مع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية
نص الحوار الذي أجرته مجلة "المراقب العربي"
مع المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في سورية
علي صدر الدين البيانوني
ونشر في عدد شهر تموز (يوليو) 2005
المرشد العام للإخوان المسلمين في سورية في حوار خاص مع المراقب العربيّ:
لم نؤمّل من مؤتمر البعث شيئاً، وسورية حرة ديمقراطية أصبحت قريبة
لندن – (المراقب العربي)
المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين المحظورة في سورية. والمعارض السياسي الإسلامي المقيم بالمنفى، ذلك هو علي صدر الدين البيانوني المولود بمدينة حلب عام 1938
حصل البيانوني على الإجازة في الحقوق من جامعة دمشق عام 1963، وعمل مدرساً للغة العربية في المدارس الخاصة في حلب عام 1957، ثم التحق بخدمة العلم برتبة ضابط احتياط في الجيش العربي السوري في مطلع عام 1959، وعمل موظفاً في مؤسسة الكهرباء والنقل بحلب عام 1962، ثم عمل بالمحاماة في مدينة حلب منذ عام 1978
انتسب البيانوني إلى جماعة الإخوان المسلمين السورية عام 1952، وتدرّج في مواقع قيادية فيها، حيث كان عضواً في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي منذ عام 1972، وعين نائباً للمراقب العام في عام 1977، وشغل هذا الموقع لسنوات.
انتخب مراقباً عاماً للجماعة في شهر تموز (يوليو) 1996 وقد أعيد انتخابه عام 2002 لفترةٍ ثانية مدتها أربع سنوات.
اعتقل البيانوني مدة عامين في سورية بسبب انتمائه لجماعة الإخوان المسلمين من عام 1975 حتى عام 1977 وقد غادر سورية عام 1979. ويقيم حالياً في لندن.
وتسعى جماعة الإخوان المسلمين في سورية إلى طرح وجهة نظرها السياسية، فقد أعلنت في أيار (مايو) 2001 (أي بعد عشرة شهور من تولّي الرئيس بشار الأسد السلطة) عن مشروع ميثاق شرف وطني للعمل السياسي في سورية.
ثم عرضته خلال مؤتمر المعارضة السورية من 23 إلى 25 آب (أغسطس) 2002 بلندن. وقد لقي بيان الإخوان ترحيباً في أوساط المعارضة السورية. ولم ترحب الحكومة السورية بفكرة البيان.
وتعرّف جماعة الإخوان المسلمين في سورية نفسها بأنها (تنظيم إسلامي الفكر والأهداف والآليات، وسطيّ التفكير والتوجّه). وتقول إنها (تعمل من خلال الوسائل المشروعة السلمية بأداء شوريّ ديمقراطي). وتعود نشأتها في سورية إلى عام 1945 وكان مراقبها العام الأول الدكتور مصطفى السباعي. وتقول أدبياتها أنها (دخلت الحياة السياسية والعملية باعتبارها فصيلاً وطنياً من فصائل العمل السياسي على الساحة السورية، وظلت هذه رؤيتها لنفسها وستظل رؤيةً استراتيجيةً مبدئية).
وتسعى الجماعة إلى أن (تكون الحرية في متناول كل فرد من أفراد الشعب السوري، ومن أجل تعزيز احترام حقوق كل الذين يعيشون على أرض الوطن).
وتوضح أن الطريق إلى ذلك هو (الاعتراف بالآخر، والاتفاق على صيغة متوازنة لانتقال السلطة. تجدّ وتجتهد في سبيل وحدة وطنية متينة توظّف في الدفاع عن الوطن). كما تقول إنّ من أهدافها (بناء صف عربي متكامل ومتفاهم، وعلاقات إسلامية متينة وأخوية. وتتطلّع من خلال ذلك إلى الحفاظ على جميع حقوق الأمة العربية والإسلامية، وإلى مكانةٍ لهذه الأمة تثبت حضورها وفاعليتها في تعايش إنسانيّ وواقعيّ مع باقي الشعوب والأمم).
وعلى مدى (22) عاماً من المعارضة في المنفى، أفضت المراجعات الداخلية التي قامت بها جماعة الإخوان المسلمين إلى التخلّي عن (العنف) الذي تؤكّد أنها (اضطرّت إليه عندما حاصرها النظام، فسجن قادتها وقتل شبابها) كما توضح مصادرها.
ومنذ عام 1996 كثّفت الجماعة نشاطها السياسي والإعلاميّ، وقامت استراتيجيتها على (معارضة الطريقة التي تحكم بها البلاد والتي أدّت إلى تدهور سياسي واقتصادي واجتماعي، دون إغلاق الباب في وجه المبادرات السياسية). وأكّدت أدبياتها أن (المصالحة الوطنية الشاملة هي الهدف النهائيّ).
(المراقب العربي) التقت المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين السورية
وكان لها معه هذا الحوار:
- جاء خطاب الرئيس بشار الأسد الأخير أمام المؤتمر العاشر لحزب البعث بعدة اقتراحات للتغيير وفي عدة مجالات ما هو حجم التوقعات لديكم وما مقدار التغيرات القادمة؟
- نحن لم نكن نتوقع من المؤتمر العاشر لحزب البعث أن يحدث تغييراً حقيقياً في نهج الحكم الاستبدادي القائم، أو أن يقوم بإصلاحات حقيقية، ذلك لأن كل المصائب التي حلّت بالشعب السوري، وكذلك حالة الفساد المستشري التي تفشّت في كافة المناحي السياسية والاقتصادية والإدارية.. إنما هي حصيلة استيلائه على الحكم بالقوة العسكرية، وإقصائه كافة القوى الوطنية عن الحياة السياسية، بعد أن فرض نفسه قائداً للدولة والمجتمع.. بالإضافة إلى أن حزب البعث ليس هو الحاكم الفعلي في سورية، بعد أن تسلّطت عليه مجموعة من أصحاب المصالح والنفوذ، وأصبحت تحكم باسمه، وهؤلاء يتحكّمون في جميع شئون الدولة الأمنية والسياسية والاقتصادية.. ويسخّرونها لمصالحهم ومصالح أسرهم وأزلامهم، ويعتبرون أيّ تغيير في بنية النظام الحالية، سيكون على حساب نفوذهم ومصالحهم. لذلك فإن التغييرات – إن حصلت – فسوف تكون شكلية تجميلية، ولن تؤدّي إلى إصلاحٍ حقيقي.
- ناقش المؤتمر العاشر لحزب البعث قانون الطوارئ والخصخصة ومكافحة الفساد وهناك اقتراح بإلغاء القيادتين القطرية والقومية وبتغيير اسم الحزب ما مدى جدية النظام السوري في حديثه عن الإصلاح والتغيير في نظركم؟
- كلّ هذه المناقشات لم تصل إلى عمق المشكلات التي تعاني منها البلاد، ولا تعني جماهير الشعب السوري في شيء، ما دامت لم تتناول الأسباب الحقيقية للفساد السياسي والمالي والإداري.. الذي يرزح تحته الشعب السوري، هذه الأسباب المتمثلة في النهج الاستبدادي الإقصائي، وغياب الحريات العامة والشفافية وحرية التعبير والقضاء المستقل، وتغوّل الأجهزة الأمنية، وتدخّلها في أخصّ خصوصيات المواطنين، وشئونهم الحياتية اليومية، وما دامت المادة الثامنة من الدستور تكرّس احتكار حزب البعث للسلطة، وإقصاء سائر القوى الوطنية وتهميشها.. وما دامت هناك مجموعة متسلّطة على الحزب والدولة، تمسك بزمام الحكم، وتسخّر كلّ شيء لخدمة مصالحها واستمرار سلطتها ونفوذها..
كان بإمكان حزب البعث أن يسهم في عملية التغيير والإصلاح، مع سائر القوى الوطنية، لو أنّ المؤتمر القطري العاشر كان قادراً على اتخاذ قراراتٍ تاريخية، تنهي احتكاره للسلطة، وتلغي المادة الثامنة من الدستور، التي تفرض حزب البعث وصياً على المجتمع، وتدعو إلى قيام تعدّدية سياسية حقيقية، يشارك فيها حزب البعث - على قدم المساواة – مع سائر القوى والأحزاب السياسية.
ولو كان المتسلّطون على الحزب جادّون في حديثهم عن الإصلاح والتغيير، لألغَوا بشكلٍ صريح حالة الطوارئ والأحكام العرفية، المفروضة على البلاد منذ استيلائهم على الحكم، وأوقفوا حملة الملاحقات والاعتقالات خارج نطاق القانون والقضاء، وقرّروا الإفراج عن كافة معتقلي الرأي والسجناء السياسيين، والكشف عن مصير المفقودين منهم، والسماح بعودة المنفيين السياسيين، وإلغاء القوانين الاستثنائية المخالفة لأبسط الحقوق الإنسانية مثل قانون العار رقم (49) لعام 1980 الذي يحكم بالإعدام لمجرّد الانتساب لجماعة الإخوان المسلمين..
ولو كانوا جادّين في الإصلاح، لما أبقَوا على المحاكم الاستثنائية التي تتصدّى للمعارضين وأصحاب الرأي الآخر.
ولو كانوا مدركين لحجم الأخطار المحدقة بالبلاد، وكان لديهم الإحساس بالمسئولية عن الوطن، لدعَوا إلى عقد مؤتمرٍ وطنيّ شامل، تشارك فيه كلّ القوى الوطنية، لوضع برنامجٍ عمليّ للإصلاح والتغيير..
لكن يبدو أن القائمين على الأمر في الحزب والدولة، لا يعنيهم أمر الوطن والمواطنين في شيء، ولا يهمهم إلاّ البقاء في الحكم، والمحافظة على نفوذهم ومكتسباتهم ومصالحهم.
- هل هناك تنسيق بينكم وبين المعارضة في الداخل والخارج من اجل الوصول إلى هذا التغيير؟ولماذا لا تتعاونون مع المعارض فريد الغادري؟
- نعم هناك صلات تعاون وتنسيق مع كثير من قوى المعارضة في الداخل والخارج، ونحن منفتحون على كلّ القوى السياسية، في إطار ثوابتنا الوطنية، على قاعدة رفض الاستقواء بالأجنبي على الوطن، ورفض الاحتلال بديلاً عن الاستبداد، ونلتقي مع كلّ الأطياف السياسية، ونتعاون مع الجميع على هذا الأساس، دون استثناء، لإرساء أسس الحياة السياسية الديمقراطية في سورية، بالطرق السلمية. ولقد أعلن التجمع الوطني الديمقراطي المعارض الذي يضمّ خمسة أحزابٍ سياسية، عزمه على الحوار مع الجماعة، والتعاون والتنسيق معها، وكذلك لجان إحياء المجتمع المدني، كما علمتم ما تعرّضت له إدارة منتدى جمال الأتاسي بدمشق، بسبب إشراك الجماعة في ندوة سياسية عن الإصلاح في سورية.
- في اكثر من حديث لكم عبرتم عن رفضكم الاستعانة بالقوى الأجنبية ولكن هناك أخبار تتحدث عن إنكم طلبتم المساعدة من أمريكا للتخلص من الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد. ما هو تعليقكم على ذلك؟
إنّ رفضنا الاستقواء بالأجنبيّ على الوطن، ينطلق من مبادئنا الإسلامية، وثوابتنا الوطنية، ولا يخضع للموازنات والحسابات السياسية. ولا صحة على الإطلاق لما أشرتم إليه من أخبار.
- هناك ضغوط دولية على سورية أدت مؤخرا إلى انسحاب سوريا من لبنان بصورة سريعة في نيسان(أبريل) الماضي، كيف بإمكانكم الاستفادة من هذه الضغوط؟
- نحن لا نعوّل كثيراً على الضغوط الدولية، لا سيما وأنها لا تتعلّق – أساساً - بقضايا الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان.. بقدر ما تتعلّق بأهدافٍ ومخطّطات ترمي إلى إعادة رسم خريطة المنطقة بما يخدم مصالح الولايات المتحدة الأمريكية وحليفها الاستراتيجي العدو الصهيوني. ومن المؤسف حقاً أن النظام السوري يستجيب لهذه الضغوط، ويبدي استعداده لتقديم التنازلات، ولو على حساب الوطن والمواطنين، في سبيل بقائه في الحكم. ومن المعلوم أن أيّ نظام لا يستمدّ قوته من قاعدته الشعبية، معرّض للانهيار بمجرّد رفع الغطاء الدولي عنه. ونحن ننطلق في مشروعنا للإصلاح والتغيير، من واقع مجتمعنا السوريّ وحاجاته، ولا علاقة لنا بأيّ أجندةٍ خارجية. ونعتقد أن من حق أيّ شعب أن يستفيد من أيّ فرصةٍ تُتاح له للتخلّص من الاستبداد، بكلّ الوسائل السلمية المتاحة.
- هل هناك أي محاولات سورية رسمية للمصالحة مع الإخوان المسلمين في سورية؟ وإلى أين وصلت إن وجدت؟
- ليس هناك أيّ محاولات من هذا النوع، بل على العكس من ذلك، فما زالت السلطة في سورية تخشى من التأييد الشعبي الكبير الذي تحظى به الجماعة، وتضع العراقيل أمام عودتها إلى الساحة السياسية، وتعتبر الاقتراب منها والحوار معها خطّاً أحمر، وما يزال قانون العار رقم (49) لعام 1980 الذي يحكم على مجرّد الانتساب إلى الجماعة بالإعدام، نافذاً، رغم مخالفته لأبسط حقوق الإنسان، ورغم الاعتراضات الكثيرة عليه، والمطالبات العديدة بإلغائه، من قبل كلّ الفئات الوطنية والمنظمات الإنسانية..
ولعلّ الطريقة التي تم التعامل بها مع أعضاء مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي بدمشق في الشهر الماضي، واعتقالهم جميعاً بطريقةٍ همجية، لمجرّد أنهم سمحوا بتلاوة وجهة نظر جماعة الإخوان المسلمين حول الإصلاح في سورية.. ينبئك عن مدى القلق الذي تشعر به السلطة من تنامي التيار الإسلامي المعتدل في الساحة السياسية السورية. وما يزال الكاتب السيد علي العبد الله الذي قام بتلاوة الورقة بتكليفٍ من إدارة المنتدى، معتقلاً حتى الآن، ومحالاً على محكمة أمن الدولة الاستثنائية، رغم أنه لا تربطه بالجماعة أي صلة.
- ما هو موقفكم السلام العربي الإسرائيلي وخاصة فيما يتعلق بسورية؟
- نحن مع السلام العادل والشامل، السلام الذي يضع حدّاً للجرائم التي تُرتَكَبُ بحق أهلنا في فلسطين صباحَ مساء، السلام الذي يعيد الأراضي المحتلّة والحقوق المغتصبة لأصحابها الشرعيين. وليس السلام المزعوم الذي يحاول العدوّ فرضه على أمتنا بتكريس الاحتلال، وإضفاء الشرعية عليه.. ومن أجل تحقيق هذا السلام العادل والشامل، لا نحبسُ أنفسنا في خيارٍ واحد هو الخيار السياسيّ أو خيار المفاوضات، بل لا بدّ من ترك كلّ الخيارات مفتوحة، بما فيها خيار المقاومة المشروعة ضدّ الاحتلال.
ومن البديهيّ أن هذا ينطبق على سورية والجولان المحتلّ الذي فرّط به النظام، منذ حوالي أربعين عاماً، دون أن يكون لديه أيّ برنامج وطنيّ لاستعادته وتحريره، غير استجداء التفاوض مع العدوّ، والاستعداد لاستئناف المفاوضات معه دون شروطٍ مسبقة، متنازلاً عن النقطة التي وصلت إليه المفاوضات السابقة، وما كان يطلق عليه (وديعة رابين)، متغاضياً عن الانتهاكات العديدة لحرمة الأجواء والأراضي السورية، والاعتداءات والاستفزازات المتكرّرة.
- ما هو موقفكم من الحركات الإسلاموية التي تتبنى العنف؟
- نحن ننبذ العنف بكلّ أشكاله وصوره، من أيّ جهةٍ كانت، كائناً من كان مصدره، ننبذ عنف الدولة كما ننبذ عنف الأفراد.. لكننا نميز بين العنف المرفوض الذي يستهدف الأبرياء في أيّ مكان، مهما كانت ذرائعه وأسبابه، وبين حق الشعوب في المقاومة المشروعة للعدوان والاحتلال.
- كيف تنظرون إلى احتلال العراق وحركات المقاومة هناك؟
- ما دمت قد سمّيته احتلالاً، وهو – لا شك – كذلك، فمن حق الشعب العراقي أن يقاوم الاحتلال، بكلّ الوسائل المتاحة له. وحيثما وجد الاحتلال، فالردّ الطبيعي عليه هو المقاومة. ولا بدّ هنا من التمييز بين الأعمال التي تستهدف المدنيين والعراقيين، فهذه مرفوضةٌ جملةً وتفصيلا، مهما كانت ذرائعها وأسبابها، وبين أعمال المقاومة المشروعة ضدّ المحتلّين ومن يساندهم ويتعاون معهم.
- ألقى عضو مجلس إدارة منتدى جمال الأتاسي للحوار الديمقراطي في دمشق علي العبد الله كلمة بالنيابة عنكم وبحضور ممثلين عن حزب البعث والتي تم اعتقاله على إثرها، فيما تم تسليم جثة الشيخ الخزنوي إلى أهله. كيف تقيمون سجل سورية في حقوق الإنسان؟
- السجل السوري في حقوق الإنسان، سجلّ حافلٌ بالجرائم والانتهاكات، ففي ظلّ قانون الطوارئ والأحكام العرفية المفروضة على الشعب منذ استيلاء حزب البعث على السلطة في الثامن من آذار (مارس) 1963، تمّ ارتكاب الكثير من المجازر الجماعية، في مختلف المدن والقرى والسجون السورية، واعتقل عشرات الآلاف من المواطنين، ومورست عليهم أبشع ألوان التعذيب الوحشية، وتمت تصفية الآلاف منهم، وما زال هناك آلاف المفقودين لا يعرف ذووهم شيئاً عنهم، وعشرات الآلاف من المهجّرين محرومين من حق العودة إلى الوطن، كما تمّت عمليات اغتيالٍ كثيرة للمعارضين في داخل سورية وخارجها.. وتقارير لجان ومنظمات حقوق الإنسان حافلة بالكثير من هذه الانتهاكات.
ولقد تزايدت في الآونة الأخيرة أعمال الخطف والاعتقال لإرهاب المعارضين، فلم تقتصر على فئةٍ معينة، أو طيفٍ سياسيّ معين، بل شملت كلّ الفئات السياسية والعرقية، كما شملت الناشطين في مجال حقوق الإنسان، ومن اللافت للنظر أن حملة الاعتقالات الأخيرة، تزامنت مع التحضير للمؤتمر القطري العاشر، مما يكشف زيف الادعاءات حول الإصلاح والتغيير والانفتاح..
- كيف ترون صورة المستقبل في سورية بعد المؤتمر العاشر لحزب البعث وعقب الانسحاب السوري من لبنان ؟
- نحن لم نكن نعوّل - أصلاً - على المؤتمر العاشر لحزب البعث، ولم نكن نؤمّل أن يتمخّض عن شيءٍ ذي بال، في مصلحة الوطن والمواطنين.. إلاّ أننا نعتقد أنه - في ظلّ التطوّرات على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي - لم يعد من الممكن أن تستمر الأوضاع المتردّية في سورية، سواء من حيث تفشّي ظاهرة الفساد بكلّ أشكاله في مختلف المجالات، أو من حيث تنامي حالة الاحتقان السياسي والغليان الشعبي، نتيجة مواصلة سياسات الاستبداد والقمع والإقصاء. وإن القوى الوطنية بمختلف ألوان الطيف السياسي، لن تبقى مكتوفة الأيدي، أمام ما يتعرّض له الوطن من أخطار داخلية وخارجية، وإنّ العمل جارٍ للتحضير لمؤتمرٍ وطنيّ شامل، يضع برنامجاً للإصلاح، ويرسم خطوات التحرّك للمرحلة القادمة. ولا شك أن الانسحاب السوريّ المهين من لبنان، نتيجة الضغوط الخارجية، سيكون درساً لا يمكن لأحدٍ أن يتجاهله. ونعتقد أنّ سورية حرةً ديمقراطية، أصبحت أقربَ منالاً من أيّ وقتٍ مضى. ولذلك فنحن متفائلون.