إذا صحّ الزعم ، بأن قرار الشيعة في طهران ، وقرار السنّة في واشنطن ، فما تكون النتيجة !؟
(حين يكون المذهب الديني ، هويّة سياسية ، لجهة ما: دولة ، أو حزب ، أو قبيلة.. ويصرّ صاحب الهوية ، على فرض التعامل بها ، مع الآخرين .. فمن العبث ، تجاهل الأمر، ولابدّ، للأطراف الأخرى ، من التعامل معه ، بحسب هويّاتها المذهبية ! وإلاّ صار التعامل السياسي ، فوضوباً عبثياً ، واستغلّه صاحب المذهب /الهويّة/ ، في العبث بمجتمعات خصومه !) .
وبناء عليه ، لابدّ من متابعة الافتراض ، كما ورد في العنوان ، فنقول :
إذا صحّ الزعم الوارد أعلاه ، تكون النتائح المتوقّعة ، على الشكل التالي :
- يكون قرار الشيعة ، في العالم ، مركزياً ، موجّها من قبل دولة واحدة ، تتبنّى مذهباً واحداً، تسعى إلى فرضه ، على أتباع المذاهب الأخرى، مسخِّرة كل فرد شيعي، في العالم، يأتمر بأمرها ، سياسياً ومذهبياً .. في سبيل نصرة مشروعها الإمبراطوري التوسّعي ، في العالم الإسلامي ، كله ! كما توظّف المحامين المتطّوعين ، المجّانيين ، من أتباع المذاهب الأخرى ، السنّية وغيرها .. في الدفاع عنها ، وعن مذهبها ، ومشروعها .. باسم الدفاع عن وحدة الأمّة ، ووحدة أهل الملّة وأهل القبلة.. في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي ! وتكون الشعوب الإسلامية ، ضحيّة مشروعين ، يتنازعان عليها: إيراني : يوظّف ما يستطيع توظيفه ، من جهلَة الأمّة وأغبيائها ، ومتحمّسيها الحمقى ، وأصحاب النيّات الطيّبة الغافلين السذّج ، من المحسوبين عليها ، من أفراد عاديين ، وأدعياء ثقافة ، وأدعياء حكمة ، وأدعياء عبقرية سياسية ، وأدعياء حرص على وحدة الأمّة ..!
أمريكي : يوظّف ، انتهازيي الأمّة ، ومرتزقتها ، وأصحاب المصالح والمطامع فيها ، ومارقيها ، والمبهورين بحضارات غيرها ، والكارهين لها ، ولتاريخها ، وعقيدتها وقيمها وأخلاقها .. من أدعياء التنوّر والاستنارة ، والتحضّر والتمدّن ، والانفتاح والتقدم ، والعصرنة والحداثة ..!
- يكون قرار السنّة ، السياسي والعسكري والأمني ، والتربوي والثقافي .. موزّعاً ، بين مجموعة من حكّامها، والمؤسّسات التي يتحكّمون فيها! ولكل منهم مذهب ومشرب، ومنزع ومصلحة ، وخلق وطموح.. وتكون قرارات هؤلاء ، جميعاً ، خاضعة لسيّد ، خارج عن دائرة الأمّة كلها ، هو الإمبراطور الروماني ، القابع وراء المحيطات ، يوجّه من بعيد حيناً ، ومن قريب حيناً .. يأمر بحذف هذه المادّة من كتب العقيدة ، وتلك المادّة من كتب التاريخ ، وهذه الصفحة من كتب التربية ..! كما يوجّه القرار السياسي والعسكري والأمني ، لهذه الدول ، بما يناسب مصلحته ، ومصلحة حليفته الدولة الصهيونية ! ولا يستطيع حاكم ، من المحسوبين على أهل السنّة ، أن يتّخذ قراراً جاداً، في مواجهة الخطر الفارسي ، المذهبي ، المتمدّد في بلاده ، إلاّ بأمر من الإمبراطور، الذي ينظر في ملاءمة هذا القرار لمصلحته ، هو أولاً ، وفي خدمته للصراع ، بينه وبين دولة فارس ، التي قد يرى ، أنها تهدّد مصالحه في المنطقة ؛ وعليه التفاهم معها، حول الغنائم والأسلاب، التي يختلفان عليها، من دول المنطقة وشعوبها!
- ويكون، بالتالي ، مصير الأمّة الإسلامية، بأكثريّتها السنّية ، حكّاما ومحكومين.. في مهبّ الأعاصير، بين نار الفرس ، ورمضاء الروم ! فأيّ مستقبل باهر، ينتظر هذه الأمّة ، شعوباً وأوطاناً !؟ وأّيّ مصير ينتظر حكّامها ، الذين يتاجرون باسم السنّة ، في بازارات الدفاع عن كراسيهم .. ويخذلونها ، حين تحتاج دفاعاً عن عقيدتها ، وقيَمها ، وأخلاقها ، وأوطانها ..!؟
- ويبقى السؤال ، الذي يطرحه مئات الملايين ، من أهل السنة ، وينتظرون جوابه : أليس لأهل السنة ، بين دولهم كلها، دولة واحدة جديرة ، بأن تكون مركزاً، لقرارهم ؛ لينتقل إليها القرار، من أمريكا ؟ ويتفرّع ، عن هذا السؤال ، أسئلة أخرى ، مثل: أيّ الدول ، هي ؟ وهل تتقدّم ، هي ، لهذه المهمّة ، أم يجب أن تعرضها ، عليها ، جهات معيّنة، من خارجها !؟ وهل الريادة أو القيادة : تُطلب ، أو تُعرَض ، أو تُفرَض.. أم تتفاعل أهليّةُ الدولة ، مع الظروف والمعطيات الدوليّة ، لتُبرز قيادة جديدة !؟
ثمّ ، أخيراً : هل ثمّة دولة ، مؤهّلة لهذه المهمّة ، اليوم، ويُـقرّ لها الآخرون، بها !؟
لن أسمّي دولة ، بعينها ! لكني أزعم ، أن ثمّة دولة وحيدة ، مؤهّلة ، لهذه المهمّة ، قرارها في عاصمتها، لا في البيت الأبيض.. يعرفها المسلمون ، في العالم ، ويحبّونها، ويعلّقون آمالهم عليها .. ويعرفها الآخرون ، ويرهبونها ، و يخشون قيامها بهذه المهمّة، لأسباب كثيرة مشتركة بينهم .. ولأسباب خاصّة بكل منهم، بعضها يتعلق بالحاضر، وبعضها يحمل الكثير،من ذكريات الماضي!
هذا ، إذا لم يكن أحد حرّم ، على هذه الأمّة ، مافرضه الله عليها ، من وحدة الصفّ، تحت قيادة رجل من أبنائها ! فهل حرّم عليها أحد ، هذا، حقاً ؟ وإذا كان أحد فعل هذا، فهل هو من داخلها ، أم من خارجها .. أم تعاونت القوى الخارجية ، مع وكلائها في الداخل !؟
وسوم: العدد 774