حوار مع الأديب المغربي عبد الحميد الغرباوي
القصة القصيرة هي فن التقاط اللقطة الذكية
حاورته : هيام الفرشيشي – تونس
رغم اهتمامه بكتابة الرواية وممارسة الفن التشكيلي فالأديب المغربي عبد الحميد الغرباوي كاتب قصة بلا منازع ، وهو من الأسماء العربية المهمة في كتابة القصة القصيرة . مجموعاته القصصية متعددة ، صدرت مجموعته القصصية الأولى " عن تلك الليلة أحكي" في 1988 . وتتالت أعماله القصصية ، "برج المرايا "، "عري الكائن" ، "أيمن والأفعى" ، "نون النسوة" ، "تفاحة نيوتن" ، "شامات" ، "عطر ... معطف ..ودم ", وصدرت له ثلاث روايات وهي : "ميناء الحظ الأخير" ، "سعد لخبية" ، "مرض اسمه إمرأة" ، فضلا عن دراساته في اللغة وترجماته المتعددة . يشرف حاليا على موقع "المحلاج" المهتم بالقصة القصيرة ، وهو موقع مهم يجمع كتاب القصة من المحيط إلى الخليج ، ويربط بين التجارب الجديدة بتجارب الرواد من مختلف بلدان العالم العربي . حول رؤيته للكتابة عامة ، وكتابة القصة بصفة خاصة ، كان لي معه هذا الحوار .
1 يرى البعض أن القصص القصيرة هي قصص الذاكرة والبوح، لسرد حياة الكاتب ؟ ما رأيك ؟
يصعب إعطاء جواب حاسم في المسألة، فالقصة القصيرة هي أولا و قبل كل شيء فن من فنون التعبير، بمعنى أنها تخضع لمعايير و مقاييس، و شروط فنية ، تقتضي أن يكون الكاتب ملما بها، و بناء عليها أو بواسطتها، و اعتمادا عليها، يبني بيته الصغير كلمة كلمة، و جملة جملة ، و فقرة فقرة.
القصة القصيرة هي فن التقاط اللقطة الذكية، المعبرة و النافدة و المؤثرة في القارئ، و عليه فالمنبع أو الرافد التي يرفد منه الكاتب القصصي الفكرة التي تؤثث مشهده الحكائي، لا يمكن أن يكون بالضرورة ذاكرة أو بوحا، يمكن أن يكون من وحي قراءة لمتن سردي أو شعري كغادة مرت تاركة خلفها نفحة من عطرها الأنثوي و توارت بعيدا، تشيعها لفظة آه، و نظرات إعجاب بقوامها الرائع، أو مشهد من الواقع الحياتي، و ما أكثر المشاهد في الواقع التي تشحن الكاتب و تشحذ الرغبة فيه، تثيره، تستفزه للكتابة، انطلاقا من وحدة حكائية رئيسية هي التي حددتها دون أن تكون على علم بذلك، و لن تكون أبدا.. الأصوات هي أيضا يمكن أن تكون مادة حكائية .إذن فالقصة القصيرة، هي قصة حياة، أو حيوات، و لا يمكن أن تكون تحديدا قصص ذاكرة أو بوح. و أما البوح، خاصة، فغالبا ما ينحرف بالقصة عن جادة القص، ليتحول إلى خاطرة، التي في بعض أوجهها قد تلامس بشكل كبير القصة القصيرة .
أيهما أهم بالنسبة إليك كتابة قصص الحلم أم قصص الذاكرة ؟ 2
عندما تحدث عن الروافد و المنابع التي يلتقط منها الكاتب النواة أو يغرف منها الفكرة الأولى لكتابة قصة، أغفلت الحديث عن الحلم، علما أنه أكبر خزان للأفكار و المشاهد التي تبلغ أحيانا درجة من الغرائبية و العجائبية، لا يمكن أن يتصورها العقل أو يتخيلها في الواقع. الحلم في تصوري، هو فاصل بين عالمين، بين العالم الواقعي، و العالم السحري، المتحرر من قيود المنطق و العقل. و ما أحوج الكاتب القصصي، الحكاء، إلى هذا الأخير، فإن كان متمرسا، بمعنى يتقن "حرفة" الكتابة يستطيع أن يخرج منه بقصص رائعة... قصص ذات معنى، تحمل رسالة ما..النصوص الفارغة لا تنتجها سوى القلوب و العقول الفارغة، أو الأقلام التي تمرست على الاستعارة حتى لا نقول تمرست على النقل و السرقة المتقنة التي لا تترك إلا أثرا باهتا لا يكتشفه سوى شخص من عيار" كولومبو" أو " ميغري"...
الحلم أيضا في بعض أوجهه، هو ما يتمناه الكاتب أن يحدث، و يمكن أن نطلق عليه أو أصلا يطلق عليه " حلم اليقظة " حلم،لا علاقة له بالنوم، و لكن هو مجموعة من التساؤلات و الإرهاصات، و ردود فعل، استجابات أو تفاعلات نفسية، مع يحدث في الواقع المعاش، و بطبيعة الحال، ما يتمناه الكاتب أن يحدث ليس فيضانا أو كوارث أو مجازر، بل ما من شأنه أن يعيد للفرد العادي اعتباره و كينونته و كرامته المهدورة ، أو المهددة بالمهانة في أي وقت و حين..أنا ضد فكرة الفن من أجل الفن ...و الفاصل بين الحلم و الذاكرة، خيط رفيع، رفيع جدا، أليس شريط الصور الذي يمر في الذاكرة هو مجموعة من الأحداث بشخوصها و أصواتها و ألوانها و روائحها، حدثت و انتهت؟..ألا تصير في نهاية الأمر مجرد ذكرى؟..أكيد تترك أثرا أو آثارا، لكنها لا تشغل حيزا في الواقع، بمعنى لا تعاود و لا تكرر حضورها المادي، الفعلي، يكفيها أنها خلفت ندوبا و خدوشا أو جراحا ملتئمة، هي التي تكون رافدا للحكي ...خلاصة القول، كلاهما مهمان بالنسبة إلي، و معظم قصصي كان رافدهما إما الحلم أو الذاكرة ..
3 هل ترى أن القصة القصيرة تبقى من أصعب فنون الكتابة، وأنها تحتاج إلى جهد وحذق فني أكثر من أصناف الكتابة الأخرى ؟
أكيد، القصة القصيرة من أصعب فنون الكتابة، و كما قلت، تحتاج جهدا و حذقا فنيا، لا أقول أكثر من باقي الفنون الأخرى، لكن استسهال القصة القصيرة من طرف بعض الكتبة، هو الذي يؤدي بهم إلى وضع خاتمة لمشوارهم الإبداعي في ظرف زمني وجيز جدا، لأن الساحة الإبداعية، لا يملؤها طرشان، أو عميان، فمهما تلقوا من مديح زائف، و تشجيع لا يتقدم بهم و لو شبرا إلى الأمام، فإن الأصوات الغيورة على هذا الفن...الجميل، و الغيورة على الإبداع العربي عموما ستقول قولتها فيما يكتبون آنيا أو آجلا و لعل المواقع و المنتديات الإلكترونية التي أصبحت منتشرة في الوطن العربي و بشكل يشبه التسونامي، ساهمت وتساهم في إرساء و ترسيخ الرداءة الكتابية...لا يهمها في ذلك سوى عدد الأعضاء، و عدد التعليقات و الزوار ...
الكتابة الإبداعية ، وبما أننا هنا نتحدث عن القصة القصيرة، تحتاج إلى قراءة، بل قراءات مكثفة، و تأمل عميق، و محطات يقف فيها الكاتب بين الفينة و الأخرى لممارسة النقد ذاتي، و عقد المقارنات مع الكتابات الأخرى الجيدة، و التي أبانت عن تمرس أصحابها و إتقانهم لفن الكتابة القصصية، كما تحتاج الصدق بعيدا عن الانفعالات الزائفة، و الوهم، أو التوهم أني "أنا كاتب" و لو بالبندقية و السيف .ليس ضروريا أن أكون كاتبا، قد أكون قارئا جيدا، ناقدا، و محللا بارعا، و قد أكون متذوقا و متابعا لكل فن جميل كيفما كان لونه و شكله..ألا أكون كاتبا ليس نهاية العالم، لكن نهاية العالم أن أتصنع ما أنا لست أهلا له... و الأدهى و الأمر أن هناك اليوم من الأدباء الشباب من يدعي أنه أعظم كاتب قصة في العالم العربي، ناسيا أو متناسيا أن في الإبداع هناك صعود و هبوط، هناك نصوص تجد لها صدى لدى القارئ و المتتبع و الناقد، و هناك نصوص تخفق في تجاوز عتبة الكتابة العادية أو الكتابة المقبولة و كفى...و أنا أبحث في أرشيف القصة القصيرة، و الذي بالمناسبة أعتز و أفتخر بكوني من القلائل الذين يمتلكون أرشيفا قصصيا غنيا، يضم جل الأسماء القصصية في العالم العربي،قلت و أنا ابحث، عثرت على مجموعة قصصية للقاص المتمكن عائد خصباك " الطائر و النهر" و ذهبت رأسا إلى القصة التي تحمل نفس عنوان المجموعة ،شرعت في قراءتها أو أعدت قراءتها بعد طول غياب، فهالتني روعة النص، نص عالمي بكل ما تحمله العالمية من معنى..اكتشفت في النص ما لم أكتشفه سنة 1987 و هو تاريخ صدورها...روعة في الوصف، يمكن أن يكون أنموذجا يدرس في الكليات و الجامعات، و موقع المحلاج سينشره قريبا، ليكون مثالا للنصوص التي لا تموت و لا تنقرض، و لا تبلى، وتظل محافظة على بريقها و رونقها رغم مرور عشرات السنين ...أن نحكي، و نحكي فقط أمر في غاية البساطة، لكن أن نحول الحكي إلى نص أدبي يعكس مدى تمكن الكاتب من أدوات الكتابة الفنية هذا هو الذي يجب أن يسعى إليه كل راغب في خوض غمار كتابة القصة القصيرة ...
4 ما رأيك في التجريب القصصي ؟ وهل تراه مهما لكتابة نص قصصي جيد ؟ أم تراه تعتيما وهلوسات غريبة عن ذائقة القارئ العادي ؟
يخطئ من يعتقد أن التعتيم و الهلوسة، و غريب القول يدخل في باب التجريب القصصي أو هو التجريب القصصي عينه و لطالما رددت في الكثير من المناسبات أن الكاتب و طوال رحلته رفقة الكتابة، هو يجرب، و يبحث عن أدوات و أشكال جديدة للكتابة، إننا لا نستحم في النهر مرتين. و الكتابة نهر جار، و ليس بركة ماؤها راكد ..أكيد أن الكاتب يعرف من لغته أو أسلوبه، لكن لا يمكن لنصوصه أن تتشابه اللهم إذا أراد هو أن يكرس نفسه خادما أو عبدا لنمط واحد من الكاتبة .
إننا نتحدث في الحياة عن التجربة، و تفاوتها بين الناس، هذا يعني أن الإنسان حتى في حياته العادية هو مجرب، أو يجرب، و يستفيد و يتلقى الدروس من هنا و هناك و بالتالي يطور نفسه، و قد يصبح مع توالي الأيام مدرسة .الكاتب الذي لا يجرب إذن فهو لا يعمل، أو يتصف بالكسل الإبداعي، لأنه يركن لشكل واحد و لفكرة واحدة، صادفت في يوم ما نجاحا و حظيت باستقبال كبير.. يطبخها و يطبخها و يعيد طبخها مرات إلى أن تصير في النهاية سائلا جاريا لا طعم له...و لا أريد أن أضرب مثلا أو أمثلة في هذا، احتراما لأصحابها لأني في مرحلة من مراحل تجربتي الإبداعية تتلمذت على كتاباتهم...لذا فكتاب القصة القصيرة إناثا و ذكورا، و الذين يكتبون بحرارة و بعشق للقصة القصيرة، يعون هذه الحقيقة، و هم و هن جميعا يبحثون دائما عن الجديد، بمعنى أنهم يجربون، علما أن التجريب مرهون بنجاحات و إخفاقات .
5 صرحت أنه لو خيرت بين كتابة القصة القصيرة وكتابة اللحظة العابرة، لفضلت كتابة اللحظة العابرة.. في اللحظة العابرة نجد الكثير من الانسياب والصور وتجلي الذات ، في المقابل تبدو القصة القصيرة حدثا يحتاج إلى حبكة وتقنيات معالجة فنية ، وبما أنك نشرت العديد من المجاميع القصصية ؟ كيف تفسر هذا التشبث بالقالب الفني القصصي ؟
الحقيقة أننا في وقت من الأوقات نعكس في كتاباتنا عن الذات و عن الكتابة أشياء لا تكرر إلا ما سبقها..أو ينقصها شيء من التأمل و التفكر و التركيزحين أكتب قصة قصيرة، فأنا لا أكتب إلا عن لحظة عابرة .قد يدخلنا هذا السؤال إلى الحديث عن الزمن، بل إلى الحديث عن رقصة الزمن، الزمن النفسي، و الزمن الفيزيائي، إلخ ...أو ليست القصة القصيرة قصة لحظة عابرة، مشهد عابر؟
القصة القصيرة هي ليست قصة واقع حي، متحرك متواصل.. لا يمكن أن يحدث ذلك إلا في قصص الخيال العلمي..كلنا نكتب عن الماضي، القريب أو البعيد..و لا يمكن أن نكتب عما يجري، ما يجري يتجاوز لحظة الكتابة بثانية أو بأقل من ثانية، لكننا مهما فعلنا فلن نكتب إلا عن العابر، الذي وقع و مضى...أو انتهى ..و باختصار شديد، أتشبث بالقصة القصيرة تشبث الرضيع بصدر أمه، لأن قفصي الصدري ضيق، و رئتي لا تتسعان للكثير من الأوكسجين..ليس في الأمر سبب آت من خارج المجرة .
هذا التشبث لعبت فيه عوامل نفسية، و عامل المصادفة ، كون أن أول ما قرأت كان قصة قصيرة و ليس رواية، و عامل أستاذ الأدب العربي كان يدرسني في الإعدادي، و كان في الدقائق التي تفيض عن الدرس، يطلب منا أن ننصت إليه فيقرأ علينا بعضا من نصوصه القصصية القصيرة. الغريب أنه لم ينشر و لا قصة من قصصه في صحيفة أو مجلة، و سنوات قليلة بعد ذلك، بدأ تلميذه ينشر قصصه في الملاحق و بعض المجلات .
6أنت فنان تشكيلي وروائي أيضا، فأيهما أقدر على استيعاب الفن التشكيلي القصة أم الرواية ؟
الرواية في الدرجة الأولى، طبعا. أما القصة القصيرة فتمثل في اللوحة التشكيلية مقطعا صغيرا، فجوة، أو كوة، أو خطا عابرا للألوان و الأشكال ..اللوحة التشكيلية، و أنا هنا أتحدث عن الفن التجريدي، الذي يستجيب لنفسيتي المتوترة القلقة، قلت اللوحة التشكيلية، تتضمن في مساحتها فصولا و أحداثا و مشاعر وأيضا أصواتا.. القصة القصيرة لا يمكنها أن تستوعب كل هذا، على الرغم من تلك المساحة الهائلة التي تتراءى لنا فيها نحن كتابها .
7 ماذا تعني لك الكتابة والفنون التشكيلية في نهاية الأمر ؟ رسم ملامح الذات وتخليدها ؟ إيقاظ الجانب الكامن في النفس واستنطاقه ؟ أم استعارات فنية وتشكيلية للنفس والذاكرة ؟
لم تتركي لي شيئا أرد به على سؤالك، و أنت الأديبة القاصة و الناقدة، يبدو لي كما لو أنك تقمصت شخصية من يمارس كلا الفنين التعبيريين، أو كما لو أنك تمارسيهما، أو أنت فعلا تمارسين الكتابة القصصية و التشكيل. و على كل حال، الكاتب (الحقيقي) حين يكتب فهو يطمح من خلال الكتابة إلى أن يرسم ذاته أولا و يخلدها و ليس في ذلك عيب أو نرجسية..ذاك حقه في الكتابة و الحياة، و هو أيضا لإيقاظ الكامن في النفس و إعادة التحاور معه أو الصراخ في وجهه، و لومه أو طلب السماح منه، أو مداعبته و تطييب خاطره.. إلا الاستنطاق فليس من مهمتي أو مهمة أي كاتب و الخلاصة الكتابات الإبداعية في مجملها قوامها استعارات فنية و تشكيلية للذات و الذاكرة .
.
8 لا يختار الكاتب أن يكون كاتبا أو فنانا ، ولكنه يشعر بمثير داخلي يجعله يبوح بمكامن النفس وسبر أغوارها ، فهل ترى أن رحلة الكتابة والفن تبدأ منذ الارتسامات الطفولية الأولى ؟
عندما تزوجت، من بين الأشياء التي حملت معها زوجتي دفترا دونت فيه الكثير من الكتابات، أسمتها: " شعر"...و شخصيا حين خفق قلبي الفتي بأول نبضات حب، كتبت شيئا أسميته أنا أيضا: " شعر"..ضحكت معها و هي تعيد علي قراءة لواعج قلبها، و ضحكت معي و أنا أعيد قراءة ما كتبته عن فتاة لم تكن على علم بما أكنه لها من (حب)..و في النهاية تعاقنا عناق الحبيبين الحقيقيين ...
إلى ماذا أريد أن أصل بهذه التوطئة؟، التي أشكرك جزيل الشكر لأنك أخرجتها من قاع بئر الذاكرة، أريد أن أصل إلى أن من طبيعة الإنسان تدوين الأحداث و بأشكال مختلفة و من بينها الشكل الأدبي و الفني، كلنا نكتب، الجميع يكتب، و في سن مبكرة، لكن ليس الجميع يصبحون أدباء و مبدعين...بمعنى يمارسون الكتابة القصصية أو يكتبون شعرا أو رواية أو نصا مسرحيا أو ينجزون لوحة تشكيلية .بالمواصلة و الاستمرار، و تدخل عوامل أخرى، قد يصير الشخص كاتبا، بينما آخرون تجرفهم تيارات الحياة، و قد يصيرون مبدعين في مجالاتهم، حتى في مهنة النجارة و الحدادة هناك مبدعون ..
9تشرف على موقع المحلاج الذي يعنى بالقصة القصيرة والقراءات النقدية وإجراء حوارات مع كتاب الموقع ؟ فكيف ترى ملامح القصة القصيرة عربيا ؟ هل هي قادرة على التجدد والصمود أمام المكانة الهامة التي صارت تحظى بها الرواية ؟
بدءا تأسيسي لموقع المحلاج الخاص بالقصة القصيرة، كان نتيجة حتمية لسنوات من الكتابة القصصية، و هو أيضا أردت به ، أي الموقع، أن أعزز من مكانة القصة القصيرة في العالم العربي، و أوثق لها، بما ينشره الكتاب العرب من مختلف البلدان العربية، و بما أرقنه من نصوص قديمة/جديدة و أنشره على صفحاته..العديد من شباب و كتاب اليوم، لا علم لهم بالعديد من الأسماء القصصية التي كانت تنشط المشهد القصصي في سنوات الخمسينات و الستينات و حتى السبعينات و الثمانينات سواء في بلدانهم أو في بلدان عربية أخرى.. يجب الربط بين الماضي و الحاضر، حتى لا ينقطع الرحم. لا شيء ينبثق من العدم..و معرفة ما كتب الرواد و السابقون فيه الخير كل الخير..لا شك في ذلك ..
القصة القصيرة العربية واقع حالها لا يختلف جذريا عن واقع القصة القصيرة في الكثير من القارات فهي تعرف صعودا و هبوطا، و تفاوتا في التجربة، و في العمق من حيث الفكرة و الطرح...و هل الرواية العربية تشذ على هذه القاعدة؟...فكما هناك قصص يتسرع أصحابها في نشرها و إذاعتها بين القراء، هناك أيضا روايات لا يروم أصحابها من إصدارها سوى حيازة بطاقة كاتب أو روائي.. و هنا يجب على النقد الجاد أن يلعب دوره..لكن في أية مغارة يختبئ؟