ماذا ساد بِنَا ؟
1. كلما كبرت ضريبة الدم خرج من يقول لنا: ألم أقل لكم؟ وكأن الثورة من صنع بضعة أشخاص لو سمعوا ما (قيل لهم) لما كانت.
2. على سيرة (ألم أقل لكم)، قالها تعالى في محكم تنزيله (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) وقال الكثيرون قبل اندلاع الثورة إن الخنوع للظالمين قد يجلب سلامة مؤقتة لكنه يؤسس لخراب كبير وإن العدل أساس الملك وإن الظلم مرتعه وخيم.
3. بعض من يتحدثون باسم الثورة اليوم لو سمع الشباب توجيهاتهم لما خرجوا بمظاهرة واحدة، وإنما التحقوا بالثورة لما تجاوزهم طلابهم.
4. لمن يبكي (الوطن الذي ضيعناه) نقول إن سورية لم تكن وطناً بل كانت مزرعة لآل الأسد عبيدها السوريون. نقول هذا الكلام تجاوزاً فحتى في عهود العبيد كان السيد لا يملك أن يقتل عبده دون مساءلة، من كان يتجرؤ على السؤال عن رجل اعتقل من بيته ولم يعد إلى أهله؟ في الحقيقة لم نكن عبيداً، نحن لم نكن شيئاً على الإطلاق. واليوم نخرج من العدم إلى الوجود. وجاهل بسنن الحياة من يعتقد أن وضعاً كالذي كنا فيه ما كان لينفجر في يوم من الأيام.
5. عند مقارنة الواقع بالماضي قبل الثورة للدلالة على أن الأمور كانت أفضل لا يجدي الحديث عن المخاض الذي لا بد له من آلام مع من لا يتفق معك على معنى (الحياة)، ولن ينتهي الجدل حول ما الذي أوصلنا إلى هنا، هل هو (السكوت على الظلم) أم (الخروج على الظالمين)؟ لم أعد أراه جدلاً مفيداً فالتاريخ يُكتب اليوم والزمن يدور دورته اليوم واللحاق بصيرورة التغيير ومقتضياتها الفكرية والعملية أجدى من جدال فقهي سيستمر إلى قيام الساعة.
6. نعم ندفع ثمناً باهظاً لأنه كُتب على جيلنا أن يدفع مرة واحدة فواتير قرون من الجمود الفكري والركون إلى الظالمين.
7. ما يحدث في سورية جزء من تغيير يشمل المنطقة كلها، وهو في جوهره شعوب لم تعد تحتمل حكم الفرد فتمردت على جلاديها، ونحن في مرحلة محاولة إعادتنا إلى القمقم، هذه المحاولة تأخذ أشكالاً شتى بحسب ظروف كل بلد، وقدرنا في الشام أن تكون في أشد أشكالها عنفاً ودموية، قدرنا في الشام أن يأتي الأصيل بنفسه ليحطم إرادتنا بعد أن عجز الوكيل، لأن كسر إرادة الأمة أو انتصارها يبدأ من الشام.
وسوم: العدد 761