النعوش الطائرة ... مسلسل مصائب النظام الإيراني مستمرة
"عزرائيل الطائرات الإيرانية .".. و"حاصدات الأرواح الجوية".. و"أدوات الموت الطائرة "، و"النعوش الطائرة"، و"المهالك الجوية"، و"توابيت الموت الطائرة " ......هي جمل وكلمات عبرت عنها وسائل الإعلام الإيرانية لوصف مسلسل الحوادث المتكررة لسقوط الطائرات الإيرانية، ... مواطنون عبروا عن غضبهم مما سموه بعودة الموجة الجديدة من تحطم الطائرات والكوارث الإيرانية التي أدت إلى سقوط طائرة، واحتراق ناقلة غاز خلال شهر واحد، وقبلها أخريات كثر، لكن ضحاياها ليسوا من المسؤولين الحكوميين، بل من المواطنين المسحوقين المغلوبين على أمرهم ..
وعلى الرغم من توالي تحطم هذه الطائرات فإن أغلب نتائج التحقيق لا تزال غامضة وغير معلومة للمواطنين والمراقبين، مما أشرع عدة أبواب للتكهنات والاحتمالات، بل والتساؤلات عن ماهية هذه الطائرات من جهة، وجدوى صيانتها من الجهة الأخرى.
أخر حلقات مسلسل رعب الطائرات، حدثت صباح يوم الأحد 18 فبراير من هذا الشهر، عندما أعلن رئیس لجنة الأمن القومي والسیاسة الخارجیة في البرلمان (علاء الدین بروجردي) عن سقوط طائرة تابعة لشركة " آسمان " کانت في رحلة داخلیة بین مدینتي طهران-یاسوج ..
وفي هذا السیاق، قال مسؤول في شرکة آسمان في تصریح لوکالة "إسنا" أن الطائرة التابعة لهذه الشرکة تصادمت مع جبل "دنا"، مؤیداً الأنباء المنتشرة عن سقوطها مشیراً إلی أنه تمّ إیفاد فریق البحث إلی مکان الحادث . کما أکد المسؤول مصرع جمیع رکاب الطائرة وعددهم 66 راکبًا بمن فیهم طفل واحد و 6 طواقم منها طیار ومساعد طیار. ومضیفان وموظفان لسلامة الطیران
لم يقف الأمر عند هذا الحد فقد تم اتهام الحكومة الإيرانية بعدم الاهتمام بأرواح المواطنين، والدفاع المستميت عن شركات الطيران المملوكة أساساً للحرس الثوري الإيراني، ما جعل ذلك فرصة سانحة لبعض وسائل الإعلام الإيرانية لتوجيه نقد لاذع للحكومة الإيرانية، وإلى سياسات إيران التي أدت بإيران إلى هذه النتيجة.
حفلت ذاكرة الإيرانيين بكثير من تلك الحوادث المأساوية، وضمن سلسلة سقوط الطائرات الإيرانية المستمرة خلال الشهور والسنوات الأخيرة، حيث تزايدت حوادث الطائرات الإيرانية، المدنية منها والعسكرية، بصورة لافتة خلال الفترات السابقة .
لا شك بأن تزايد حوادث سقوط الطائرات الإيرانية في السنوات الأخيرة، تعكس فشلاً كبيراً في منظومة القدرات الجوية المدنية والعسكرية، مع تكاثرها بنسبة كبيرة خلال العامين الماضيين.
يُعتبر السبب الرئيسي لعمليات السقوط "الخلل الفني أو المفاجئ"، من دون تلافي تلك الأخطاء البشرية على مدار أكثر من عامين، كذلك من دون إعلان نتائج التحقيقات التي تجري مع سقوط كل طائرة. ولا يزال الغموض يكتنف سقوط هذا العدد من الطائرات الذي يظلّ لمرحلة غير مسبوقة، فضلاً عن عدم إجراء تحقيق جدي حول تلك الوقائع، ويلقي الضوء على ضرورة رفع كفاءة أطقم الطيارين فضلاً عن متابعة دقيقة لأعمال الصيانة، وفتح تحقيق موسع بشأن كل حادثة على حدة، مع ضرورة الربط بينها جميعاً، للخروج بتصوّر عام لتفادي تكرار مثل هذه الأخطاء.
لا شك بأن مسلسل سقوط الطائرات الإيرانية يكاد يكون بشكل دائم، فهل يعقل أن يستمر دون معرفة الأسباب الكامنة وراء ذلك . كعادة الإيرانيين دوماً تحدث الناطق الرسمي باسم للحكومة الإيرانية بأن هناك تحقيقات دقيقة ستجريها الهيئة الخاصة بالطيران الإيراني لمعرفة كافة الأسباب لمعالجتها.. المصادر الصحفية الإيرانية تساءلت عن مسؤولية الدولة فيما يختص بالرقابة وتحديد صلاحية الطائرات الصالحة للطيران، لأنها مسئولة عن مستوى من الناحية الفنية للطائرات وتحقيق السلامة الجوية والأرضية عبر كادر بشري مقتدر ومختص، مما يعني أن هناك قصورًا حقيقيًا في تقديم الخدمات الإستراتيجية الخاصة بهذا المرفق المهم، إلى جانب تآكل العمر الزمني لهذه الطائرات وتقادمها، بفضل سياسات إيران التخريبية منذ انتصار الثورة لغاية الآن، والتي جعلتها في عزلة وعقوبات وحرمان من التطبيع الاقتصادي، لتقبض طهران ثمن سياساتها العبثية والتدميرية التي جعلت المجتمع الدولي يحجم عن التعاون مع إيران في مجال إمدادها بالطائرات المدنية الحديثة .
د. نبيل العتوم
رئيس وحدة الدراسات الإيرانية
مركز أميه للبحوث والدراسات الإستراتيجية
وسوم: العدد 761