضي و تمضي..
الأَمْسُ
كتلك المجاري المُسرعة،
يَفِرُّ و يَفِرُّ..
و الأبطالُ العُظماَءُ
الّذين يسودون يوماً
يَفنون
و يفنون..
Ω
هوانق جِن
(كوريا)
-
قَدْ تصيرُ خاطِرَةً
لو أسكَنْتُكَ قلبي..
لن أقوم بذلك.
و لرُبما صِرتَ شوكةً
لو حَمَلتُكَ في عَينَيّ،
و لن أقوم بذلك أيضاً..
لكنّي
سأُنزلك في أنفاسي
هكذا
كي تكون حياتي.
Ω
جلالُ الدّينِ الرّومي
(أفغانستان)
-
لو أنّكَ تَحيى بالأنفاسِ و حَسب،
لَمَا عَذّبَكَ الجوعُ و العطشُ
أو شَهوةُ اللمس.
عِلّةُ أن تَكونَ مَولوداً
تُستوفى
في حَيّزٍ بينَ الـ”أنا” و الـ”هوَ”.
Ω
لِلّا
(الهند)
-
هذا الجَبَلُ من الرّاحَةِ؛
بدايَتهُ هي الأكثَرُ إيلاماً لصاعِدِهِ،
بادئاً مِنَ الأسفل.
كُلّما صَعَدْتَ أكثر
يَرْفُقُ بكَ الجَبَل،
حتى إذا رَقَّ المَيَلانُ
إلى حَدِّ أنّ تَسَلُّقَ صَخرَةٍ واقِفَةٍ
يَصيرُ أَمْراً هَيّناً
كانزلاقِ قاربٍ على نَهرٍ مُنحَدِرْ..
إعرِف حينها أنّكَ وَصَلْتَ حَيثُ يَنتَهي
هذا الطريق.
Ω
دانتي
(إيطاليا)