مقابلة تلفزيونية مع الأستاذ أحمد الجدع
مقابلة تلفزيونية مع الأستاذ أحمد الجدع
أحمد الجدع
أجرى المقابلة : د. عمر نعمة
بين السطور
برنامج تبثه محطة بغداد الفضائية
موضوع الحلقة : كتاب "والله يعصمك من الناس"
تاريخ الحلقة : 26 جمادى الآخر 1430هـ - 21 حزيران 2009م
تحية طيبة لكم مشاهدي الكرام ، أهلاً وسهلاً بكم في حلقة أُخرى من برنامج "بين السطور" ، نحاور في برنامجنا هذا أصحاب الثقافة والفكر ، نطلع على مكنونات ما ألفوا ، ونتعرف من خلال سطورهم على ما أدوا وأثروا هذه المكتبة الإسلامية .
كتابنا في هذه الحلقة مشاهدي الكرام هو "والله يعصمك من الناس" عرض تأريخي أدبي لمحاولات اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم لفضيلة الأستاذ أحمد الجدع والأستاذ أحمد من مواليد مدينة جنين سنة 1941 تعلم مراحل التعليم الثلاث الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس مدينة جنين ، حاصل على الشهادة الجامعية الأولى من كلية الآداب قسم اللغة العربية من جامعة بيروت العربية عام 1970 حاصل على دبلوم عام في التربية وعلم النفس من جامعة قطر سنة 1977 ، عين في عام 1959 مدرساً في مدارس مدينة جنين ، وقضى عامين في التدريس فيها ، في عام 1964 انتقل للعمل في دولة قطر ، فعمل في وزارة التربية والتعليم القطرية حتى عام 1994 ، قضى في قطر ثلاثين عاماً انتهت في عام 1994 .
الأستاذ أحمد أيضاً عضو في اتحاد الكتاب والصحفيين الفلسطينيين في الدوحة بدولة قطر ، وعضو رابطة الأدب الإسلامي العالمية منذ تأسيسها ، وكان مدير معرض عمان الدولي للكتاب عام 2006 ، ورئيس اتحاد الناشرين الأردنيين 2007 ، له عدة مؤلفات ، هذه المؤلفات متنوعة بين الأدب والفكر وغير ذلك .
من إنتاجه الأدبي "شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث" عشرة أجزاء مشترك ، وكذلك "أناشيد الدعوة الإسلامية" في أربعة أجزاء ، و"شعراء معاصرون من الخليج والجزيرة العربية" ، وكذلك "دواوين الشعر الإسلامي المعاصر" ، و"فلسطين في فكر سيد قطب وأدبه" ، و"أجمل مائة قصيدة في الشعر الإسلامي المعاصر" وغيرها كثير من المؤلفات التي أثرت المكتبة الإسلامية .
أرحب مشاهديَّ الكرام بفضيلة الأستاذ أحمد الجدع ضيفاً في برنامج بين السطور .
أستاذ أحمد أهلاً وسهلاً
الأستاذ : أهلاً وسهلاً بك
المقدم : أستاذ أحمد ، لو بدأنا من خلال الكتاب الذي عنونت له "والله يعصمك من الناس" وهو نص قرآني شريف تعرض في هذا الكتاب لثلاث عشرة محاولة اغتيال تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم ، كل هذه المحاولات التي تكلمت عنها كانت في المدينة ، هل هذا يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُستهدف ولم يتعرض لمحاولة اغتيال في مكة أو حتى في غير مكة ؟
الأستاذ : بسم الله الرحمن الرحيم ، طبيعي ألا يتعرض الرسول صلوات الله وسلامه عليه في مكة المكرمة لأي محاولة اغتيال لأنه لم يكن يشكل خطراً على كيان مكة ، كان يدعو الأفراد فيستجيب له الفرد ويستجيب له الفردان وتستجيب له المجموعة الصغيرة ، وعندما تطور الأمر فأصبح له عدد لا بأس به من المؤمنين حاصره المشركون في شعب أبي طالب حصاراً اقتصادياً ، بل أكثر من حصار اقتصادي ، حصار اقتصادي وحصار اجتماعي ، رفضوا أن يزودوا المسلمين بالطعام ، رفضوا أن يتزوجوا منهم وأن يزوجوهم ، منعوهم أن يتصلوا بأحد من القبائل الأخرى ، واستمر هذا الحصار ثلاث سنوات حتى أكل الرسول وأكل أصحابه وآل هاشم معهم ورق الشجر ، فالحصار الاقتصادي عندما يقوم به المشركون ويقوم به أعداء الله حصار قاس لا يرقبون في مسلمٍ إلاً ولا ذمة، وهذا ما نشاهده في عصرنا الحاضر ، ثم إن الرسول صلى الله عليه وسلم نمت دعوته ، وعندما آمن بدعوته الأنصار وقرر الهجرة من مكة إلى المدينة أصبح له مركز وأصبح له عدد كبير من الأنصار ، أمر أصحابه الذين آمنوا في مكة أن يهاجروا إلى المدينة، فازداد الخطر ، هنا أدرك المشركون الخطورة الكبرى التي تتهدد كيان مكة ، الآن أصبح للرسول صلى الله عليه وسلم كيان وأصبح له مكان وأصبح له أنصار ، وستصبح له دولة فيما بعد ، فلذلك اجتمعوا اجتماعا عاجلا في دار الندوة وتناقشوا في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم .
المقدم : عفواً للمقاطعة ، إذن هذه المحاولات تطورت إلى ما بعد إعلان دعوة النبي صلى الله عليه وسلم الجهرية لكنها لم تكن بمستوى التهديد الدقيق الذي تعرض له النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة .
الأستاذ : الرسول صلى الله عليه وسلم أوذي كثيرا في نفسه وفي أهله وفي صحابته ، رمى المشركون على الرسول صلى الله عليه و سلم سنا الجزور،أمسكوا بتلابيبه،وكادوا أن يقتلوه حتى جاء أبو بكر وخلصه منهم وهو يقول : أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله ؟ ثم أوذي أصحابه وعذبوا ، من أمثال : بلال بن رباح وعمار بن ياسر وآل ياسر كلهم ، هذا الأذى وهم لم يكونوا خطراً على كيان مكة ، أنت تعلم أن مكة لها كيان عظيم ، هي قائدة الجزيرة العربية كلها ، فعندما أصبح هناك خطر على كينونة مكة ، فكروا في التخلص من الرسول صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا في دار الندوة وطرحت عدة آراء كما يحدث في كل الاجتماعات ، الاقتراح الأول كان أن يسجنوه حتى لا يتصل به أحد ، فرفض هذا الاقتراح لأن له أصحاب ربما جاءوه وهجموا وخلصوه وأخذوه ، طرح الرأي الثاني بالنفي ، فقال بعضهم قد يلجأ إلى قبائل العرب فتجيره ، فيجمعهم فيأتون إلى مكة ، ثم طرح أبو جهل قتل الرسول صلى عليه وسلم باختيار عدد من شباب القبائل ، قبائل مكة ، فيشتركون جميعاً في قتله ، وهذا هو الرأي الذي استقروا عليه ، اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم في بيته الذي ينام فيه .
المقدم : وهذا ما قلته في ثنايا الكتاب "والله يعصمك من الناس" أشرت إلى هذه المحاولة محاولة ليلة الهجرة عندما هموا أن يغتالوا النبي صلى الله عليه وسلم ، لكن أستاذ أحمد أيضاً أحب أن أسأل : هذه المحاولات التي ذكرتها في كتابك "والله يعصمك من الناس" هل كانت هذه المحاولات من طرف واحد ومن جهة واحدة ، أم أن هنالك جهات عديدة حاولت اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ؟
الأستاذ : نعم علينا أن ندرك أن قيام دولة الرسول في المدينة المنورة أصبح خطراً على جهات كثيرة منها المشركون الذين في مكة ومن يناصرهم في بقية القبائل ومنها اليهود أصحاب الكيان الكبير في المدينة المنورة وفي خيبر وأصحاب السطوة المالية في الجزيرة العربية ، أصبح الرسول يهدد كيانهم ، ومنهم السادة الأشراف الذين كانوا ينظرون إلى السيادة على العرب جميعاً ، هؤلاء أيضا تأثروا لأن الرسول أصبح خطراً على هذه السيادة ، وأصبح منافساً لهم ، هذه الفئات الثلاث هي التي قامت بمحاولة اغتيال الرسول .
المقدم : وكانت هذه المحاولات كلها محاولات داخلية لم تكن هناك محاولات خارجية .
الأستاذ : نعم الرسول صلى الله عليه وسلم لم يتعرض إلى محاولة اغتيال من خارج الجزيرة العربية ، كل المحاولات كانت من الجزيرة العربية .
المقدم : أستاذ أحمد أشرت أيضاً في كتابك إلى هذه المحاولات وفصلتها بأسلوب أدبي رائع مع سرد هذه الوقائع التاريخية ، لكن إذا بدأنا بمحاولة الاغتيال التي تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الهجرة نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم خطا خطوة استباقية تجاه هذه العملية المخطط لها ، وأنت أشرت إلى هذا في كتابك ، نحب أن نسلط الضوء على هذه العملية وتبعات هذه العملية .
الأستاذ : كانت الهجرة أعظم حدث في تاريخ الإسلام ، فلذلك نحن نؤرخ بالهجرة ، لم نؤرخ بميلاد الرسول ولا بوفاته، إنما أرخنا دولة الإسلام بالهجرة النبوية الشريفة ، وقد أدرك أهل مكة أن الهجرة أمر خطير ، وخطوة كبيرة جداً ، فالرسول صلى الله عليه وسلم بدأ بتهجير أصحابه ، أمرهم بالهجرة سراً ، معظم الصحابة هاجروا سراً إذا استثنينا الرواية التي تقول أن عمر بن الخطاب أعلن الهجرة علنا لموقعه في مكة ولجبروته فيها سابقاً ، وعلمت قريش مؤخرا بهذه الهجرة فأفلت الجميع وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم، بقي معه علي بن أبي طالب رضي الله عنه فجعله مكانه ، واستطاع أن يخرج من الطوق المحكم الذي وضع له حول البيت من الشباب الذين اختيروا لاغتياله، واستطاع أن يخرج "والله يعصمك من الناس" نعم وحتى أنه وضع على رأس كل رجل من المحاصرين حجراً أو حصاةً حتى يقول لهم بأنني خرجت رغم هذا الحصار .
المقدم : أيضاً نحب أن نسلط الضوء في هذه المحاولة ، محاولة الاغتيال ، على جانب التعاون وجانب فداء النبي صلى الله عليه وسلم بالنفس ، وكيف كانت هذه الأمور رغبة من الصحابة الكرام رضوان الله عليهم في افتداء النبي صلى الله عليه وسلم ، أين نجد هذا الملمح التربوي ؟
الأستاذ : الصحابة رضوان الله عليهم كلهم بلا استثناء كانوا مستعدين أن يفدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأرواحهم ، هذا لمسناه في قراءتنا لسيرة هؤلاء الصحابة ، واعترف به حتى أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم ، فهم قد قالوا ما معناه ما رأيت أحداً يحب ملكاً أو وزيراً كحب أصحاب محمد محمداً كان الرسول إذا أخرج من فمه شيئاً يتلقفه الصحابة ويأخذونه بهذا الحب الغامر ، هذا الحب الكبير للرسول صلى الله عليه وسلم شعر به كل من تتبع حياته صلى الله عليه وسلم ، فعلي بن أبي طالب عندما نام في مكان الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعرف أنه معرض للقتل ، كان يعرف ذلك تماماً ومع ذلك قبل المهمة ونام في فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم ، السيدة أسماء بنت أبي بكر كانت تنقل الطعام والشراب للرسول ولأبيها في الغار وكانت تعلم بخطر ما تفعل وقد أوذيت وضربها أبو جهل حتى أسقط قرطها ، وهذا كان في عرف الجاهلية شيئاً لا يفعله السادة أن يضرب امرأة حتى في يومنا هذا لا يستطيع رجل أن يضرب امرأة وإلا وصف بالخلق الوضيع ، ثم عامر بن فهيرة الذي كان يروح بالغنم صباحاً ، وفي المساء يذهب إلى الغار ويشرب الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر من ألبان الأغنام ، هؤلاء كلهم كانوا مستعدين لفداء الرسول صلى الله عليه وسلم .
المقدم : طيب ، أستاذ أحمد أنت أشرت في ثنايا الكتاب "والله يعصمك من الناس" إلى قضية تتعلق بسراقة ، وكلنا يعلم أنه عندما تأتي الأزمة تلو الأزمة فإن الفرج يكون قريباً ، وأحلك سويعات الليل هي السويعات التي تسبق الفجر ، وبعد كل محنة منحة ، النبي صلى الله عليه وسلم في حال صعب جداً مطلوب لأكثر من جهة ، النبي صلى الله عليه وسلم ليس مطلوباً لشخص واحد وإنما لأشخاص ، كيف يعد النبي صلى الله عليه وسلم سراقة بسواري كسرى وهو بحال من الصعوبة بمكان .
الأستاذ : إن هذه الصفة يشترط أن تكون صفة أساسية من صفات الرجل الذي يتصدى للقيادة ، ألا ينهار أثناء الأزمات ، والذي ينهار لا يستحق القيادة ، فالرسول صلى الله عليه وسلم في كل مواقفه في الأزمات ، في كل الأزمات كان هو الذي يقف والذي يصمد والذي يشجع ، كان علي بن أبي طالب بطل الأبطال وكان يقول إذا اشتدت المعركة كنا نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، هو بطل الأبطال يحتمي بالرسول عليه الصلاة والسلام ، هذه صفات القائد، ويجب أن تتوفر في القائد الرسول صلى الله عليه وسلم ، أضف إلى ذلك أنه يوحى إليه ، عندما لحق به سراقة بن مالك ، ودعنا نختصر الأحداث التي حدثت ، ولم يؤمن وطلب الأمان من الرسول صلى الله عليه وسلم وكتب له الرسول كتاب أمان ، واستدار عائداً ، فقال له الرسول ارجع ، وقال لأبي بكر رده ، فرجع فقال له يا سراقة ما رأيك بسواري كسرى ؟ هذا الرسول المهاجر الذي يطارده كل من بالجزيرة من أجل مائة ناقة ، ومائة ناقة ثروة في ذلك الوقت ، ناقة وليس جملاً لأن الناقة تلد ويزداد بها الغنى ويتطور المال ، يقول له ما رأيك بسواري كسرى ؟ هذا البدوي يستغرب فيقول له : كسرى بن هرمز ؟ فهو يريد أن يتثبت حتى لا يكون هناك بدوي أيضاً اسمه كسرى ، قال: كسرى بن هرمز ، فذهب سراقة عائداً ،وعندما جاءت غنائم المدائن وجاء من بينها سواري كسرى قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه عليَّ بسراقة ، فجاء سراقة يجري ، فقال له يا سراقة ، وكان سراقة أسمر أقرب ما يكون إلى السواد ، قال له يا سراقة ارفع يديك فرفع يديه وألبسه سواري كسرى وقال له : يا سراقة قل : الحمد لله الذي نزعها من كسرى وألبسها بدوياً من بني جعثم ، لأن سراقة جعثمي ، فكبر سراقة ، وكبر الناس وبكى كل من حضر ، ذلك لأن هذا أمر عجيب جداً أن تعد وأنت طريد ملاحق ، أن تعد بسواري كسرى ، وكسرى بن هرمز كان ملك العالم مثل بوش أو أوباما ، في ذلك الوقت الدولة الفارسية كانت من أعظم الدول التي ظهرت في الوجود .
هناك حادثة أخرى في الخندق عندما بلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا هذا الكلام يقال عن الصحابة ومعهم الرسول ،وتظنون بالله الظنونا، وعندما ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم بالمعول بشرهم بفتح فارس وفتح الروم وفتح القسطنطينية وفتح روما بشرهم بهذا كله ، هذا لا يكون إلا من قائد عظيم يوحى إليه .
المقدم : وهو النبي صلى الله عليه وسلم .
الأستاذ : محمد صلى الله عليه وسلم .
المقدم : أستاذ أحمد ، الذي رأيته من خلال الكتاب أن ابتداء هذه المحاولات كان مبكراً ابتدأ ليلة الهجرة ثم في طريق الهجرة ، ما الذي يوحيه هذا ؟
الأستاذ : شعور مكة بخطورة أن يصل الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ،ولذلك حاولوا أولاً أن يغتالوه في منزله ففشلوا ، لاحقوه فوقفوا أمام الغار ، ولولا عناية الله سبحانه وتعالى لقتلوه ، ثم أعلنوا بالجائزة الكبرى مائة ناقة ، فالعرب كلها كانت تريد مائة ناقة فهي لا تؤمن بالرسول صلى الله عليه وسلم ، فهذا كله إدراك من أهل مكة بخطورة هذه الهجرة، وفعلاً كانت النهاية القضاء على سيادة مكة ، وبقيت السيادة للمدينة ، فقد بقيت المدينة هي العاصمة، عاصمة الدولة في عهد الرسول وعاصمة الخلافة الراشدة من بعده ، ولم تكن مكة .
المقدم : مع العلم أنهم لم يقفوا مكتوفي الأيدي ، كانوا يرسلون الوفود تلو الوفود إلى المدينة حتى يحذروا من النبي صلى الله عليه وسلم .
الأستاذ : نعم ، وحاربوه حرباً شعواء في بدر وفي أحد وفي الخندق ، وكل هذه الحروب تعاونوا فيها مع اليهود وأرسلوا إلى كسرى حتى يتعاون معهم ولم يتركوا وسيلة ، أنا سئلت في أحدى المرات هل كان أهل مكة يحاربون للزعامة أو للاقتصاد ؟ قلت : كانوا يحاربون دفاعا عن الوثنية ، وقد أعلن ذلك أبو سفيان في معركة أحد عندما انتصر ، قال اعلُ هبل ! إذن كان يحارب دفاعاً عن الوثنية ، كان يحارب لإعلاء شأن هبل ، كان مؤمناً بالوثنية ، وإلا لما صرف أمواله ولا قتل رجاله في سبيل هذه الوثنية .
المقدم : طيب ، أستاذ أحمد دعنا ننتقل إلى محاولة أخرى تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم أشرت إليها في كتابك، هذه المحاولة كان بطلها رجلاً يسمى دعثور المحاربي ، نحب أن تتحدث لنا عما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم وما الحكمة التي أرادها النبي صلى الله عليه وسلم في التعامل مع هذا الموقف ؟
الأستاذ : قريش لم تكن لوحدها في حرب الرسول صلى الله عليه وسلم، كان لها حليفان أساسيان اليهود بفروعهم ، وقبيلة غطفان ، وهي قبيلة من أكبر قبائل العرب ، وقد تفرعت إلى قبائل مشهورة عرفت بشدتها وقوتها ، منها بنو عبس الذين منهم عنترة وبنو ذبيان الذين كان منهم النابغة الذبياني ، هؤلاء كانوا قريبين من المدينة المنورة ، وكانوا حلفاء قريش في كل حروبهم ، كانوا في معركة الخندق أكثر من نصف الجيش الذي حاصر المدينة ، فكانوا خمسة آلاف مقاتل ، نعم فكانت من ألد أعداء الرسول صلى الله عليه وسلم فلا نعجب نحن أن بني محارب وهم من غطفان أيضاً كانوا يجمعون ويستعدون لمحاربة الرسول صلى الله عليه وسلم بالاتفاق مع قريش ، الرسول صلوات الله وسلامه عليه كان كعسكري يبث العيون في جميع أنحاء الجزيرة العربية فتأتي بالأخبار ويتصرف بناء على هذه الأخبار ، بنو محارب كانوا يستعدون لغزو المدينة ففجاءهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالهجوم فهربوا إلى رؤوس الجبال ، فنزل الجيش الإسلامي للراحة والرسول جلس مستريحا في زاوية ، فجاء هذا الرجل .
المقدم : هل معنى هذا أستاذ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم تكن له حماية في تلك الفترة ؟
الأستاذ : الرسول صلوات الله عليه في أول حياته نعم .
المقدم : لم تكن له حماية ؟
الأستاذ : بلى في أول حياته كانت له حماية ، وكان قائد الحماية هو محمد بن مسلمة الأنصاري ، كان هو المسئول عن حماية الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، وعندما نزلت هذه الآية "والله يعصمك من الناس" قال الرسول صلى الله عليه وسلم لرجال الحماية انصرفوا ، واكتفى بحماية الله ، ومن يستطيع أن يصل إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في حماية الله ؟ وقد فشلت كل محاولات الاغتيال بحماية من الله سبحانه وتعالى .
المقدم : إذاً استراح الرسول صلى الله عليه وسلم عند الخيمة .
الأستاذ : فبعث بالاتفاق مع قومه، أو هو تبرع أن ينزل ويقتل الرسول الذي رآه منفرداً ونحن نعلم أنه هدد الرسول ، سلَّ سيفه وقال للرسول من يحميك مني ؟ فقال له الرسول ...
المقدم : والنبي صلى الله عليه وسلم بمفرده .
الأستاذ : والنبي بمفرده لم يخف ، قال : الله يحميني منك ، فسقط السيف من يد هذا الرجل ، فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له : من يحميك مني ؟ قال : لا أحد ، وأسلم الرجل في هذه الحادثة ، وتتداخل هذه الحادثة مع حادثة أخرى ، لكن هذا الرجل أسلم ، ورجع إلى قومه مسلماً ، فهذه الحادثة تدل على ثبات الرسول وشجاعته ، والرسول يقول "إنما الصبر عند الصدمة الأولى" فالرسول صلى الله عليه وسلم كان من الذين يصبرون عند الصدمة الأولى، انظر إلى موقفه في حنين هرب الجيش وكانوا اثني عشر ألفاً ، هربوا وبقي لوحده ومع ذلك صمد ، وأخذ ينادي على الأنصار ، ينادي على المسلمين الأوائل ، فاجتمع حوله نفر قليل فانتصر بهم ، اثنا عشر ألفاً لم ينتصر بهم وانتصر النفر القليل ، وهذه ثقة بالله سبحانه "ويوم حنين اذ أعجبتكم كثرتم فلم تغنِ عنكم شيئاً" هذا الرجل الذي حاول قتل الرسول أعجب بثبات الرسول وبحكمة الرسول ، فأسلم .
المقدم : وكان هذا من حكمة النبي صلى الله عليه وسلم .
الأستاذ : الرسول كله حكمة .
المقدم : طيب أستاذ أحمد بدأت وقرأت أيضاً مقدمة الكتاب وبعد ذلك سرت وتعجبت ألا أجد محاولة لليهود الذين هم معروفون بقتلهم للأنبياء وبتمردهم وبعصيانهم ، لكنني وقعت أثناء القراءة على محاولة ليهود بني النضير أردوا من خلالها استهداف النبي صلى الله عليه وسلم أشرت إليها في كتابك نحب أن نسلط الضوء عليها .
الأستاذ : كانت هناك محاولتان لاغتيال الرسول من قبل اليهود ، الأولى من بني النضير وهناك أيضاً محاولة أخرى في خيبر عندما حاولت امرأة يهودية أن تدس السم للرسول صلى الله عليه وسلم ، فبنو النضير كانوا داخلين في المعاهدة ، هذه المعاهدة التي نسيمها في العصر الحديث تنظيم المجتمع المدني، كانوا داخلين في هذا التنظيم وكانت عليهم واجبات منصوص عليها في المعاهدة التي وقعوا عليها حدث حادث أن عمرو بن أمية عندما غدر بنو عامر بالمسلمين في بئر معونة لقي اثنين من بني عامر في الصحراء فقتلهما ، وكانا قد أخذا أماناً من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعندما علم الرسول قال لأفدينهما ، ففي بداية الدعوة كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يملك مالاً ، فأراد أن يستعين بحلفائه بني النضير فذهب إليهم وجلس تحت جدار هو وأبو بكر وبعض الصحابة وتحادثوا مع بني النضير فقالوا يا أبا القاسم سندفع ، ثم ذهبوا وتآمروا عليه وأرادوا أن يلقوا عليه الصخرة من فوق الجدار ، فأوحي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يطلب من أحد من الصحابة أن يقوم ، وذهب إلى المدينة فلما استطالوا الوقت ذهبوا إلى المدينة ، استوضحوا من الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبرهم بأن اليهود أرادوا أن يغدروا به ،فأصبح في حل من المعاهدة التي بينهم ،وطلب منهم أن يجلوا عن المدينة .
المقدم : وأين كانت هذه المحاولة الثانية من قبل اليهود ؟
الأستاذ : المحاولة الأولى .
المقدم : المحاولة الأولى وتبعتها محاولة ثانية .
الأستاذ : بعد ذلك محاولة المرأة اليهودية
بعدما ذهب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى خيبر، الرسول له كلمة حلوة وهو مقبل على خيبر يجب أن نذكر الناس بها قال قولته المشهورة ، الله أكبر خربت خيبر، كان ذلك قبل أن يحتلها وقبل أن يحاصرها حكم عليها بالهزيمة ، بعض الناس لا ينتبهون لأقوال الرسول صلى الله عليه وسلم : الله أكبر خربت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ،أي أنهم قد انتهوا .
فعندما احتلت حصون خيبر وتمت الهزيمة كانت صفية التي تزوجها الرسول امرأة يهودية ، ذهبت إليها واحدة من قومها وقالت لها : أحب أن أهدي إليك شاة .
المقدم : وهذا ما أحببت أستاذ أن أسأل عنه ، هل أن هذه المحاولات التي استهدفت النبي صلى الله عليه وسلم حاولت القضاء على الدعوة الإسلامية، ذلك لأن القضاء على شخص النبي صلى الله عليه وسلم هو القضاء على أمة ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يشكل رمز هذه الأمة في ذلك الوقت وإلى الآن هو رمزنا صلى الله عليه وسلم ، هذه المحاولات الاغتيالية ، هذه المحاولات للقضاء على هذه الدعوة هل كان يشترك فيها الرجال فقط ؟ نحن نعرف أن طبع المرأة هو طبع فيه نوع من الضعف لا تستطيع أن تمارس مثل هذه العملية التي فيها إزهاق روح .
الأستاذ : المرأة بشكل عام رقيقة وعاطفية ، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم : رفقا بالقوارير ، لكن هناك نساء أعوذ بالله منهن ، نعم الشر كله يأتي منهن .
المقدم : من بعضهن .
الأستاذ : من بعضهن نعم أنا أمثل بذلك بالحرب التي دامت أربعين سنة بين بكر وتغلب كانت بسبب امرأة ، وياليتها بسبب امرأة بل بسبب ناقة لامرأة كانت ضيفة على إحدى القبيلتين ، قبيلة بكر ، فكليب الزعيم الكبير كان جباراً مثله مثل بقية الزعماء ، فكان يحمي الأرض ، أي يمنع أي أحد يرعى هذه الأرض ، لا غنمه ولا إبله ، فعندما ذهبت ناقة البسوس إلى هذه الأرض ضربها بسهم فثارت الحرب بسبب امرأة ، إن مكانة المرأة في الجاهلية نجهلها جهلاً تاماً، هذه المرأة اليهودية أتت بشاة وملأتها سماً ، وسألت بعض الناس أي جزء من هذه الشاة يحب الرسول ؟ قالوا لها يحب الكتف، فملأتها سماً أكثر ثم أهدتها لزوج الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلما جاء رسول الله مع أصحابه قال ما هذا؟ قالت هدية من يهودية وأنت تعلم أن الرسول يأكل من الهدية فمد يده إلى الكتف ، أراد أن يأكل فقال : إن هذه الكتف تخبرني أنها مسمومة ، كان أحد الصحابة قد أكل وتوفي رضي الله عنه ، استشهد في هذه المحاولة .
أُتي بالمرأة وحقق معها، وكانت ذكية، قالت: أردت أن أتأكد أنك رسول الله، فقلت إن كان ملكاً أو كان زعيماً فسيأكلها ونتخلص منه ، وأما إن كان نبياً فسيخبر ، قالت : الآن تأكدت أنك نبي .
المقدم : اليهود يأتون بالأقاويل تلو الأقاويل يعني عندما أمروا بذبح بقرة يطلبون ألوانها .
الأستاذ : كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم ، اليهود في حقيقتهم مع الرسول صلى الله عليه وسلم كانوا يحاولون محاولات دائبة ، فردية وجماعية ، ومحالفات مع القبائل ومع قريش بالذات ، ألم تعلم أن اليهود عندما ذهبوا ليتحالفوا مع قريش لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم قالت لهم قريش: هل نحن على الحق أم دين محمد فقالوا لهم أنتم ودينكم على الحق، قالوا إن كان هذا صحيحا فهذه الأصنام اسجدوا لها ، فسجد اليهود للأصنام ، اليهود أصحاب مؤامرات على مر التاريخ ولذلك فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أرسل إلى زعماء اليهود الذين كانوا يتآمرون عليه من قتلهم .
المقدم : يفهم من ذلك أن كثيراً من محاولات اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم فيها لمسات يهودية .
الأستاذ : العالم كله لمسات يهودية اليوم .
المقدم : أستاذ بالانتقال إلى قضية أخرى يعني الجهات التي استهدفت النبي صلى الله عليه وسلم جهات كثيرة أشرت إليها في الكتاب قرأت الكتاب ووصلت تقريبا إلى ثلاثة أرباعه وأنا أقول ليس للمنافقين أي محاولة لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم أو ما يسمى اليوم الطابور الخامس، مع العلم أن النبي صلى الله عليه وسلم تعامل معهم بكل محبة وحتى قال أخشى أن يقال أن محمد صلى الله عليه وسلم يقتل أصحابه عندما طلب منه الصحابة أن يقتل هؤلاء المنافقين .
الأستاذ : نعم ، كان المنافقون أخطر من المشركين ، لأن العدو المباشر تستطيع أن تتعامل معه ، لكن المنافق كالزئبق يفلت من هنا ومن هنا ، يأتيك بوجه ويعود بوجه آخر ، فكانوا هم أشد خطراً ، فكانت المحاولة الكبرى التي حدثت لقتل الرسول هي محاولة المنافقين ، الرسول صلوات الله عليه وسلم ذهب إلى تبوك عندما شعر بخطر الروم على الجزيرة العربية ، أراد أن يحاربهم أو أراد أن يظهر لهم من نفسه قوة ، من الضروري أن ندرك هذه النقطة فالرسول كان دائماً يظهر القوة لأعدائه ، وأحب أن أذكرك بلمسه بسيطة يتعلمها أعداؤنا منا ، أذكرك بها وأذكر جميع المشاهدين ، عندما ذهب رسول الله إلى العمرة وكان المسلمون في أشد حالات الضعف والفقر فقال لهم عندما تصلون إلى نقطة معينة تشاهدكم فيها قريش اركضوا حتى نريهم أننا أقوياء ، وهذا لا زلنا نفعله الآن اقتداء بالصحابة رضوان الله عليهم ، الآن أريد أن أنبهك ، تابع اجتماعات مجلس وزراء العدو الإسرائيلي تجدهم يلقطون الصور لهم وهم يمشون بقوة كلهم كبيرهم وصغيرهم أمام التلفزيون هذا أخذوه من السيرة النبوية وكيف كان الرسول يظهر من نفسه قوة وهو ضعيف وأصحابه ضعفاء هذه نقطة ضرورية حتى ننتقل إلى محاولة اغتيال المنافقين .
المقدم : عفواً أستاذي إنه ليس ضعفاً معنوياً ، وإنما هنالك ضعف يعني في العدد ربما .
الأستاذ : ضعاف عسكريا حتى نظهر الأشياء على حقيقتها ، الأعداء في هذا العصر استفادوا من سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأكبر ما استفاده اليهود من هذه السيرة هو صلح الحديبية ماذا فعل الرسول في صلح الحديبية ؟
يا سيدي ، لقد حيد أكبر قوة في الجزيرة العربية ، وضعها على الحياد وتفرغ لبقية القبائل ، تفرغ لليهود تفرغ للقبائل الأخرى ، ماذا فعلت إسرائيل في كامب ديفيد ؟ إسرائيل حيدت مصر أكبر قوة عربية ، وتفرغت لبقية الدول العربية، فتتساقط الدول العربية بين أيديها ، استفادوا هم من السيرة ونحن نيام ، إما أننا لا نقرأ نهائيا أو نقرأ ولا نفهم .
المقدم : نرجع إلى تبوك .
الأستاذ : نعم هذه هي التداعيات ، فالمنافقون عندما رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم انفرد عن الجيش في عدد يسير من أصحابه منهم حذيفة بن اليمان العبسي قالوا نستغل هذا الانفراد لقتله فتلثموا حتى لا يعرفوا ، وحاولوا الصعود إلى التلة التي صعد إليها الرسول حتى يطوقوه بها ، فانتبه الرسول صلى الله عليه وسلم وعاد إليهم فهربوا ، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم أتى بحذيفة وذكرهم له رجلاً رجلاً بالاسم ، هؤلاء هم المنافقون الذين حاولوا اغتيال الرسول صلى الله عليه وسلم .
المقدم : إذن كان سيدنا حذيفة رضي الله عنه يعلم أسماءهم .
الأستاذ : نعم وقد كان كثير من الصحابة يقولون لحذيفة : نسألك بالله يا حذيفة أنحن منهم ؟ وحتى عمر قال لحذيفة أأنا منهم ؟ فهذه محاولة المنافقين وهي أخطر محاولة ، لأن الرسول صلوات الله وسلامه عليه لو قدر الله أنه أصيب لاهتزت معنويات المسلمين .
المقدم : أستاذ أحمد قرأت أيضاً في الكتاب "والله يعصمك من الناس" عن مواقف جرت من أبي سفيان في أيام جاهليته فهو لم يكن شديد الأذى للنبي صلى الله عليه وسلم ، والأذية التي تلقاها النبي صلى الله عليه وسلم من أبي جهل ربما تختلف عن ما فعله أبو سفيان في أيام جاهليته ، فقد تعرض النبي صلى الله عليه وسلم لمحاولة اغتيال من أبي سفيان أشرت إليها في الكتاب ما هي ؟
الأستاذ : سيدي الرسول صلى الله عليه وسلم سمى هذا الرجل "أبو جهل" إنه جاهل لا يعرف معنى القيادة ولا يعرف خططها ولا يعرف أصولها فكان مندفعا أهوج، أما أبو سفيان فهو بعكس أبي جهل كان رجلا عاقلا مدبرا مخططا حارب الرسول صلى الله عليه وسلم عشر سنوات وكان قائد جبهة الشرك ، أنا ألفت كتابا عن أبي سفيان بن حرب عنوانه "أبو سفيان بن حرب من الجاهلية إلى الإسلام" وتنقلت في مراحل حياة هذا الرجل ودعوت الباحثين أن يدرسوا هذا الرجل لأنه كان القائد الأعلى لكل الجبهة التي حاربت الرسول صلى الله عليه وسلم ، يطول الحديث عن أبي سفيان ، أبو سفيان لم يدع خطة ولم يدع طريقة ولم يدع تجييش لمحاربة الإسلام، هم كانوا عندما يحاربون الرسول إنما يحاربون الإسلام ، فجلس أبو سفيان ذات يوم يفكر ويقول في نفسه : كيف أحارب محمداً ؟ فقال من لي برجل شجاع يغتال محمداً فنتخلص منه بحركة اغتيال فذلك أحسن من الجيوش والإنفاق فالحروب تحتاج إلى إنفاق مال ، وأبو سفيان تاجر كان حريصاً على المال ، فقال أحد البدو : أنا له ، أنا حديد القلب لا أخاف الرجال ، فأرسله أبو سفيان ليغتال الرسول صلى الله عليه وسلم ، كان الرسول جالساً في المسجد بين أصحابه فلما طلع هذا الرجل نظر إليه الرسول وقال : هذا الرجل ينوي غدراً ، عرف ذلك من وجهه فقام إليه الصحابة وأحاطوا به ، فقال لا تضربوه ، وقال للرجل تقدم لماذا جئت ؟ قال : أنا رجل أعرابي جئت أستفيد وأسمع إلى هذا الدين ، قال له لا بل جلست مع أبي سفيان وقلت كذا وكذا فاعترف الرجل ، ويقال أنه انتفض من الخوف وسقط الخنجر الذي كان يدسه في ثيابه ، هذه محاولة أبي سفيان وهي إحدى المحاولات للقضاء على الإسلام .
المقدم : طيب أستاذ أحمد وأنا أقرأ الكتاب رأيت أنك تصدر لكل محاولة اغتيال إما بآية قرآنية أو بحديث للحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم أو حتى بأبيات من الشعر العربي ، فيما يخص الآيات القرآنية وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم كتصديرك مثلاً حادثة الهجرة بقوله تعالى : "وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك" ما مدى تلاؤم هذه الآيات مع الموقف أو مع سبب من أسباب النزول ، هل كان هنالك ارتباط .
الأستاذ : كل ما صدرت به محاولة من المحاولات له ارتباط بها ، ففي حادثة الهجرة قدمت لها فقلت : كانت الآراء أن يثبتوك يعني يسجنوك حتى قالوا نقيده ونسجنه أو يخرجوك أي ينفوك من البلد وهذه الآية كانت تخص ما اتفقوا عليه من المكر في حادثة الهجرة فأنت ترى أن لها صلة ، أنا لم أكتب تصديراً ليس له صلة بالحادثة .
المقدم : أستاذ أحمد ، شخص هدى البشرية ، حوَّل مسار التاريخ ، كان له دور في رسم ما سيكون في قادم الأيام ، وأتباعه وصلوا إلى مئات الملايين ، السؤال الذي يطرح نفسه ثلاث عشرة محاولة اغتيال قليلة لهذه الشخصية التي غيرت مجرى التاريخ ، هل كانت هذه المحاولات التي أشرت إليها في كتابك ثلاث عشرة محاولة اغتيال فقط أم أن هنالك محاولات كثيرة لم تستطع أن تأتي بها وتضعها في هذا الكتاب ؟
الأستاذ : أنا حاولت أن أستوعب المحاولات ، ولكن الإحاطة بأمر واحد لا تتوفر لأي بشر ، فلابد أن هناك أشياء فاتتني ، لكني أقول إن محاولات اغتيال الرسول لم تتوقف حتى يومنا هذا ، محاولات اغتيال الرسول بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى تتمثل بمحاولات اغتيال القرآن الكريم ، اغتياله بتحريفه، بمحاولة صد الناس عنه ، بمحاولة عدم تطبيق آياته ، فتستطيع أن تعد عشرات المحاولات التي تحدث في زماننا هذا الذي نعيشه لصد المسلمين عن القرآن الكريم وعن السنة المطهرة هناك الآن بعض الخبثاء يظهرون حبهم وعطفهم على هذا الدين يقولون يا أخي لدينا القرآن الكريم فما لنا وللسنة ؟! نحن نكتفي بالقرآن ، وهذا مكر تزول منه الجبال، هؤلاء أشد من الذين يقولون لا نريد لا قرآن ولا سنة ، يقول بعض الناس دعونا نمشي معهم نصف الطريق ! فهذا لا يجوز السنة النبوية المطهرة لاقت في هذا العصر هجوما عنيفا وأخص بالذكر الصحيحين أنا قرأت في إحدى المجلات ، لا أريد أن أذكر اسمها ، وهي من أشهر وأكثر المجلات شيوعاً مقالة من عشرين سنة يقول عنوانها ليس كل ما في صحيح البخاري صحيحاً ، وهذا تشكيك في اعتقادات المسلمين ، فالمسلمون يعتبرون صحيح البخاري بعد القرآن الكريم ، وكان المسلمون إذا حزبهم أمر يتلون القرآن ويقرؤون صحيح البخاري ، فهذا الهجوم على كتب رجال الصحاح هجوم مقصود ، قبل أيام سألني أحدهم يا أخي هذا أبو هريرة يحفظ أكثر من أربعة آلاف حديث ، هل من المعقول أن يحفظ أربعة آلاف حديث ؟ قلت له أنا قرأت قبل أيام أن هناك مئة ألف حافظ للقرآن الكريم في باكستان وهم لا يفهمون العربية فأربعة آلاف حديث قليلة إذا قستها بحفظ القرآن الكريم .
المقدم : وكأن التاريخ أستاذ يعيد نفسه فعلاً ، المحاولات مستمرة ربما محاولات الإساءة الأخيرة إلى القرآن والإساءة بالرسوم التي أردوا من خلالها الهزء بالرسول هي واحدة من محاولات الاغتيال الحديثة .
الأستاذ : هؤلاء تافهون .
المقدم : أستاذ بدقيقتين نحب أن نسمع من الأستاذ احمد ما الذي أراد إيصاله إلى القارئ الذي يقرأ كتاب "والله يعصمك من الناس" وهو عرض أدبي تاريخي لمحاولات اغتيال النبي صلى الله عليه وسلم ، ما الذي أردت إيصاله من خلال هذا الكتاب .
الأستاذ : دعني أوضح أن هذا الكتاب في أصول تأليفه كان تأييداً لكتاب سبقه في التأليف موضوعه "فدائيون من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم" أنا عندما تتبعت الحركات الفدائية في العالم العربي وجدتهم يسيرون بها على غير هدى، نسمع من يقول: هذه كتيبة كاسترو ،وهذه كتيبة جياب ،وهذه كتيبة جيفارا ،هذه كتيبة فلان وفلان من الكفار ، فقلت لهم لا تتخذوا أعداء الله أولياء ، أين كتيبة خالد بن الوليد ؟ أين كتيبة أبو عبيدة بن الجراح ؟ أين كتيبة ضرار بن الأزور ؟ أعلامنا وأبطالنا الذين فتحوا العالم ودوخوا أكبر إمبراطورية في زمانهم، فأنا أردت أن أُؤَلف كتاباً أوضح فيه أن لنا أبطالاً ، أن لنا رجالاً ، أن لنا فدائيين، فسميته "فدائيون من عصر الرسول" بعض المتنطعين من المسلمين اعترضوا ، كيف تنسب الاغتيال إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، نحن ننزه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاغتيال ، قلت لهم لا ، الرسول صلى الله عليه وسلم مارس الاغتيال ،أرسل من يغتال أبا سفيان ، أرسل من يغتال كعب بن الأشرف هو في حرب ، أرسل لقتل شخصيات كثيرة لأن الخطر قد ينتهي بقتل شخص ، أنا أعطيت مثلاً باختصار : خالد الهذلي جمع الجموع للهجوم على المدينة فالرسول صلى الله عليه وسلم كلف عبد الله بن أنيس الجهني ليقتله ، لأنه باختصار لو قتله لانفض عنه الناس ، وتذهب الخطورة عن المدينة المنورة .
المقدم : وهذا الذي جعل الأستاذ أحمد الجدع يؤلف كتاب "والله يعصمك من الناس" .
الأستاذ : حتى أشرح لهم أن الرسول نفسه تعرض إلى محاولات اغتيال .
المقدم : نعم الأستاذ أحمد الجدع مؤلف كتاب "والله يعصمك من الناس" هذا الكتاب الرائع ، شكراً جزيلا لك على هذه المشاركة .
الأستاذ : بارك الله بك ،وأنا أشكركم شكراً جزيلاً على هذه الاستضافة ، وأشكر جميع المشاهدين وجميع من عمل في إخراج هذا البرنامج .
المقدم : وأنت أيضاً ، مشاهدينا الكرام لكم الشكر الجزيل ، هذا كتاب يستحق أن تنظر فيه عزيزي المشاهد والمشاهدة لأن فيه من الحكم الشيء الكثير كتاب "والله يعصمك من الناس" عرض تاريخي أدبي للمحاولات التي تعرض لها النبي صلى الله عليه وسلم ، محاولات اغتياله من تأليف الأستاذ أحمد الجدع ، نلقاكم على خير في حلقة قادمة من برنامج بين السطور إلى ذلك الحين أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .