ابن الذبحيين
المعتز بالله عبد الرحيم
((مجموعة من الرجال من زعماء قريش جالسون و يدخل عبد المطلب مع ابنه الحارث))
عبد المطلب : أسعدتم صباحاَ أيها القوم.
المجموعة : أسعدت صباحا يا عبد المطلب كيف حالك ؟
عبد المطلب: حمداَ للرب يا قوم إن لدي أمرا أريد أن أصارحكم به
شخص1 : و ما هذا الأمر العظيم الذي تريد أن تخبرنا به يا عبد المطلب
عبد المطلب: إني رأيت في المنام إذ أتاني آت و قال لي احفر بئر طيبة
فقلت و ما طيبة فذهب عني.
شخص2 : يا عبد المطلب شخص جاءك في المنام و قد جعلت الأمرعظيماَ فكيف إذا جاءك بشحمه و لحمه إنها أضغاث أحلام
عبد المطلب: إذا كان الأمر لمرة واحدة كنت سأقول ما تقول و لكن إن هذا الأمر صار يتكرر لليوم الرابع و لم اشعر إني في المنام
شخص1 : فماذا يأمرك هذا الضيف الذي هز كيانك
عبد المطلب: في اليوم الأول قال لي: احفر طيبة قلت: و ما طيبة؟ فذهب عني, في اليوم الثاني قال لي احفر برة, قلت: و ما برة ؟
فذهب عني في اليوم الثالث قال: لي احفر المضنونة, فقلت:
و ما مضنونة ؟ فذهب عني , في اليوم الرابع قال : احفر زمزم, قلت : و ما زمزم ؟ قال لا يفرغ ماؤها و لا يلحق قعرها تسقي الحجيج و هي بين الفرس و الدم عند نقرة الغراب الأعصم عند قرية النمل.
شخص 1 : و ماذا بعد ؟
عبد المطلب: فعندئذ أردت أن أخبركم إذا أردتم المشاركة معي في حفرها
شخص 2 : يا عبد المطلب لو لم أعلم أنك راجح العقل نظيف الفكر و سيد القوم لقلت كلاما آخر أي شخص هذا و أي حفر هذا
شخص1 : يا عبد المطلب دعك من هذا الأمر الذي يشغلك و اعتقد أن تفكيرك في أوضاع الحجيج جعلك ترى الماء و تبحث عن الماء حتى وقت راحتك.
شخص 2: قم يا رجل لنرفه عن أنفسنا و أننا لو بقينا هنا فترة أخرى سيجعلنا عبد المطلب نرى في المنام أشخاصا يأمروننا بحفر أرض بلاد الحجاز
(( ينصرف القوم و يبقى عبد المطلب و ابنه الحارث))
الحارث : يا أبتي ألم أقل لك لا تحدث القوم, بما رأيت إنهم لا يفقهون شيئا
عبد المطلب: يا بني إنني متأكد مما أقول و إن الرب لعينني على رؤية المكان و حفر البئر, اذهب و اجلب المعول و لنبحث لعلنا نصل إلى غايتنا
((ينصرف عبد المطلب و ابنه و بعد فترة يدخل المجموعة))
شخص 1: إنني لا أصدق أبدا هذا الأمر العجيب! إنني كنت أظنه يتقلب في فراشة فيرى ما يرى
شخص 2: لولا أنه من أسياد القوم لقلت عنه كلاماً انشره في شعاب مكة, و لكنه يبدو صادقاً في رؤياه و في قوله
شخص3: لماذا لم تخبرني بالأمر؟ لو أخبرتني لأرسلنا معه بعض غلماننا لمساعدته حتى نشاركه و بما يسعى الآن من أجله
شخص1: ماذا تقول أيها الرجل ألسنا من أبناء إسماعيل؟ فنحن شركاء ؟
شخص2: نعم الرأي أيأخذ سقاية الحجيج و الرفادة و الفضل و احترام الناس وسيادة وقريش؟ فلنذهب إليه حتى نبلغه برأينا و قرار قريش
((يدخل عبد المطلب و ابنه و عليهما اثأر التعب))
شخص 1: ها قد جاء عبد المطلب نفسه.
عبد المطلب : عن ماذا كنتم تتحدثون أيها القوم
((قالوا كنا نقول ها قد جاء عبد المطلب ))
شخص 2: يا عبد المطلب أنك تقوم بحفرة بئر أبينا إسماعيل و إننا أولاده و لنا فيها حق فأشركنا معك فيها .
عبد المطلب: ماذا تقولون ؟ إنني أخبرتكم بما جرى معي أراد بعض منكم أن يصفني بالمجنون , و إن هذا الأمر قد خصصت به دونكم و أعطيته من بينكم و ما أنا بفاعل
شخص 1: ما تقول يا عبد المطلب ؟ هل تريد أن تحرمنا من حقنا في بئر أبينا إسماعيل
شخص 3: يا عبد الله أنصفنا فانك سيد الإنصاف , و أنت تعلم أننا لن ندعك و شأنك حتى نخاصمك فيها .
عبد المطلب : اجعلوا بيني و بينكم من شئتم أحاكمكم إليه
شخص 2 : يا عبد المطلب سنذهب إلى كاهنة بني سعد هذيم لتفصل بيننا
عبد المطلب : فلنذهب يا قريش إلى تلك الكاهنة و إن أعانني رب الرؤية على ذلك و أعطاني من الأولاد عشراً يساعدوني و يعينوني على حفر البئر لسقاية الحجيج سأقدم واحداً منهم فداء لرب زمزم
(( ينصرف القوم و هنا يقدم المقدم رحلتهم لقد غادروا إلى كاهنة بني سعد هذيم على أطراف الشام و ركب عبد المطلب و معه نفر من بني ابيه عبد المناف و ركب من كل قبيلة من قريش نفر و ساروا في رحلتهم ,حتى وصلوا بينا الحجاز و الشام نفد الماء معهم حتى أيقنوا بالهلاك و ارتفعت الأصوات بالآراء فقالوا ؟ فليحفر كل واحد حفرته فمن مات يدفنه أخوه و لما باشروا و قعد كل واحد في حفرته قال :عبد المطلب إن إلقاءنا بأيدينا هكذا للموت لعجز. فلنضرب في الأرض عسى الله يرزقنا ماء فلما تقدم عبد المطلب إلى راحلته فركبها انفجرت من تحت خفها عين ماء عذب فكبر و شرب و شرب القوم و قالوا قضي لك علينا يا عبد المطلب والله لا نخصمك في زمزم أبدا إن الذي سقاك هذا الماء بهذه الفلاد له الذي سقاك زمزم و عادوا و حفر عبد المطلب زمزم ز مات ابنه الحارث خلال الحفر و تحققت أمنيته و قد أعطاه الله من الأولاد عشرة فهل سنفذ عبد المطلب و عده ونذره ))
المشهد الثاني
الزبير: كيف حال أم الحارث يا ضرار.؟
ضرار: إنها في حالة يرثى لها فهي حزينة و لم تتبسم منذ أن فقدت آخانا الحارث
الزبير: إن مصيبتها عظيمة فقدت ابنها الكبير أمام عينها لقد كان في زهرة شبابه
ضرار: اخفض صوتك يا زبير إنها قادمة ألينا حتى لا تسمع ما نقول
((تدخل زوجة عبد المطلب أم الحارث))
الزبير : أهلا بك يا أم الحارث كيف الحال
أم الحارث : بخير إنكما تتهامسان فاخبراني عن ماذا كنتما تتحدثان
ضرار: كنا نتحدث لنبشرك برجوع سيد القوم من تجارته في اليمن
أم الحارث : اجل يابني . ولكن كيف تكون البشرى و قد عاد من تجارته منذ ثلاثة أيام و لم أره
الزبير: ماذا تقولين يا خالتي لو لم يكن هناك أمر هام يشغله هذه الأيام لأتاك فأنت أم الحارث
ام الحارث: آه .00 كلا يا بني لقد أصبحت سجينة في دار عبد المطلب يتركني, و إنني أصبحت مثل كيس ثقيل على ظهر صاحبه لا
يصدق متى يرمي به إلى الأرض
ضرار: إنك في واد آخر يا أم الحارث و انك تجهلين عن أبينا كثيرا هذه الأيام هناك أمر خطير يشغل القوم
الزبير: نعم يا خالتي إن سيد القوم عبد المطلب منذ أمس أمام خيار صعب في حياته و إذا كان ابنك العزيز الحارث قد آتاه القدر أثناء
حفر زمزم و هو لا يدري فإننا نرى القدر بأم أعيننا
أم الحارث: و ما هو هذا الأمر الخطير يا بني
ضرار: ألا تتذكرين ذلك اليوم حينما كان يحفر بئر زمزم خاصمته فيها قريش فقال لئن أعانه رب زمزم و رزقه من الأولاد عشرة
لأضحين بواحد منهم فداء و قربانا
أم الحارث : نعم نعم هذا اليوم اقلقني جدا و يا بوس ذلك اليوم لأنني عرفته سيكثر من الزيجات من اجل بئر زمزم
الزبير: لقد سمعته يتحدث مع أم العباس بأنه قد حان وقت وفاء نذره وإن أولاده الذكور أصبحوا عشرة كلهم على قيد الحياة
ضرار: إنني على يقين إن سيد لقوم سيفي بنذره و يضحي بأحدنا لما لقي من رب زمزم العناية و العون على قريش
الزبير: إن الخبر سمع بها آل عبد المطلب و هم في قلق و اعتقد أنهم سيجتمعون عندك يا أم الحارث
أم الحارث : ما هذه المصيبة رغم تمنيت لو كان الحارث بينكم في هذا النذر.
(( يدخل عبد المطلب معه أولاده و شيخ القداح))
عبد المطلب : كيف حالك يا أم الحارث اعلم انك عاتبة علي و لكن يشغلني أمر مهم
أم الحارث: يا شيبة قد أكون معاتبة ثلاثة أيام و لا أراك و لكن عندما
علمت من مصابك الذي أنت فيه فقد أنفحت جروحي و تمنيت لو كان الحارث معهم
عبد المطلب : هوني عليك000 يا أبنائي لقد جمعتكم اليوم و معي شيخ القداح و أنتم تعلمون بأنني نذرت للرب حينما كنت احفر بئر زمزم بأنه لو جاءني عشرة من الأولاد يعينوني ,لأضحي بواحد منهم و قد أعانني الرب كما تعلمون و تعلم قريش ذلك, و حان وقت وفائه فسيكتب شيخ القداح اسم كل واحد منكم, فمن خرج اسمه فهو ضحية لرب زمزم
أم الحارث: يا شيبة ما هذه الشريعة القاسية التي تجعل للآباء على الأبناء حق الموت والحياة يا شيبة لقد فقدت ابنك الحارث وأنت تحفر بئر زمزم فليكن هو القربان و الضحية لرب زمزم
عبد المطلب: يا أم الحارث إن الرب خصني بالرؤيا و أعانني على الحفر و أعطاني من الأولاد عشرة و ما أنا بالذي يخلف الوعد ولو قلت بأنني سأضحي بجميع أولادي لفعلت هيا يا شيخ القداح اضرب على بني هولاء بقداحهم و أخبارهم بنذرهم (( سوف تتم عملية القداح و ينادي بأسمائهم الزبير, ضرار, أبا طالب أبا لهب , حمزة , المغيرة , نوفل , العباس, عبد الله, لقد وقع الاختيار على عبد الله ))
عبد المطلب: يا عبد الله أن الرب اختارك ضحية لماء زمزم حتى نسقي الحجيج الذين يأتون لزيارة بيت أبيك إسماعيل و سيذكرك العرب في مجالسهم
أم الحارث : يا عبد المطلب فلنترك القداح و أمر القداح, إن النور الذي في جبين عبد الله لجدير بإبقائه و التنعم بحياته
عبد المطلب : يا قوم على الرغم من أني حزين على فقد ولد ثان من أجل ماء الحجيج وقد فقدت الحارث من قبل و لكني في الوقت ذاته أشعر براحة للوفاة بالعهد و النذر و الذي قدمته للرب فهيا إلى الكعبة لتفيد الأمر
(( يذهبون إلى الكعبة و القوم مجتمعون ))
عبد المطلب : يا قوم يا بني هاشم و مخزوم و قريش لقد أعانني الرب على تحقيق أمنيتي يا قوم اشهد كم بأنني سأوفي بنذري و سأقدم و لدي عبد الله ضحية لرب زمزم و هو أحب أولادي إلي
المغيرة : ماذا تقول با عبد المطلب أتذبح ابنك عبد الله
عبد المطلب: هذا نذر علي
المغيرة : كيف تذبحه يا عبد المطلب إنك لو فعلت هذا الأمر لقام الناس بنذر أبنائهم و انقرض الناس على وجه الأرض
عبد المطلب : لا تفيد الأموال مقابل النعيم التي أنعم علي رب زمزم
فاطمة : والله لا تذبحنه أبدا حتى تعذر فيه, فان كان فداؤه بأموالنا فديناه
المغيرة: يا عبد المطلب لن تقوم بهذا العمل انطلق به إلى الحجاز فان به عرافة لها تابع فاسألها ثم أنت حر في ذلك إن أمرتك بذبحه فاذبحه و إن أمرتك بآمر لك و له فيه فرج فافعله
فاطمة: يا عبد المطلب إذا كان قلبك قد قّدّ الصخرة فاجعله يرق على ابنك الشاب الذي ينبعث من جبينه نور لا نراه في شباب مكة اجعله يرق على أمه و أخوانه و أخواته دعنا نحتكم في هذا الفتى إلى رب هذا البيت فهو أوسع منك رحمة
المغيرة : انطلقوا إلى ارض الحجاز فانظروا ماذا ييسر الرب لكم
(( يذهب القوم و ينطفئ الأضواء لفترة ثم يبدأ الحوار))
المغيرة : لقد تأخر عبد المطلب في سفره هذا
الزبير : لعل رب زمزم قد أرشدهم إلى خير من خلال تلك العرافة
((يدخل غلام على القوم ))
الغلام : يا سيدي يا سيدي قد دخل سيد القوم إلى مكة
((يقوم القوم و يدخل عبد المطلب و يجلسون حول عبد المطلب))
المغيرة : حمدا لله سلامتكم عسى الخير معكم
عبد المطلب : نقول خيرا
المغيرة : اخبرنا ماذا أخبرتكم العرافة فان نارا تشتعل في أحشائنا
عبد المطلب : لقد أتينا العرافة وقصصت عليها الحادثة ما نذرت به فقالت اتركوني حتى يأتيني تابعي فاسأله
المغيرة : حسناَ جداَ و ماذا بعد
عبد المطلب: ثم رجعنا إليها في الغد فقالت: كم الدية فيكم قلت عشرة من الإبل فقالت : اضربوا عليها بالقداح, فان خرجت على صاحبكم فزيدوا من الإبل فانحروها عنه فقد رضي ربكم و نجا صاحبكم
المغيرة : نعم الرأي, و لتطمئن قلوبنا و لنفعل ذلك و لو فديناه بكل ما نملك يا صاحب القداح تعال و افعل ما اخبرنا به عبد المطلب
((عملية القداح و العشرين و يزاد حتى يصبح مئة من الإبل ))
المغيرة: يا عبد المطلب ها قد رضي ربنا و نجا ابننا و قد قبل مئة من الإبل
عبد المطلب : يا مغيرة أصارحك القول لم يطمئن قلبي فليفعل صاحب القداح ثلاث مرات فقط
المغيرة : ماذا تقول يا عبد المطلب نجا ابننا و قد رضي ربنا بمئة من الإبل و فعلنا و مثلما طلبت منك العرافة
عبد المطلب : يا مغيرة اعلم انك خاله و تحرص على حياته ولكن هذا نذر لا مفر منه فليفعل ثلاث مرات أخرى ليطمئن قلبي
المغيرة : افعل يا صاحب القداح, افعل ما يقول عبد المطلب إنه يريد أن نذبح أبناءنا
(( يفعل ثلاث مرات و النتيجة القبول بمئة من الإبل ))
المغيرة: ها قد رضي ربنا هل اطمئن قلبك يا عبد الطلب
عبد المطلب : أشكرك ربي على نعتمك وقبولك نذري يا عبد الله يبدو أن لك شأناً عظيما يا قوم ستذبح الإبل بين الصفا و المروة وإنها حرام علي و على أولادي و بني هاشم مباحة للناس و الحيوان و الطير
فاطمة : يا عبد المطلب فليكن الفرح أفراحا قبول النذر و نجاة عبد الله فأرى أن تزوجه من تلك الفتاة التي ذرفت الدموع دماً على ذبح عبد لله
عبد المطلب : نعم ما تقولين فمن هي صاحبة الحظ السعيد هذه التي اخترتها يا أم عبد الله
فاطمة : إنها فتاة طاهرة عفيفة زعماء العرب يتمنونها لأبنائهم إنها آمنة بنت وهب
عبد المطلب : نعم أكاد ألا أصدق فداء و نجاة عبد الله و زواجه فليقم الفرح في شعاب مكة بعد هذا الأمر العظيم
( (ينصرف القوم و يبقى و امرأة ))
امرأة : يا عبد الله سأدفع لك ما تريد من الأموال و ارفض الزواج من آمنة بنت وهب و لتكن لي زوجا و سيدا
عبد الله : لا استطيع إن أمر والدي فوق كل أمر فداني بكل ماله للبقاء على حياتي و هو الذي اختار و قرر فأنا رهن أشارته
المرأة : إن صدق بن نوفل فيما يقول فقد حظيت آمنه بذلك النور الذي يشع من جبينه و ستكون لها به شان عظيم
المشهد الثالث
عبد المطلب : يا بني قد كتب الرب لك الحياة جديدة و زوجناك فتاة هي سيدة القوم في قريش و تتخذ لك حظا من التجارة لان الأيام لا ترحم الغافلين
الزبير : نعم يا عبد الله, لقد سافرنا إلى الشام و العراق و الحبشة و لابد من الصراع مع الحياة
عبد الله : أنا طوع أمرك يا أبتاه و لقد كنت صابرا قويا ككل قريشي ألم تر كيف كنت ابتسم للموت يوم الفداء و لكن آمنة لم تتعود على السفر
الزبير: نعم يا عبد الله في الرحلة مع بني عمك تسلية لك و كن حريصا حتى تعود ثريا مثل أصحابك الذين سيرحلون الى الشام
عبد المطلب : لا يا بني ستعود إليها باسما كما عدت لأمك و أخواتك باسما للحياة و بلغها سفرك إلى الشام
عبد الله : سمعا و طاعة يا أبتاه
عبد المطلب : ها نحن ذاهبون أيضا لنخبر أولاد أعمامك
(( ينصرف عبد المطلب و ابنه الزبير و تدخل المرأة ))
المرأة : كيف حالك يا عبد الله أراك مضطربا و قلقا كأنك تحمل أحمالا ثقيلة
عبد الله : إني استعد للسفر إلى الشام للتجارة
المرأة : إنك لم تسمع كلامي حين قلت أريدك سيداً للبيت و سوف أكون تحت قدميك فسمعت كلام أبيك
عبد الله : لا بد من تنفيذ كلام أبي كما تعلمين و إذا بقيت راغبة في إلى حين عودتي من الشام فسأطلب يدك
المرأة : كلا يا عبد الله لقد عرضت نفسي عليك لأ نني كنت أرى في جبينك نورا يشع كالقمر و اللؤلؤ و الياقوت فأما آلان لا أرى ذلك النور بل انتقل إلى آمنه بنت وهب و حظيت بتلك السعادة
(( ينصرفون و تدخل أم الحارث و فاطمة ))
أم الحارث : يا لها من ليال حزينة تمر على بيت عبد المطلب كتب على سيد القوم أن يشرب مرارة الموت و الفراق فتى في العشرين من عمره يغيب عن ناظريه فجأة
فاطمة : انه أمر عجيب يا أم الحارث نذر الغلام للرب و فداه و رحلة و تجارة إلى الشام و مرض و موت في يثرب ان في حياة هذا الفتى أسرار
أم الحارث: و كيف حال آمنه بعد وفاة عبد الله
فاطمة : كان الأمر عليها عظيما عندما عاد العباس من يثرب و اخبر القوم بوفاة عبد الله
أم الحارث : إن الجنين الذي في بطنها ليصرف عنها الحزن و يملأ نفسها صبرا جميلا
فاطمة : و هو كذلك و لكنها تتذكر دائما تلك الرؤيا فتعود بها الذاكرة إلى الوراء
أم ا لحارث :أي رؤيا
فاطمة قبل سفر عبد الله رأت رؤيا بأنها كانت في روضة من رياض و جواهر معلقة فسقطت جوهرة في حجرها فلم تتمكن من ملامستها من شدة نورها فاخبرت عبد الله بذلك ذهب إلى الكاهن لتفسرها
أم الحارث : و ماذا بعد
فاطمة : قال له إن الروضة صحيح و إن الجوهرة حمل لك و انه صبي فأما النور فانه سيكون له شان عظيم عند الناس يهديهم إلى الطريق الحق و ها هي في أيامها الأخيرة
أم الحارث: إن هذا الجنين أحق الناس بالعزاء لأنه سيخرج إلى الحياة يتما بدون أب ((يدخل غلام ))
غلام : ماذا تفعلان هنا إنني ابحث عنكما لتساعدوا آمنه فاطمة كيف حالها
الغلام : يا سيدتي إنها لا تتألم و لا تتوجع بل تنام نوما هادئا و تهمس قائلة بأنها ترى نورا يملا الأرض من حولها
(( ينصرفون بسرعة و يدخل عبد المطلب و ابنه ضرار و بعض أولاده))
عبد المطلب : إني أرى في حياة عبد الله و زواجه من آمنة إسرارا و إني أرى في الهواء أرواحا تتناجى
ضرار: إن الرب قد جعل لكل شيء قدار و انه يظهر العجائب لبعض الناس و يخفيها عن آخرين
(( يدخل حمزة مسرعا ))
حمزة :أبتاه أبتاه أزف إليك بشرى
عبد المطلب : اهدأ وما هذا البشرى يا حمزة
حمزة : إن آمنة وضعت أروع و أجمل و أبهى صبي و إن النسوة يقلن بأنه نزل ساجدا ليس كبقية الصبيان
عبد المطلب : اذهب إلى أعمامك و أخواتك فلينحروا الإبل لأهل مكة و ليطعموا الناس
حمزة : أنا ذاهب يا سيد القوم
عبد المطلب : بورك فيك يا ولدي على هذه لبشرى
حمزة : لقد سمعت إنا أبا لهب اعتق جاريته ثويبة عندما أخبرته بولادة آمنة
عبد المطلب : نعم ما فعل و لكن قبل كل شيء اذهب إلى أمنه و قل لها بان أبي سماه محمدا
حمزة : يا أبتى أنت تعلم إنا آمنه آتاها آت في المنام فأمرها بان تسميه أحمد
عبد المطلب : انه محمد وأحمد و لا أرى إلا بعض أسمائه فندعوه محمدا