الثورة السورية والثلاثيات الثلاثة

الثلاثيات الثلاثة المعنية في عنوان هذه المقالة هي : 

 1. العدوان الثلاثي البريطاني الفرنسي الإسرائيلي على مصر ، كرد على تأميم الرئيس جمال عبد 

 الناصر لقناة السويس عام 1956 .

 2. الضربة الثلاثية الأمريكية البريطانية الفرنسية لبعض مواقع نظام ( بشار الأسد ) كرد على استخدامه 

 السلاح الكيماوي المحرم دوليا في مدينة دوما في الغوطة الشرقية ( نيسان 2018 )

 3. التيارات الثلاثة المعارضة لنظام بشار الأسد في سورية والتي يقترح الكاتب دخولها في جبهة وطنية موحدة لقيادة الثورة ومواجهة النظام وحلفاؤه ، ألا وهي : التيار القومي ، التيار الإسلامي ، والتيار اليساري

أما الثلاثية الأولى والتي تتمثل في العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 عندما قام الرئيسي جمال عبد الناصر بتأميم قناة السويس ، فأبرز ما يخطر على البال فيها هو أن جمال عبد الناصر بتأميمه قناة السويس كان يلبي مطلبا شعبياً مصرياً عادلا ، اقتضى التكاتف والتعاون والتحالف بينه ( الرئيس ) وبين الشعب المصري أي بين القيادة والقاعدة ، وكانت نتيجة هذا التكاتف والتعاون بين الرئيس وشعبه طرد أقطاب مابات معروفا ب ( العدوان الثلاثي ) وتحرير قناة السويس وبالتالي مصر منهم .

 وبالمقارنة بين الرئيس المصري ( 1956 ) والرئيس الوريث بشار ( 2011 ) فإن هذا الأخير على العكس من عبد الناصر ، وبالرغم من عدالة القضية التي ثار من أجلها الشعب السوري ، الا وهي الحرية والكرامة ، أي تطبيقيا الديموقراطية ، فإنه قد استدعى دون خجل أو وجل ثلاثيا عدوا للشعب السوري ، ألا و هو الثلاثي الإيراني ، الروسي ، اللبناني ، وأتبعهم لاحقا بداعش ليستعين بهم على الشعب السوري الذي صار اسمه عند هذا الرئيس وحلفائه الثلاثة أو الأربعة المذكورين أعلاه والذين من بينهم حزب الله اللبناني الموضوع دوليا على قائمة الإرهاب ، أقول صار اسمه عندهم : (العصابات المسلحة) أو ( الإرهابيين !!) ،

أما الثلاثية الثانية ، فهي الضربة الأورو أمريكية ، لبعض مواقع نظام بشار الأسد ليلة الثالث عشر من آذار 2018 فقد كانت موجهة أساساً وكما بات معروفا للمواقع المتعلقة بالسلاح الكيماوي فقط ، وذلك مخافة أن يقع هذا السلاح مستقبلا - بنظر هذا الثلاثي الأورو أمريكي - ، على مايبدو، بيد جهات معادية لإسرائيل ، فيما لو ظلت الثورة السورية مصرة على رحيل بشار الأسد من سوريا ، مما يشكل - برأي أصحاب هذه الضربة - خطرا وجوديا علي هذه الدجاجة التي تبيض لهذا الثلاثي ذهبا اسود وأصفر وأخضر ، كما هي الحال في سورية اليوم .أما البراميل المتفجرة وطائرات الميغ والسوخوي ،التي كانت تدمر البنيات متعددة الطوابق فوق رؤوس ساكنيها وتقتل كل من وما فيها وتحولها الى أثر بعد عين ، أما الآلاف الذين كانت تبتلعهم أسماك البحر الآبيض المتوسط وهم يحاولون إنقاذ أطفالهم من براثن الموت المحقق على يد بشار وحلفائه ، أما ملايين القتلى والمعاقين والمهجرين من المدنيين الذين معظمهم من النساء والأطفال ، أما تدمير مدن تاريخية مثل حلب ، تدميرا كاملاً من قبل سوخوي بوتن وبراميل بشار و صواريخ قاسم سليماني وحسن نصر الله ، فلا علاقة لالمجلس الأمن ( !!) ولا لدول الضربة الثلاثية ، ولا للمجتمع الدولي ، ولا لأنطونيو غوتيريس بهم من قريب أو بعيد ( فوا عجبي!! ) .

و بوصولنا الى ثالثة الأثافي ( المعارضة السورية ) التي باتت في ظل فشلها في قيادة الثورة ،سماء ومياه وأرض سوريا مرتعا لكل من هب ودب من الدول والعصابات والمافيات والميليشيات والشبيحة ، ما كبر منها وما صغر ، وأخذ يقتصردور المعارضة بعد دخول الكيماوي والبراميل المتفجرة وولي الفقيه وحزب الله و موسكو على خط الثورة المضادة لثورات الربيع العربي عامة والثورة السورية خاصة ، نقول بعد دخول كل هذه القوى والأسلحة على خط الثورة المضادة ، بدأ يقتصر دور المعارضة السورية ( وهذا مع شديد الأسف ) ) على توثيق عدد القتلى والمعاقين والمهجرين والنازحين والمعتقلين والمخفيين قسرياً، وعدد البيوت والبنايات المدمرة وإعداد الخيم الملائمة للمهجرين إلى إدلب و الشمال السوري ، والمشاركة في كافة جنيفات ديمستورا الكاذبة ، ووكافة لقاءات ومؤتمرات بوتن الأكذب ، وذلك على أمل أن يستفيق الضمير العالمي تحت وطأة هذه الملايين من الشهداء والمعاقين والمشردين والمعتقلين يوماً ما ، وتحل محكمة لاهاي والقضاء الدولي العادل ، محل مجلس الأمن الدولي وقراراته الخلبية إن لم نقل الكاذبة ، والملجومة بالفيتو الروسي في كل الأحوال ، حتى في حال كونها صادقة . 

لقد انطلق الحراك الشعبي في محافظة درعا انطلاقة عفوية كانت أقرب الى الهبة الشعبية ( انتفاضة ) منها الى الثورة ، بل إن نظام عائلة الأسد الذي كان يعبد ( بتشديد الباء ) لها ( حافظ ) الطريق منذ عام 1963 ، هو من حوّل هذه الإنتفاضة الى ثورة شعبية ، بعد إصراره على استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين السلميين في درعا في 18.03.2011 ( ياحيف !!) ومن ثم في بقية مدن وقرى سورية التي أعلنت تأييدها لمحافظة درعا . إن إصرار بشار على الحل العسكري بدلا من السياسي في التعامل مع مطالب الشعب السوري العادلة والمشروعة ( باعترافه شخصياً )والتي تمثلت بمفردتي الحرية والكرامة ، أي تطبيقيا ب ( الديموقراطية ) ، هو المسؤول عن عسكرة الإنتفاضة وتحولها الى ثورة شعبية مكتملة الأركان بغض النظر عن مآلاتها الراهنة المؤسفة . 

إن خوف كل من الغرب والشرق معا - من وجهة نظرنا - من البديل غير الواضح وغير المعروف لنظام عائلة الأسد المسؤولة عن احتلال " إسرائيل " لهضبة الجولان عام 1967 ، وعن صمت نظامها الحاكم وجيشها العقائدي على هذا الاحتلال منذئذ وحتى يومنا هذا ،هو ما يجعل الغرب الثلاثي الغربي ( أوروبا ، روسيا، أمريكا ) يخشى على ضياع هذه الحالة المريحة التي تسود العلاقة الراهنة بين نظام عائلة الأسد والكيان الصهيوني ، ويحرص على ديمومتها وبالتالي فهو.( الغرب ) يقف ضد أي تغيير ديموقراطي في سوريا مخافة هذا البديل . 

 إن خشية الغرب من الديموقراطية في سورية ، إنما يعود إلى تلك الشعارات التفدمية والوطنية العفوية التي طبعت الهبة الشعبية والشبابية منذ أيامها الأولى ، ومن ثم دخول المساجد على خطها ( مظاهرات يوم الجمعة ) ، وتالياً دخول الشعارات الدينية والرايات المتعددة الشكل والمضمون والتسميات ، الأمر الذي سمح بالتدخل الثلاثي ( الروسي ، الإيراني ، اللبناني ) من جهة ، وبالصمت الأور - أمريكي عليه من جهة أخرى . وجعل من آرض ومياه وسماء سوريا مرتعا وساحة تدريب وتجريب لكل من هب ودب من مغارب الأرض ومشارقها

إن عودة الثورة السورية الى مسارها العفوي والشبابي الصحيح يقتضي برأينا ( وهو مجرد اقتراح ) ، أن يتم تشكل أو تشكيل قيادة ميدانية عسكرية ومدنية لها من التيارات السياسية الثلاثة التي تغطي الساحة السورية منذ الإستقلال ( 1946 ) وحتى اليوم ،الا وهي : التيار القومي ، والتيار الإسلامي ، والتيار اليساري ، وأيضاً تيار المناضلين المستقلين الشرفاء ، وأن يتحول المنشقون عن جيش النظام ( الجيش السوري ) من كافة هذه التيارات ، الى جيش وطني جديد بقيادة عسكرية موحدة وكيان عسكري موحد ، بينما يقوم المدنيون من الملتزمين بالثورة ، بدعم هذا الجيش الوطني بالطرق التي يتم التوافق عليها بين القيادتين العسكرية والمدنية . والله أعلم)

وسوم: العدد 769