مصالح العرب في الشرق الأوسط
قبل ما يقارب الثمانين عام وقف العرب وجيوشهم قبالة التحرر من الاستعمار البريطاني والفرنسي والإيطالي وسعت كل الجيوش العربية لحماية البلاد من المستعمر وفي آن واحد هجموا بكل ما أوتوا من قوة على أرض إسرائيل لدحر اليهود الذين باشروا ببناء دولتهم إسرائيل في مطلع صيف العام 1948 والتي اعترفت هيئة الأمم المتحدة بها كدولة ذات سيادة على أرضها التاريخية أرض إسرائيل وهذا بالضبط ما كتب في كتب التاريخ والديانات السماوية الثلاثة , إلا أن البلاد سلمت للجيوش العربية الجرارة على كل ربوع الشرق الأوسط وأحياناً بدون طلقة رصاص واحدة وصمد بقدرة قادر اليهود في أرض إسرائيل وصمدت إسرائيل بجيشها النحيل الضئيل في العدد والعدة أمام تلك الجيوش المنتصرة نوعاً ما في التحرر من الاستعمار وصُدَّت بإذنه تعالى ليتحقق ما جاء في الديانات السماوية بأن أرض إسرائيل لأبناء الشعب اليهودي وهي أرض الميعاد حتى قدوم الساعة التي لا ريب فيها , ووقفت كل الجيوش العربية التي اجتمعت من العراق ومصر والمملكة العربية السعودية والمملكة الأردنية الهاشمية وسورية ولبنان بالإضافة إلى المقاومة الفلسطينية من الداخل التي قامت بدورها على فترات جمعت فيها الجنود والأسلحة وقامت بالفزعات بين القرى والمدن العربية في إسرائيل للحيلولة دون بناء وإقامة دولة إسرائيل للشعب اليهودي في أرض الميعاد أرض إسرائيل , وفشلت كل تلك الجهود , وهزمت كل تلك الجيوش واستطاع اليهود أن يسيطروا سيطرة تامة على الأوضاع غير العادية وأن ينتصروا في كل المعارك وحماية حدود الدولة الفتية ومن ثم بناؤها وكمثل ما حدث في صيف العام 1948 حصل في صيف عام 1967 في حرب الأيام الستة , استطاعت هذه الدولة الفتية وجيشها صد هجوم جيوش العرب الذين أرادوا كسرها ومحوها عن الخريطة السياسية للعالم , وهنا أنتقل المرة تلو الأخرى بأفكاري بين الدين والدنيا الواقع والخيال لأرى أن ما كتب في الديانات السماوية ينفذ بحذافيره وكل من يعاند أمره تعالى يكسر ويضمحل حتى لو باغت في خديعة ما هذه الدولة التي وجودها ها هنا في أرض إسرائيل فلن تنجح كلا الخدع والمباغتات ففي حرب أكتوبر 1973 داهمت القوات المسلحة المصرية والسورية في آن واحد دولة إسرائيل في يوم من أقدس أيام السنة كما أنزل في التوراة يوم الغفران لأبناء الشعب اليهودي.
هذا اليوم قدس الأقداس بالنسبة لأبناء الشعب اليهودي في كل أنحاء العالم وفي هذا اليوم يصوم أبناء الشعب اليهودي حتى غير المتدينين ولا يقوم اليهودي بأي عمل قبل ذلك اليوم المحدد بمساء واحد وحتى مساء يوم الغفران والإعلان عن نهاية هذا اليوم المقدس , ويا للصدفة في الاختيار فقد وقع اختيار الدول العربية لبدء الحرب والهجوم على دولة إسرائيل في ظهيرة ذلك اليوم يوم السبت 6 أكتوبر 1973 (6.10.1973) ويا للعجب الأخاذ ملايين الجنود وآلاف الدبابات والطائرات والقاذفات وبطاريات الصواريخ تهاجم في آن واحد في تمام الساعة الثانية بعد الظهر (14:00) دولة إسرائيل لتجدها غير جاهزة للحرب وفي معظم المعسكرات والنقاط الحدودية ما يقارب من 15 % (15 بالمائة) من جيشها الذي شاع أسمه في المشرق والمغرب وتتقدم القوات المسلحة المصرية في سيناء تعبر قناة السويس في غضون ستة ساعات فقط وتكبد الجيش الإسرائيلي خسائر فادحة في العتاد والعدة والأنفس وكذلك تتوغل القوات المسلحة السورية في هضبة الجولان ليجد الجندي السوري نفسه مستغرباً جداً لما تراه عيناه أنه رأى مياه بحيرة طبريا بأم عينه وبالعين المجردة بعد أن توغلت الدبابات السورية في مركز هضبة الجولان ووصلت إلى جسر بنات يعقوب ومناطق أخرى قريبة من نهر الأردن , بالرغم من هذه المباغتة واختيار يوم صعب في منشغلة إسرائيل بشعائر دينية خاصة إلا أن إرادة الرحمن كانت عكس ما خطط بني البشر ومرة أخرى نرى أن الله تعالى يحمي هذه الدولة من كل شر لتنفذ مشيئته.
اليوم وبعد مضي عشرات السنين على إقامة دولة اليهود وتوصلها للتقنيات العالية في شتى المجالات دولياً من اختراعات وصناعة أجهزة وبناء وأعمار وتبوئها مكان راق جداً في العلم والثقافة والتكنولوجيا , وهذا بات واضح جداً في صفوف جيشها وصفوف أبناء مجتمعها فالتقنية التي يتمتع بها هذا الجيش لا يستطيع أي جيش في العالم من مضاهاتها والمجمل العام للشعب الإسرائيلي اليهودي أنه شعب مثقف متعلم ذات خبرة في مجالات عدة شعب قارئ ويدرس الأمور عن كثب ويتعلم اللغات الأجنبية , نحن نرى أن من مصلحة الشعب العربي ودول الشرق الأوسط عربية إسلامية أم إسلامية غير عربية في هذه المرحلة التاريخية التي وصلنا إليها عليها إبرام اتفاقيات سلام تاريخية مع إسرائيل وعدم محاربتها في أي شكل من الأشكال فالعداء لهذه الدولة لا يفيد أحد , على العكس يضر بالدول المعادية وإسرائيل تنتصر.
هذه الأسباب المدونة أدناه هي السبب لبرنامج سلام مع دولة إسرائيل :
نظام الحكم في دولة إسرائيل حر وديمقراطي وما يتاح لشعبها من حرية العمل والعبادة , حرية الفكر والتعبير عن الرأي , حرية التجول والتنقل , حرية طلب العلم والثقافة , حرية الاختيار السياسي والانتخاب , لا مثيل لهذه الحريات في كل الدول الديمقراطية في العالم. دولة إسرائيل قوية وقوتها تتزايد يوماً بعد يوم في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية. في دولة إسرائيل المواطن ينتج من نفسه آلاف الدولارات سنوياً مما يضاعف الإنتاج القومي للفرد الواحد , بينما نحن نرى أن منسوب الإنتاج القومي للفرد الواحد في الدول العربية المجاورة لا يتراوح بين 70 دولاراً إلى 150 دولاراً فقط في العام الواحد. دولة محصنة بإيمان مطلق بالله تعالى وجيشها مؤمن بحقه في حماية حدود دولته وشعبه , الشعب اليهودي مؤمن بحقه في الحياة هنا في دولته أرض إسرائيل أرض الميعاد وثبتت الرؤيا عاد أبناء الشعب اليهودي إلى وطنه من كل أقطار الأرض , كما كتب في الديانات السماوية الثلاثة. الشعب اليهودي يمتلك الحرية والإرادة والعمل , لفعل أي شيء من أجل دولة إسرائيل وهذا أمر قد جُذر في قرار نفس كل يهودي على مر العصور والزمن. حتى الآن كل الحروب التي خاضها الشعب العربي كدول وشعب عربي ضد دولة إسرائيل خسر فيها كل المعارك وفي النهاية خسر كل الحروب , حتى يوم كانت دولة إسرائيل في بداية طريقها في العام 1948 وما كانت تملكه من عتاد وجنود يكاد لا يذكر قبالة الجيوش العربية. الاقتصاد الإسرائيلي مبني بشكل ممتاز لا يتأثر بما يحدث على الصعيد العالمي بل يؤثر على الاقتصاد العالمي في الكثير من الأمور. موقع دولة إسرائيل إستراتيجي وهام جداً ويعتبر بوابة للشرق الأوسط بأسره وتربط هذه الدولة الشمال بالجنوب والشرق بالغرب بين القارات والدول. حكم دولة إسرائيل الديمقراطي ثابت ولا يتغير مع تغيير الحكومات والأحزاب الحاكمة , مرت دول الشرق الأوسط بثورة : " الربيع العربي " ثورة : " رغيف الخبز " , ولم تتأثر دولة إسرائيل وشعبها بتلك المظاهر وثبتت دولة إسرائيل وثبت حكمها وتعزز عشرات الأضعاف مما كان عليه. دولة إسرائيل وشعبها يضحون في مجالات التربية والتعليم , والتطور العصري , والثقافة بكل ما فيها من اصدارات لكتب علمية وكتاب وشعراء , رياضة ومسرح وتمثيل وغيره. الشعب اليهودي في المجتمع الإسرائيلي يتصرف كوحدة اجتماعية واحدة لا يفرق بين أفراده , أي شيء يضر في المجتمع يتضامن كل أفراده مع أي قضية عامة تصيبه أو تصيب بعض أفراده , هذا المجتمع صاغ لنفسه على مدار مئات وآلاف الأعوام من الزمن نمط حياة خاص جداً حتى بات من المستحيل تغييره بنمط آخر. دولة إسرائيل بجميع حكوماتها المتعاقبة رفعت علم الرفاهية الاجتماعية لكل أبناء شعبها والمواطنين الذين يعيشون تحت سيادتها من عرب ومسيحيين وتمنح للجميع بمساواة من دون أي تفرقة أو استثناء مخصصات التأمين الوطني ليتمكن المقعد , والعاطل عن العمل والمريض والأرملة واليتيم وغيرهم من العيش بكرامة دون مد يدهم للآخرين , هذا نمط كلي جميل جداً ورائع موجود في دولة إسرائيل منذ عشرات السنين ومنذ سنوات التسعينيات بدأنا نراه في الدول الأوروبية وبعض دول العالم المتحضرة , ويا حبذا لو استطاعت الدول العربية وحكوماتها نقل هذا النهج الإنساني لمجتمعاتها. في دولة إسرائيل هناك فصل تام بين الدين والدولة على العكس من بعض دول الشرق الأوسط المجاورة. دولة إسرائيل فتحت كل أجهزة القضاء والمحاكم فيها أمام كل مواطنيها لتقدمة الشكاوي وأمام كل مواطني مدينة أورشليم القدس الشريف ومنطقتي يهودا والسامرة , حتى بات من الممكن تقدمة شكوى ضد رئيس الحكومة ووزراء حكومته. تشريع القوانين في السلطة التشريعية في البرلمان الإسرائيلي الكنيست , مدار بشكل أخلاقي وحضاري ويتناقش فيه الجميع حتى المواطنين وللأسف أعضاء الكنيست العرب هم الذين يقومون ويتسببون بالفوضى في البرلمان. منذ إقامة دولة إسرائيل بنية فيها مجالس محلية ومجالس بلدية بموجب عدد سكان القرى والمدن , وهي بمثابة السلطة التنفيذية لقرارات وقوانين البرلمان الإسرائيلي الكنيست والذي هو عبارة عن المجلس التشريعي للدولة , كما قسمت كل الدولة لمحافظات لتسهيل عملية خدمة الجمهور من خلالها. في دولة إسرائيل ليس لأي فرد من أفرادها أي حق بالعبث والضرر بالحق العام والممتلكات ومقدرات الدولة وكل من يخالف هذا الأمر يعاقب , فرأينا أن القضاء الإسرائيلي زج في السجن لسنوات رئيس حكومة , ورئيس دولة , ووزراء سولت لهم أنفسهم العبث بمقدرات الدولة وأخذ الرشاوى من أشخاص معينين , هذا لم يحدث في العالم العربي على مدار مئات السنين ولم يقدم للمحاكمة أي مرتشي أو مقدم لرشاوى.
تطول الحكاية وتطول في الشرح والتفسير لماذا على دول منطقة الشرق الأوسط والعالم تغيير مفاهيمهم اتجاه إسرائيل , فمصلحتهم الأولى والأخيرة بناء نهج جديد يسيرون عليه بمعاهدات سلام مع هذه الدولة الديمقراطية الحرة , فمصالح العرب المشتركة مع دولة إسرائيل كثيرة وأهمها التعايش السلمي المشترك الذي لا بديل له في هذه الحقبة التاريخية من زمننا المعاصر , ففي كل جوانب دولة إسرائيل نرى التطور والتقدم ودفع عجلة الرقي والحضارة إلى الأمام , هذا الشعب العملاق الذي عاد إلى أرضه وبلده أرض إسرائيل أرض الميعاد , إنما استطاع في غضون أقل من نصف قرن أن يبني دولة عظمى تضاهي كل الدول العظمى في العالم وتسير إلى جانبهم في معظم المجالات , فبإرادة الشعب اليهودي المدعومة من الحكومات المتعاقبة منذ قيام الدولة لا يبق شيئاً مستحيلاً فتتطور الأفكار وتزرع بذور الخير في كل أوساط المجتمع وتبني المجتمعات نفسها بنفسها على مبدأ التضحية والعطاء والتطور والرقي , وما وصلت إليه هذه الدولة في هذه الفترة الزمنية القصيرة نسبياً لم تصل إليه الشعوب العربية على مدار ما يزيد من 1400 عام , وهذا الشعب الصغير بالعدد الغني بالفكر والعقلانية الواضع لنفسه حدوداً لا يتخطاها يجتهد في تنفيذ قوانينه ومبادئه يبني ويتطور ويضحي على مبدأ الواحد من أجل الجميع والجميع من أجل الواحد.
وسوم: العدد 757