قد استخلَفكم اللهُ يا ثوار 2018، لينظرَ كيف تفعلون
ـ إلى الأمس القريب كانت الهيئة ملء السمع و البصر، و كان رجالُها و أذرعها يذرعون الأرض جيئة و ذهابًا، و كان اسمها غولاً يرعب الناس، و كانت مظاهر وجودها في الناس و الأزقة و الحواجز تشغل حيّزًا كبيرًا من الحديث.
ـ و هاهي و منذُ عشرة أيام تتهاوى مثل أحجار " الدومينو "، و لا نكاد نُمسي على خبر خروج بلدات من يدها، حتى يفاجئنا الصباح ببلدات انضمّت إلى أخواتها المحررات.
ـ و ذاك أنّها قد حان أوان زوالها، و اتُّخذ قرار ترحيلها:
1ـ محليًّا
2ـ إقليميًّا
3ـ دوليًّا
و لا نريد أن نطيل بتفصيل ذلك، فهذا أمرٌ نتركه لمقال سيكرّس حول دراسة ظاهرة " القاعدة في سورية: حضورًا، و زوالاً ".
ـ و نحن بين يديّ الإيذان بمرحلة جديدة، تخلُفها و تحلّ مكانها، نرى أن نذكِّر الفصائل التي نهضت، و تصدّت لمشروعها بجملة من الأمور؛ حتى لا تقع فيما وقعت فيه " هيئة تحرير الشام "، فتنفضّ عنها الحواضن الشعبية، و تفقد تعاطفها معها، بعد أن أبلى بعض رجالها بما نالوا به الرضا و القبول في الأيام الخوالي.
1ـ عودوا بالثورة إلى مسارها الأول، ذي المشروع المحليّ، و الخصوصية الوطنية.
2ـ لا تفرضوا أنماطًا سلوكية دخلة عليهم، فهم وسطيون: تدينًا، و معتقدًا، و سياسة، و تمدنًا، و تحضرًا.
3ـ لا تشغلوهم بصراعات أخرى جديدة كالتي خضتم فيها من قبل، فتعود الأمور كرّتها الأولى، و تندم الحواضن على التعاطف معكم ثانية.
4ـ أنصفوا الناس و ردّوا إليهم الحقوق و المظالم، التي حصلت في فترات سابقة، كان لبعض العناصر المنضوية معكم الآن مشاركةٌ فيها، فليس كل من حمل السلاح بوجه الهيئة ملاك، و ليس كل من كان مع الهيئة شيطان، الأمر بعمومه، و ليس بتفاصيله.
5ـ انتقلوا من الحالة الثورية إلى بناء المؤسسات و الدولة، فهاهي مناطق سشاسعة، تعادل مساحة دول مجاورة لسورية، قد صارت إليكم، فحيهلا بكم لتجسيد حلمكم واقعًا، و جعل الدول و الحواضن الشعبية ترضى بكم بديلاً عن النظام، او الحالة الفصائلية المقيتة.
6ـ أقيموا علاقات متوازنة مع الآخرين: محليًا، و خارجيًا، و اطلعوا في ذلك على نموذج البوسنة و الهرسك، الذين كسبوا عطف العالم بإقامة شبكة علاقات أذهلت المراقبين، و كان لها نتائج إيجابية على مستوى قضيتهم العادلة.
7ـ لا تظنوا أن الله قد أعطاكم صكًا على بياض، و أن الحواضن الشعبية قد انحازت إليكم من غير بصيرة؛ الكلّ يرقب حسن فعالكم؛ فإما إلى تثبيت أو إلى زول، قال الله تعالى ( الذي خلق الموت و الحياة ليبلوكم أيّكم أحسن عملاً )، فمن معاني الآية: زوال الأمم و استخلاف غيرها، ليكون موضع بلاء و اختبار؛ فالبقاء للأحسن و الأصلح، و ليس للأتقى، فالله ينظر إلى الفعال و ليس إلى النوايا، و كذلك العباد.
ـ الحديث يطول، و القلب ذو شجون، و التركة ثقيلة، و الآمال المعقودة عليكم كبيرة؛ فلا تكونوا دون التطلعات المنتظرة منكم.
وسوم: العدد 761