فتنةُ تَدّويلِ الحرمين الشريفين ..!
سمعت أحد الزملاء يطلق عبارة(الحرم الإبراهيمي) يقصد بذلك (الحرم المكيّ).فقلت له:ماذا تعني بمصطلح(الحرم الإبراهيمي)مما لا أحسب أحداً قال به من قبل..؟فقال:أقصد بذلك حالة بناء الحرم المكي في المرحلة الإبراهيميّة..قلت:لا أحسب أن هناك في تاريخ بناء الحرم المكي فترة محددة سُميّت(المرحلة الإبراهيميّة).فأبو الأنبياء سيدنا إبراهيم عليه الصلاة والسلام شرَّفه ربّه جلَّ جلاله فحدد له مكان البيت الحرام كما في قوله تعالى:"وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْت)وأمره سبحانه برفع قواعد الكعبة المشرَّفة كما في قوله تباركت أسماؤه"وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ (الْبَيْت)ِ وَإِسْمَاعِيلُ"وذلك لتكون مثابة للنَّاس وأمناً كما في قوله تعالى:"جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِلنَّاسِ"وكما في قوله سبحانه:"وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْنًا"وبعد ألا ترى أن هذه المسميَّات القرآنيَّة لا تتسع لما ذهبت إليه..في تحديد فترة محددة خاصة بأبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام..وبالتالي لا أجد لك مبرراً بعبارة(الحرم الإبراهيمي) الذي ربَّما - وبدون قصد منكم- يخدم هذا التعبير إدعاءات جهات دينيَّة تتطلع وتسعى اليوم إلى تدويل السيادة على مكة المكرمة باعتبارها - بزعمهم - مدينة أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام..؟!ومن قريب سمعت أحد المفكرين السعوديين يعترض على عبارة(السعودية بلاد الحرمين الشريفين):فيقول:"بلاد الحرمين هي مكة والمدينة فقط..!أمَّا باقي البلاد فهي المملكة العربيَّة السعوديَّة..؟؟؟!!!"أو ليست- يا هذا- مكة المكرمَّة والمدينة المنَّورة من المملكة العربيَّة السعوديَّة..؟؟؟!!!أرجو أن يكون ذلك منك زلة لسان وليس مقصوداً لا سمح الله..؟فإنَّ مثل هذا القول المرفوض يخدم ويعزز توجهات خطيرة..ترّوج لها اليوم جهات حاقدة ماكرة متعددة..تسعى لإثارة وإشعال فتنة تدويل الحرمين الشريفين..؟!وذات مرة قال لي حاخام يهودي:"لِماذا تُنكرون علينا تمسكنا بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل..؟ألستم في السعوديَّة تُصرّون على احتكار مدينة أبي الأنبياء -أبونا وأبوكم- إبراهيم عليه السلام وتتخذونها عاصمة للمملكة العربيَّة السعوديَّة".قلت له:(أولاً ليعلم جميع الحضور أن مكة المكرمة لم تكن قط عاصمة سياسية لدولة ما في تاريخ المسلمين..والمملكة العربيّة السعوديَّة لم تتخذها قط عاصمة سياسيّة لها..فعاصمتها السياسيّة منذ التأسيس هي مدينة الرياض ولا تزال)أما الكعبة البيت الحرام ومكة المكرمة حرم الله تعالى الأوسع..فهي مرتكز مصدر أنوار إيمانهم واعتقادهم..وموئل أفئدتهم ووحدة قلوبهم ووجدانهم..ورمز سيادتهم وشرعيَّة وجود دولتهم..وعليكم - أيها اليهود- أن تعلموا أنَّكم والكاثوليكيَّة والخمينيَّة الوحيدون الذين تمارسون وترَّوجون لثقافة توظيف الدين والقيم الدينيَّة لتحقيق مصالحهم السيَّاسيَّة الدنيويَّة ؟! لذا من هذا المنبر العالمي أدعوا الحضور والعالم أجمع لمواجهة مثل هذا العبث الدينيّ الخطير.وللمزيد من التفصيل في هذا الشأن ارتقبوا كتاباً الجديد(الدين والدولة).
وسوم: العدد 762