المرونة ، أم الحزم : في مواجهة الذئاب المفترسة !؟
*) الحكمة هي وضع الأمور في مواضعها..
*) الشاعر يقول :
*) المرونة مطلوبة ، في السياسة عامّة.. وشعرة معاوية مطلوبة ، كذلك ، بقدر المستطاع ! وعدم فتح جبهات إضافية ، مع أعداء جدد ، أو قدماء .. مطلوب ، بقدر المستطاع ! وجعل المحايدين أصدقاء ، جيّد ومطلوب ! وتحويل الأعداء إلى أصدقاء، جيّد جداً ، ومرغوب ! وكل ذلك ، في حدود الطاقة ، والحكمة ، والمصلحة ، والظروف المواتية !
*) لكن .. حين يكون العدوّ مقبلاً عليك ، كالسيل الجارف ، أو كالحريق الهائل المدمّر، ولا يقبل منك عدلاً ولاصرفاً.. وليس يرضيه إلاّ أن يدمّرك ، سياسياً ، أو أمنياً، أو ثقافياً ، أو خلقياً ، أو عسكرياً ، أو عقَدياً ، أو إنسانياً .. وأنت قادر على شَكمه ، بالكلمة الحازمة ، أو بالتحذير الصارم ، أو بالتهديد القويّ الواضح .. ثم لا تفعل شيئاً من ذلك ، بل تسايره وتجامله ، باسم المرونة ، أو السياسة ، أو الحكمة ، أو الذكاء ، أو الدهاء ، أو الليونة .. وهو لا يزداد إلاّ ضراوة وشراسة ، ظاناً مرونتك عجزاً ، وحلمك ضعفاً ، وحكمتك خنوعاً وجبناً .. حين يكون ذلك كذلك ، فأنت مفرّط تفريطاً يبلغ حدّ الجريمة ، بحقّ نفسك ، وحقّ مَن وراءك ، من أهل وعشيرة ، وشعب ووطن!
*) وحين يكون عدوّك ذئباً مسعوراً ، يعدو باتّجاهك ، ولا يراك أمامه إلاّ حمَلاً وديعاً ، وأنت قادر على أن تكون ليثاً كاسراً ، في معركتك معه .. أو أن تكون شجاعاً ، قادراً على دفعه عن نفسك ، ودرء شرّه عنك ، ثم لا تفعل .. فأنت مفرّط ، أيضاً ، بحقّ نفسك ، وحقّ مَن وراءك ، ممّن ندبوك للدفاع عنهم ، أو نَدبتَ نفسك لحمايتهم !
العجوز والذئب :
أما إذا عاملت الذئب على طريقة العجوز، فسيعاملك ، كما عامل ابنُ جلدته العجوز! فقد ربّت جَرو الذئب ، وسقتْه من حليب شاتها .. ثم حين غابت عن البيت ساعة من الزمن ، وعادت إليه .. وجدتْه قد بقَر بطن الشاة ، وطفق يأكل من لحمها باستمتاع ونشوة ، ناسيا أنها أمّه التي أرضعته .. فأحسّت بالكارثة ، وقالت :
بَـقرتَ شُويـهَـتي ، وفَجعتَ نـفسيْ فَـمَـنْ أنْـبـاكَ أنّ أبـاكَ ذيـبُ
إذا كان الـطـِبـاعُ طِـبـاعَ سـُوءٍ فـلا أدبٌ يـُفـيـد .. ولا أديـب
نقول : أمّا مَن آثَر أن يكرّر تجربة تلك العجوز، فعليه أن يتحمّـل مسؤوليته ، كاملة .. لا عمّا يجري له ، بل عمّا يجري لِمن وراءه !
وسوم: العدد 761