على المؤسسات الدينية الرسمية مستقبلا أن تتروى في انتقاء من يكونون أعضاء فيها وتتحرى استقامتهم العقدية والفكرية
من المعلوم أن المؤسسات الدينية الرسمية في البلاد هي المؤهلة للحديث باسم الإسلام ، وعليها تقع مسؤولية توجيه المواطنين إلى التدين الصحيح ، وعليها تقع مسؤولية حماية الدين وحراسة العقيدة من عبث العابثين ، ومكر الماكرين الذين يكون ولاؤهم لغير هذا الدين ، ويحشرون أنوفهم في ما علم لهم به من أموره التي تتطلب القدم الراسخة في العلم والمعرفة به . والمفروض في الذين ينتمون إلى هذه المؤسسات الدينية الرسمية الاستقامة العقدية والفكرية لأن كل انحراف يكون فيهم ينعكس على ما يصدر عنهم من آراء وأفكار وفتاوى قد تزعزع تدين المواطنين، وتشوش عليهم دينهم . وغياب تروي هذه المؤسسات في انتقاء من يصلحون كأعضاء فيها من شأنه أن يعرض مصداقيتها للطعن، وينزع ثقة الناس منها .
ولا شك أن الرابطة المحمدية للعلماء ، وهي مؤسسة دينية رسمية قد تضررت سمعتها بما صدر عن رئيسة مركز الدراسات والبحوث في القضايا النسائية في الإسلام ، والتي تجاسرت على شرع الله عز وجل، وأفتت بهواها في قضية الإرث الذي تولى رب العزة جل جلاله قسمته ،ولم يترك لأحد من خلقه أن يبث فيه بهوى.
ومن المفروض في أعضاء المؤسسات الدينية الرسمية ألا تصدر عنهم تصريحات شخصية لا توافق عليها مؤسساتهم التي ينتمون إليها ، ولا تتماشى مع توجهاتها . وعلى من يريد من هؤلاء الأعضاء التحدث باسمه الشخصي ، أو يدلي برأيه أو وجهة نظره الخاصة به فيما يتعلق بأمور الدين أن يتخلى أولا عن عضويته ضمن تلك المؤسسات ، ويتعين حينئذ عليها أن تعلن براءتها منه ، وتكشف انحراف رأيه عن مبادئها وتوجهاتها .
وما صدر عن عضوة الرابطة المحمدية للعلماء هو هوى من أهواء التي تلتقي مع التيار العلماني الذي لا يدخر جهدا في محاولة تعطيل الإسلام في هذا البلد ، وتهميشه مقابل فسح المجال للعلمانية . ومقابل سكوت المؤسسات الدينية الرسمية على التجاسر على الدين منذ مدة ،استنسر أو استأسد هذا التيار العلماني في البلاد ، وصارت تطالعنا كل يوم أفكاره الشاذة المتجاسرة على دين الله عز وجل بكل وقاحة . ولقد كان على الرابطة المحمدية للعلماء أن تتحرى أمر عضوية هذه المرأة التي لم تعرف قدرها ،ولم تجلس دونه ، ولم تخجل من نفسها وهي تتطاول على كتاب الله عز وجل، وتريد تعطيل محكمه لتحل محله هوى علمانيا متهافتا لا يقوم على أساس شرع أو عقل . ولو كانت تحترم نفسها لما تجرأت على الكلام في شأن من شؤون أهل العلم، والمؤسسات الدينية الرسمية فيها علماء الأمة الأجلاء ، وهي مؤسسات تحت الرئاسة المباشرة لإمارة المؤمنين حامية حمى الملة والدين ، وقد دأب أمراؤها على القول : " نحن لا نحل حراما ، ولا نحرم حلالا " .
ويبدو أن الأمر يتعلق بامرأة علمانية الهوى، احتالت على الرابطة المحمدية للعلماء، واندست بين أعضائها مدة من الزمان لتمرير فكرها المنحرف عن قواعد الدين متحينة الفرصة لإعلانه في هذا الظرف الذي يخيل للعلمانيين أنه أصبح مواتيا لتحقيق أوهامهم في بلد مسلم لا مكان فيها للعلمانية ولا مستقبل لها فيه .
ولقد عرف التاريخ الإسلامي في بعض فتراته نماذج بعض المندسين في مؤسسات دينية عملوا من داخلها على نشر ضلالاتهم باسم الدين. ولا يختلف ما صدر عن منتمية إلى الرابطة المحمدية للعلماء من دعوة لتغيير نصوص القرآن الكريم في قضية الإرث عما صدر عن أحد المنتمين إلى مؤسسة علمية دينية أخرى أحلّ زواج المتعة على مذهب الشيعة الراوفض وهو يدعي انتماءه لأهل السنة . ومن المنتظر أن يطلع علينا المزيد من أمثال هؤلاء المندسين في عباءة الدين من مختلف التيارات الفكرية المنحرفة عن تعاليمه لبث سمومهم من خلال مؤسساته الدينية الرسمية لمخادعة الأمة . وعلى الأمة أن تكون يقظة وتحذر أمثال هؤلاء ، ولا تنساق وراء أفكارهم التخريبية التي تستهدفها في عقيدتها التي هي رأسمالها الحقيقي، وصائنة هويتها ، وضامنة عزتها .
والمنتظر من المؤسسات الدينية الرسمية أن تدفع بقوة من خلال الوزارة الوصية على الدين في اتجاه إلجام كل متجاسر على شرع الله عز وجل عن طريق قوانين تمنع من لا صلة لهم بالدين من التحدث باسمه أو الدعوة إلى ما يخالف مبادئه، خصوصا ونحن في بلد يسوده القانون ، ولا مكان فيه للفوضى الفكرية باسم حرية التعبير . ولا بد من رأي واضح للمؤسسات الدينية الرسمية إن لم نقل لا بد من فتاوى صريحة وصارمة في أهل الأهواء على اختلاف مشاربهم ، و الذين يحاولون ركوب الدين لتمرير ضلالاتهم في مجتمع يدين بدين الإسلام رسميا وعبر دستور صوت عليه شعب لا وجود لإرادة فوق إرادته سوى إرادة الله عز وجل .
وسوم: العدد 764