حوار مع الأديبة الفلسطينية ميسون أسدي
حوار مع الأديبة الفلسطينية ميسون أسدي
عبد القادر كعبان
*ميسون أسدي، اسم برز في ً أدب الطفل٬ حيث استطاعت ببراعة مخاطبة هذه الشريحة إذ نجدها تتقمص شخصيتهم وتفكر بطريقتهم من خلال كتابة قصص تعكس واقعهم، تعالج حاجاتهم وميولهم ورغباتهم. واليوم يمكن أن نقول أنها اقتحمت عالمهم بجدارة لتؤسس لها مكاناً ثابتاً لا يتزعزع بشهادة النقاد.
**ميسون.. كيف تقدمين نفسك إلى القراء عادة؟
- مجرد حكواتية، تعتمد عنصر التسلية في المقام الأول، والأمر لا يقتصر على قراء الأطفال، فأنا أكتب للكبار وبغزارة وأحمل نفس المبادئ.
**كيف كانت البداية مع قصص الأطفال؟ ومن وقف بجانبك مشجعا؟
- قبل الأطفال كانت البداية مع الكبار كما ذكرت، لكني كتبت في بداية التسعينات أول قصة للأطفال بعنوان "فايقة ونعسان"، وقد شجعني أصدقائي كثيرا، وساعدوني في إخراج القصة للنور، حيث تم طباعتها على حسابي الخاص.. لكن الأمر تبدل بعد أن تزوجت وأنجبت طفلان، وهما المحفز الأول في كتابتي، حيث استوحيت منهما الكثير، وأعطياني أدوات لم أكن أعرفها من قبل.. وهنا كان المشجع الأول والداعم الأساسي زوجي الفنان أسامة مصري، الذي قام بتجميل قصصي برسوماته الجميلة وتصميمه المميز.
**ما هو الأسلوب الذي تتبعه ميسون أسدي في كتابة قصص الأطفال؟
- أبحث في قصصي عن طرق للخروج من النمطية التي يتبعها معظم الكتاب، وأحاول دحض الأفكار المسبقة التي تم زرعها في عقول القراء على مر السنوات، وعلى سبيل المثال، أنا أول من دافع عن الذئب وطرح فكرة مغايرة عن صفاته في قصة "موعد مع الذئب"، كما أنني أعدت الاعتبار للحمار وذكائه المميز في قصة "الحمار زكزوك" ودافعة عن الأفعى في قصة "حاتم صديق الحية".. وهكذا.. كما أن أبطال قصصي ليسوا مقولبين حسب أساليب التربية الحديثة، كما ورد في قصة "تفاحة جلال" الذي تقرر المديرة طرده من المدرسة، لأنها تجهل قدراته.
**كيف يمكن أن نتقمص شخصية الطفل ونفكر بطريقته لنستطيع أن نكتب ونصل إليه؟
- في الحقيقة أن الأمر صعب للغاية، لكن المبدع الحقيقي يمكنه ذلك بسهولة، فكما يتقمص الممثل الموهوب أدوارا بعيدة عنه كل البعد، ويؤديه ببراعة، هكذا يمكن للكاتب الموهوب أن يفعل ذلك.. لكنه لا يمكنه ذلك دون المعرفة العميقة للطفل.
**ما مدى أهمية دور الأدب للارتقاء بنفسية الطفل ورفع مستواه الفكري والأدبي؟
- أولا، لا يجب الاستهتار بعقلية الطفل ومعاملته كأنه ناقص عقل، فالأمور التي يراها الطفل ويستطيع التصريح بها ليست بالهينة، وأعتبر أن الطفل الذي صرخ على الملأ بأن الملك عار، في قصة "ملابس الملك" لم يأتي من مجرد خيال كاتب، فأنا شاهدت بأم عيني أطفالي يفعلون الأمر نفسه بقضايا مختلفة وبحوادث عديدة.
**هل ثمة مشاكل يواجهها كتاب قصص الأطفال؟
- المشكلة الأولى هي عدم وجود دور نشر داعمة بالمعني الحرفي للكلمة، فدور النشر المنتشرة تجبي من الكاتب النقود حتى تقوم بطبع كتاب معين له، وإذا استطاع الكاتب تحقيق نفسه كاسم في سوق الكتب، تتكرم دار النشر بإعطائه مائة كتاب من كل ألف كتاب، دون أن يدفع أو يأخذ مليم واحد.. وهناك مشكلة التسويق التي لا يستطيع أن يقوم بها الكاتب، لذلك يلجأ إلى دور النشر وشروطها غير العادلة.
**إذا كان الأدب المرئي يهيمن اليوم على ثقافة الطفل، فما المخاطر التي تواجهه جراء ما يعرض فيه، وما هي المسؤولية الملقاة علينا برأيك؟
- أنا لست ضد الأدب المرئي على أن لا يكون البديل للأدب المقروء، وإذا حصل ذلك ستكون هناك عدة مخاطر. فالقراءة تحرك العقل بصورة أكثر فعالية، وتفعل حاسة اللمس التي تساعد كثيرا على تحسس الأبطال والكلمات، كما أن القراءة تساهم في تعويد الطفل على قراءة العديد من الأمور التي سيكون ملزما بان يقراها في المستقبل، في جميع مجالات الحياة.
**ما الأسلوب الذي يجب إتباعه لجذب الأطفال للقراءة؟
- كما ذكرت في بداية حديثي، أنه على الكاتب أن لا يفقد عنصر التسلية، والبحث عن جميع الطرق التي تؤدي إلى ذلك، ويمكنه ابتكار طرق جديدة تناسب العصر، فالإشراقات والمفاجآت تؤثر كثيرا على المتلقي، من جميع الأعمار، والمنافس للقراءة أصبح قويا، لذلك علينا ابتكار طرق جذب عديدة.
**كثيرا ممن كتب للطفل لم يستطع الوصول إليه، ما السبب برأيك؟
- الطفل لا يحب النصائح والناصحين، ومعظم الكتاب يقحمون النصح والنصيحة في قصص الأطفال، على اعتبار أنهم يفهمون ما لا يفهمه الطفل.. لكنهم ينسون أن الطفل يفهم الأمور بطريقة لا يفهمها الكاتب نفسه. لذلك تأتي العديد من الكتب بعيدة عن قلوب الأطفال وبالتالي يرفضها، ويمكن أن يؤدي الأمر إلى نفور الطفل من الكتب بشكل عام، مما يذهب الصالح بعزا الطالح.
**ما هي الأسماء التي أضاءت مخيلة ميسون أسدي وتأثرت بها، وما زلت تقرأ لها إلى اليوم في أدب الأطفال؟
- قرأت للعديد من الكتاب العرب والجانب، لكن أكثر ما أثر بي الكاتبة السويدية أستريد ليندغرين، والكاتب الإنجليزي ريتشارد كيبلينغ.
**كيف ترى ميسون أسدي عملية النقد فيما يخص أدب الطفل؟
- إن النقد الأدبي يكاد يتلاشى إن كان ذلك لأدب الأطفال أم للكبار، وهذا شيء مؤلم، فالكاتب لا يستطيع أن يتطور بدون نقاد حقيقيين، وأنا لا أقصد الطبّالين والزمّارين الذين يمتدحون مقابل أجر.. فالنقد الحقيقي هو بوصلة الكاتب، وعلى الناقد أن يتحلى بثقافة واسعة وبحس الكاتب نفسه.
**وأنت ما حظك في الحركة النقدية؟
- تناول البعض كتاباتي بشفافية ومنهم من تناولها كوجبة سريعة ولم يعطها حقها، الذين تعمقوا جدا بالقصص هم الدارسين الذين تناولوا قصصي في بحوثهم الجامعية، ولجميعهم أوجه الشكر.
**ما جديد المبدعة ميسون أسدي؟صدر لي مؤخرا العديد من قصص الأطفال وهي: "الحمار زكزوك"، "نطنط نهار"، "حاتم صديق الحية"، "حروف حكايتي"، "الرمان المر"، "تفاحة جلال"، "الصرصور وأم أربعة وأربعين".