مع نائب المراقب العام لـ"الإخوان السوريين"
احتلال إيران لسورية
* نائب المراقب العام لـ"الإخوان السوريين" يكشف عن توزيع بطاريات صواريخ في محيط دمشق تحت سيطرة أطقم من الحرس الثوري
* أميركا و"إسرائيل" تعارضان تولي الإسلاميين الحكم.. والدول الإقليمية لم تصل إلى حد دعم تغيير النظام
* الحل المناسب لمواجهة السلطة: العصيان المدني
كشف فاروق طيفور نائب المراقب للإخوان المسلمين في سورية أبعاداً جديدة عن التغلغل الإيراني في بلاده، الذي وصل إلى حد التدخل العسكري المباشر، مشيراً إلى أنه ومنذ ستة أشهر بدأ توزيع بطاريات الصواريخ في محيط مدينة دمشق، موضحاً أن كل الأطقم المسيطرة عليها من الحرس الثوري الإيراني.
واعتبر طيفور - في حوار مع "الوطن العربي"- أن سورية أصبحت حالياً محتلة من قبل الإيرانيين، وأشار إلى وجود ردات فعل من جانب السوريين تجاه تدخل طهران في شؤونهم، إلا أن أجهزة الأمن السورية تعتقل كل من يتفوه بكلمة ضد الإيرانيين.
الحوار مع المعارض السوري تطرق إلى الكثير من الأمور المتعلقة بما يدور داخل جماعة "الإخوان"، وطريقة عملها في الفترة المقبلة.. فإلى التفاصيل:
* هل أبعدوك من رئاسة جماعة الإخوان المسلمين بسورية، لأنك من مدينة حماة وجلبوا محمد وليد من اللاذقية ليخلف الحلبي علي البيانوني كمراقب عام للجماعة رغم أنك نائبه لسنوات؟
- لا توجد مشكلة..
* لماذا يجري إبعاد الحمويين من قيادة الإخوان لصالح الحلبيين وغيرهم من الحمائم؟
- هذا الكلام فيه مغالطة وليس صحيحاً على الإطلاق.. وكل ما يجري داخل الإخوان يتم من خلال انتخابات يقوم بها مجلس الشورى في الحركة، وليس لدينا تصرفات فردية، ونسبة الحمويين داخل المجلس كبيرة، وموضوع انتخاب نائب المراقب العام عائد للمراقب العام المنتخب، وهذه الأمور بالنسبة لنا لا تساوي شيئاً.
* يبدو أن تحالف الإخوان المسلمين مع عبد الحليم خدام جمّدهم وعرّضهم للانتقادات المستمرة؟
- الظروف في المنطقة متداخلة ومعقدة وليست سهلة وكلها تتعقد أكثر، مثل الموضوع التركي الكردي.
* لكن الكل يتفق على أن أي تحرك شعبي سوري مهما كان محدوداً لن يتم قمعه كما حدث في مجزرة حماة في فبراير "شباط" 1982؟ فلماذا لم نر أي تحرك شعبي للمعارضة في الداخل؟
- يحتاج التحرك في سورية أجواء مواتية.. ونرى أن أحداث العراق والوضع في المنطقة وتداخلاتها كلها أمور لا تمكن من طرح القضية السورية.
* لكن مراقبين يرون أن الإخوان المسلمين كحركة إسلامية تحت الأرض قادرة على تحريك الداخل.. لماذا هذا الجمود؟ وماذا تنتظرون؟
- أعتقد أن السبب في ذلك يرجع إلى التاريخ السابق المليء بالدماء والاستبداد والمجازر التي قامت بها الأجهزة القمعية ضد الشعب السوري.
* لكن جانباً من المحللين يكرر أنه لو تحركتم بنسبة 1% من تحركاتكم القوية في السابق، وتصديتم للنظام السوري فلن يقدر على تكرار القمع بل سيؤدي إلى سقوطه؟
- نخشى أن يتكرر ما حدث في حماة في الثمانينيات والسياسة الدولية كانت متجهة باتجاه آخر.
* النظام السوري الآن محاصر وكذلك حليفه الإيراني.. والشواهد تشير إلى أنه ليس لديه القدرة والجرأة على التدمير والمذابح؟
- أؤكد أن الأميركيين و"الإسرائيليين" ضد تغيير النظام السوري ويعارضون قدوم الإسلاميين للحكم في دمشق، بل مازالت الحركة الإسلامية في سورية في موقف المحاصرة والتطويق وعدم القدرة على التعامل والاستيعاب. والوضع الإقليمي في العراق لا يشجع على فتح ملفات أخرى، يضاف إلى هذا أن الوضع العربي معقد.. كما أن دخول الإيرانيين على الساحة العربية له أثره الكبير. وهناك توغل إيراني كبير داخل سورية، ورغم خطورته فلا أحد يعطيه بعده الحقيقي. فهناك أولاً: دعوات التشيع تعم كل أرجاء سورية، وثانياً: فإن الإيرانيين يسيطرون على الوضع الاقتصادي السوري حتى المؤسسات والوزارات والمصانع السورية كلها أصبحت بأيدي الإيرانيين، وثالثاً: هناك التدخل العسكري الإيراني في سورية في المرحلة الأخيرة، ومنذ ستة أشهر بدأ توزيع بطاريات الصواريخ في محيط مدينة دمشق، وكل الأطقم المسيطرة عليها من الحرس الثوري الإيراني.
لقد أصبحت سورية الآن محتلة من قبل الإيرانيين.
* هل لا يرى ذلك الشعب السوري وينتفض؟
- هناك ردات فعل وحساسية تجاه الإيرانيين والشيعة، ولكن أجهزة القمع السورية تعمل ضد أي واحد يقول كلمة عن الإيرانيين، ويخوِّفونه أو يضعونه في السجن..
* كيف الخروج إذن من هذا الإشكال؟
- لا تكفي الأجواء الداخلية بل يجب أن تكون الأجواء الإقليمية مساعدة وكذلك الدولية. وهذا غير متوفر حالياً. ولا نريد أن نمشي عكس الاتجاه ونخسر مرة أخرى.
* لكن سورية معزولة عربياً لتحالفها مع إيران؟
- الدول الإقليمية لم تصل بعد إلى حد دعم التغيير الداخلي في سورية.. مع أن مطلبنا هو الحكومة التعددية الديمقراطية وهذا واضح في مشروعنا السياسي وتحالفنا مع إعلان دمشق وجبهة الخلاص..
مجابهة القوة
* ألا ترى أن المجابهة الكلامية مع النظام لم تعد تجدي ويجب أن تحوَّل إلى مجابهة بالقوة؟
- الأجواء في داخل سورية مساعدة لأنني على تواصل مستمر مع الداخل، ولكن الأجواء العربية والإقليمية والدولية غير مساعدة.
* لكن يبدو أن النظام السوري نجح في اختراق فئات إسلامية وجعلها مرتبطة به مثل جماعة "أبو القعقاع" أو "فتح الإسلام".. والمعارضة الأخرى كلها علمانية كلامية؟
- هذا الكلام بظاهره صحيح، ولكنه في واقعه الداخلي للمتابع داخلياً ليس صحيحاً.
* كيف؟
- هناك نار تحت الرماد، ولكن الأجواء العامة غير مساعدة وخاصة أن ظروف الناس صعبة، ولا يمكن أن تقدم على عمل ما دون أن تشعر بتواجد أجواء إقليمية مساعدة لها.
واختراق النظام موجود لفئات إسلامية، ولكنه لم يقدر على اختراق كل المد الإسلامي في سورية.
* هل تجذير حكم المخابرات وتأصله أصبح من الصعب اقتلاعه في سورية؟
- صحيح من الصعب إذا لم يحدث تضافر داخلي ضمن التيارات المتعددة والشرائح المتنوعة داخل الشعب السوري، سواء من الناحية الحزبية أو من ناحية الدين والمذهب، ويكون هناك تضافر متكامل من كل أصناف الشعب السورية في ظل أجواء عربية وإقليمية ودولية مساعدة، حتى لا تذهب جهود الناس ودماؤها هدراً..
* يوجه البعض لوماً كبيراً لتخلي الإخوان المسلمين السوريين عن الذراع الجهادية وأصبحتم حركة نظرية تدين ماضيكم الجهادي وتتبرأون منه... ألم يحن الوقت لإعادة النظر في هذا الاتجاه المستسلم للنظام؟
- هذا الموضوع متشابك ومعقد ولقد أعددت دراسة تقع في 50 صفحة عن هذا الموضوع خلصت فيه إلى أن المناسب لسورية الآن هو العصيان المدني وطريق اللاعنف. ونيلسون مانديلا تبنى خط غاندي.
* لكن مانديلا لم يدن المقاومة واعتبرها عنفاً؟ أنتم أدنتم كل ماضيكم الجهادي؟
- نحن لم نفتح المعركة مع النظام، ودافعنا عن أنفسنا في تلك المعركة ولم يكن لنا خيار.
* إذن لماذا تخليتم عن "الجهاد ضد سلطان جائر"؟
- لا أحد يمكن أن يتخلى عن الجهاد ولكن القضايا لها مراحل. والرسول صلى الله عليه وسلم قال: "الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة".
* لكنكم تخليتم عن الجهاد طوال 25 عاماً بالضبط أي بعد انتفاضة حماة وسيطرة الحلبيين على الإخوان المسلمين؟
- كل مرحلة ولها حكمها وأعتقد نتيجة دراستي للوضع الداخلي أن استخدام اللاعنف والعصيان المدني والمظاهرات في وجه النظام هو الأجدى في هذه المرحلة...
* هل أضعفكم وضرب مصداقيتكم وضع يدكم مع خدام؟
- نحن في إعلان دمشق طالبنا شخصيات النظام أن تنحاز للمعارضة، ونحن منسجمون بهذا الموقف سواء جاء خدام أم غيره.
* لكن يقال أن خدام يملي شروطه على الإخوان وبذر الفرقة في المعارضة السورية؟
- لم نعط أحداً صك براءة..
* لكن يبدو أن خدام حصل من الإخوان بالفعل على صك براءة، بل ويلقى المديح منهم؟
- لا.. لم نعط خدام براءة عن فترته في خدمة النظام، ولكن وافقنا على أن يكون أحد أجنحة المعارضة الموجودة وتحالفنا معه في إطار جبهة الخلاص الوطني لقناعتنا بأن المعارضة يجب أن تشمل كل الأطياف بمن فيها من يتخلى عن النظام. وسابقاً كان معنا شبلي العيسمي والفريق أمين الحافظ لما كنا في بغداد في التحالف الوطني. والآن نشعر أن خدام جاد في معارضته للنظام ولبشار الأسد ونفتح ذراعنا لكل من يتخلى عن النظام. ولدينا شرطان: ألا يكون مرتكب مجازر ضد الشعب السوري مثل رفعت الأسد الذي كان قائداً لسرايا الدفاع وقام بمجزرة حماة وتدمر.. والشرط الثاني ألا يكون مثل المعارضة العراقية تستقوي بالخارج ضد البلد وشعبه.
عودة "الإخوان" إلى لبنان
* علمنا أن الإخوان المسلمين عادوا إلى لبنان فهل سيكون هذا البلد منطلقاً لكم لداخل سورية وخاصة أن النظام متحالف مع حزب الله في لبنان؟
- لبنان هو خاصرة مهمة جداً لسورية، وتواجدنا على الساحة اللبنانية مهم جداً للمعارضة السورية.. وللإخوان المسلمين السوريين شبكة علاقات جيدة في لبنان مع شتى الشرائح ما عدى حزب الله الموالي لسورية.. وحركة أمل.. والجرح السوري والجرح اللبناني من النظام السوري هو جرح واحد. ولا يمكن أن يلتئم الجرح اللبناني ما لم يلتئم جرح المعارضة السورية وجرح الشعب السوري من هذا النظام.
* هناك من يقول إنه إذا ضربت إيران فإن النظام السوري سينهار.. هل تتفق مع هذا الرأي؟
- ضرب إيران سيشكل نقطة ضعف رئيسية لأن النظام السوري وضع كل أوراقه في السلة الإيرانية أخيراً، وهذا خطأ فادح سيكون مقتله منه في المرحة القادمة.
* ما رأيكم كإخوان مسلمين في دعوة د. يوسف القرضاوي المسلمين إيران؟
- للأسف أن بعض علماء المسلمين لم يدركوا بعض خطورة النظامين الإيراني والسوري وحزب الله في لبنان.. ولا بد من الشرح للقرضاوي عن معاناة أهل السنة في العراق من النفوذ الإيراني وما يعانيه الشعب السوري من انتشار التشيع ووقوع سورية في قبضة النفوذ الإيراني.
للالتفاف حول نظام الملالي الإيراني ودعمه مع أن هذا النظام يقمع السنة في إيران؟
- للأسف أن بعض علماء المسلمين لم يدركوا بعض خطورة النظامين الإيراني والسوري وحزب الله في لبنان.. ولا بد من الشرح للقرضاوي عن معاناة أهل السنة في العراق من النفوذ الإيراني وما يعانيه الشعب السوري من انتشار التشيع ووقوع سورية في قبضة النفوذ الإيراني.