سلحوا المعارضة السورية
روبرت فورد
السفير الأمريكي السابق في دمشق
نيويورك تايمز
10-6-2014
واشنطن- في فبراير, استقلت كسفير أمريكي في سوريا, بعد 30 عاما من الخدمة الخارجية في أفريقيا والشرق الأوسط. ومع تدهور الوضع في سوريا, وجدت صعوبة بالغة في تبرير سياستنا. وقد حان الوقت لكي أترك الخدمة.
الاهتمام الإعلامي باستقالتي, أخطأ النقطة الرئيسة هنا. الأمر المهم هو أن نظام الرئيس بشار الأسد يمكن أن يلقي البراميل المتفجرة على المدنيين وأن يجري انتخابات صورية في أجزاء من دمشق, ولكنه لا يمكن أن يخلص سوريا من الجماعات الإرهابية المزروعة في كل المناطق التي لا تقع تحت سيطرة الحكومة في شرق ووسط سوريا.
كل من الأسد والجهاديين يشكلون تهديدا لمصالح الولايات المتحدة الجوهرية. الأسد يتزعم نظاما يعتبر وصمة عار للكرامة الإنسانية, حيث تسببت التكتيكات الوحشية التي يمارسها في طوفان من اللاجئين الذين يمكن أن يتسببوا في زعزعة استقرار المنطقة.
فروع القاعدة التي انضمت إلى الحرب تشكل الآن تهديدا محتملا لأمننا, كما حذر كل من مدير المخابرات الوطنية ومكتب التحقيقات الفيدرالي. هؤلاء المتطرفون يتمتعون بملاذ آمن يمكن لهم من خلاله شن هجمات ضد أوروبا أو الولايات المتحدة.
يمكن للأمريكان أن يفخروا بأننا قدمنا أكثر من 2 مليار دولار كمساعدات إنسانية لمساعدة اللاجئين السوريين. ولكن هذا مجرد علاج للأعراض وليس للمرض نفسه. يجب أن يكون لدينا استراتيجية يمكن لها التعامل مع كل من الأسد والجهاديين على حد سواء.
لسنا بحاجة لشن ضربات جوية في سوريا, كما أننا وبكل تأكيد لا نريد قوات أمريكية على الأرض هناك. ولكن ومع الدول الشريكة لنا من مجموعة أصدقاء سوريا مثل فرنسا وبريطانيا وألمانيا وتركيا وقطر والسعودية, علينا أن نكثف بقوة تدريب وتقديم المساعدات للمعتدلين في صفوف المعارضة المسلحة.
خلال العامين الماضيين, التقيت مع مقاتلين من الجيش السوري الحر مرات متعددة. هؤلاء الرجال لم يكونوا ملائكة؛ حيث أن العديد منهم كانوا ضباطا سابقين في صفوف النظام ولدى جميعهم خبرات عسكرية. لقاء للذكرى في نوفمبر الماضي تبادلنا فيه الانتقادات اللاذعة لساعات طويلة, ولكنهم بينوا بكل وضوح أنهم لا يقبلون فلسفة القاعدة بأي شكل من الأشكال. واعترفوا أنهم في نهاية المطاف مضطرون لقتال القاعدة والجهاديين الأجانب.
كما وافقوا على التفاوض مع النظام, ولكنهم شددوا في نفس الوقت على أن الأسد يجب أن يرحل. ومع ذلك فإنهم يشكون في أنهم يمكن أن ينتزعوا أي تنازلات بالنظر إلى المستوى الحالي من الدعم المادي الذي يصلهم, والمحادثات في جنيف التي عقدت في يناير وفبراير الماضي أثبتت أنهم على حق. الرسالة المستقاة من انتخابات الأسبوع الماضي هي أن حكم دمشق وجزء من دولة فشلة يعتبر بمثابة انتصار للأسد حتى لو كانت توقعاته بالنسبة لهزيمة المعارضة أمرا لا يكاد يذكر.
البعض جادل أن الطريقة الأسهل هي القبول بوجود الأسد في العاصمة والعمل مع نظامه لاحتواء والقضاء على المجموعات الإرهابية في سوريا. ولكن ذلك لن يكون في صالح الأمن الأمريكي.
التقيت الأسد مرتين شخصيا. وقد كان شخصا لطيفا, ولكن بعد ثلاثة أعوام على بداية الاحتجاجات السلمية, فإن سجله في الاعتماد على الوحشية المروعة للاحتفاظ في السلطة واضح جدا. علاوة على ذلك, فإن لدى نظامه تاريخ من التعاون الضمني مع القاعدة, كما رأينا في العراق. هذا رجل لا يمكن للولايات المتحدة أن تصطف إلى جانبه.
يعتمد الأسد الآن على إيران وحزب الله في بقائه, ونفوذ إيران في سوريا مرشح للبقاء طالما بقي الأسد. ومع ذلك فإنه من غير المحتمل أن يقاتل حزب الله لتطهير شرق سوريا من الجهاديين. لا شيئ من هذا يصب في خدمة المصالح الأمريكية.
للتأكيد, ليس هناك حل عسكري, ولكن من الممكن إنقاذ شيء ما في سوريا من خلال تجهيز الظروف لمفاوضات حقيقية باتجاه تشكيل حكومة جديدة. وهذا الأمر بحاجة إلى تمكين المعارضة المسلحة المعتدلة.
أولا, الجيش السوري الحر بحاجة إلى دعم مادي أكبر وتدريب بحيث يستطيع شن حرب عصابات فعالة. وبدلا من محاولة حصر المعارضة في المدن حيث يمكن لطائرات النظام الحربية والمدفعية قصفها, فإن المعارضة المسلحة بحاجة إلى المساعدة لإيجاد تكتيكات لقطع طرق الإمداد الحكومية وتجاوز نقاط الدفاع الثابتة.
لتحقيق ذلك, يجب أن يملك الجيش السوري الحر المعدات العسكرية, التي تشمل الهاون والصواريخ من أجل دك المطارات لعرقلة عمليات الإمداد الجوية وتقديم صواريخ أرض جو وفق ضمانات معينة. تقديم هذه القدرات الجديدة للمعارضة المسلحة سوف يهز من ثقة جيش الأسد العسكرية.
حتى إيران سوف تعيد النظر في أمان رحلات الإمداد الجوية التي تسيرها إلى سوريا. هذا الحذر سوف يدعو الإيرانيين إلى التفكير وقد يدفع إيران للانضمام إلينا في الدفع نحو مفاوضات جادة.
تقديم الرواتب القليلة إضافة إلى إمدادات من الطعام والدواء والذخيرة, سوف تضع قوات المعارضة المعتدلة على قدم المساواة مع جماعات القاعدة التي طالما عرضت هذه الإغراءات لتجنيد المقاتلين السوريين. قادة الجيش السوري الحر عادة ما يعترفون لي بالحاجة إلى مثل هذه الأمور الأساسية.
زيادة حجم المساعدات يجب أن تكون ضمن تفاهم مفاده أن على المعارضة أن تقوم بتغييرات كبيرة أيضا. الأمر الأكثر أهمية, هو أن الطائفية ضمن المعارضة السورية تعيق الاتفاق السياسي. إن معاقبة المقاتلين الذين قاموا بالقتل والاختطاف على أساس طائفي سوف يساعد في إقناع أنصار الأسد أنهم يمكن أن يثقوا بيد المعارضة التي تمتد لهم على طاولة المفاوضات.
قيادة المعارضة في الخارج يجب أن تنسق بشكل أفضل مع الناشطين والمقاتلين على الأرض. لقد عملت كدبلوماسي في العراق لحوالي خمسة أعوام, ورأينا الحجم الصغير من النفوذ الذي تملكه معارضة الخارج.
ليس لدينا خيارات جيدة في سوريا بعد الآن. ولكن من الواضح أن هناك خيارات أسوا من أخرى. المزيد من التردد وعدم الرغبة في تمكين مقاتلي المعارضة المعتدلين للقتال بصورة أكثر فعالية ضد الجهاديين والنظام سوف يسرع وبكل تأكيد اليوم الذي سوف يتعين فيه على القوات الأمريكية التدخل ضد القاعدة في سوريا.