قصة قصيدة اسمها سوف نبقى هنا
هي كليمات ولكنها راسخة مثل الجبال ، فهي تحرك ما بالوجدان ، وتُبكي عند سماعها العيون ، والقلوب ، ويئن لها الوجدان .
ولنا الحق بالسؤال كيف لمن كتبها ، وفكر بها ان تخرج بهذا الشكل ، ويكون الجواب هو الدين والايمان والعقل الذي تكون معيته مع الله تعالى .
فهي رومانسية شديدة اللهجة في القرن العشرين الأسطورية والقصة في سطور نقلتها لكم من احد المنشدين حينما قام بإنشادها .
فعندما ألقى القبض على الداعية البطل "كمال السنانيري" بتهمة "العمل لله" فيحكم عليه بالإعدام! ثم يخفف إلى المؤبد (25) سنة .
يتعب جسمه الضعيف لا روحه القوية بعد خمس سنوات من حبسه فينقل للمستشفى . فليلتقي هناك بأحد العمالقة العظام..."سيد قطب" وزادد معرفة به فطلب منه يد أخته "أمينة"
وكانت المفاجأة أن وافقت المرأة الشابة برضاها على الزواج من محكوم بالمؤبد! تنتظره ربما بعد "20" سنة!! يهتز الكاتب لهذه البطلة المؤمنة.
قويت بينهم العلاقة أثناء الزيارات،وكانت مؤازرة لحبيبها البطل! لكنه شعر بصعوبة الأمر عليها فخيرها قائلا:" "لقد طال الأمد وأنا مشفق عليكم من هذا العناء، ومثل ما قلت لك في بدء ارتباطنا قد أخرج غداً وقد أمضي العشرين سنة الباقية، وقد ينقضي الأجل وأنا هنا، فلك الآن مطلق الحرية في أن تتخذي ما ترينه صالحاً في أمر مستقبلك.. ولا أريد ولا أرتضي لنفسي أن أكون عقبة في طريق سعادتك، إنهم يفاوضوننا في تأييد الطاغية ثمناً للإفراج عنا، ولن ينالوا مني بإذن الله ما يريدون حتى ولو مزقوني إرباً. فلكِ الخيار من الآن، واكتبي لي ما يستقر رأيك عليه، والله يوفقك لما فيه الخير."!! أين أنتم يا شباب الأمة من هؤلاء الأفذاذ! تالله لو كانوا في الغرب لخجلوا من ذكر "وليم ولاس" "وروبن هود"!! ولصنعوا منهم أفلاما "هليودية"!! يأتي الرد كأنه وحي سماوي من تلك الفريدة القطبية:" "لقد اخترت يا أملاً أرتقبه طريق الجهاد والجنة، والثبات والتضحية، والإصرار على ما تعاهدنا عليه بعقيدة راسخة ويقين دون تردد أو ندم" يستحي التعليق من التعليق! تمر "17" سنة ويخرج البطل السنانيري من السجن عام 1973! ويلتقي حبيبته ويقضيان أروع السنوات! ويواصل علمه للدين بلا كلل وكأن سجنه محطة وقود أو استراحة محارب! فقيه فقه معنى"واعبد ربك حتى يأتيك اليقين" ويكون من رائدي الجهاد الأفغاني. ثم تعود يد الظلم للعدوان عام 1981 فيلقى القبض عليه للمرة الثانية...والأخيرة!! فيسقط تحت التعذيب على الأرض! ولكن ليترفع في السماء مسجلا اسمه في السجل الشريف مع أبطال "فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ"..سجل الشهداء بإذن الله.
فترثيه حبيبته الصابرة المحتسبة البطلة بتلك القصيدة الخالدة :
سوف نبقى هنا .. كي يزول الألم
سوف نحيا هنا ... سوف يحلو النغم
موطني موطني .. موطني ذا الإباء
موطني موطني ... موطني يا أنا
رغم كيد العدا .. رغم كل النقــم
سوف نسعى إلى .. أن تعم النعـم
سوف نرنو إلى .. رفع كل الهمــم
للمســير للعلي .. ومناجاة القمــم
فلنقــم كلـــنا ..... بالـــدواء والقـلم
كلنا عطفٌ على .. من يصارع السقم
ولنواصل المسيرة .. نحو غايات أهم
ونكونــوا حقا .. خير أمـة بين الأمــم
سوف نبقى هنا ... كي يزول الألم
سوف نحيا هنا ... سوف يحلو النغم
كم سهرنا من ليالي ... للصباح لا ننم
كم عراقيلِ كسرنا .. كم حفظنا من رزم
كم جسورا قد عبرنا .. كم ذرفنا من حمم
نبتغي صيد المعاني .. نبتغي رأس الهرم
نقضي ساعات طوالِ .. نستقي علم العجم
نستهين كل غالي .. كي نحقق الحلم
إن سأمنا لا نبالي .. بل نسير للأمام
إن قمة الجبال ... تستحق لا جرم
سوف نبقى هنا .. كي يزول الألم
سوف نبقى هنا ... سوف يحلو النغم
فضلكم يا والديا ... عمني حتى اللجم
كل همنا قد أصبنا .. زادكم بالطبع هم
إن كل ما جنينا .. من جهودكم نجم
والديا خير عوناً .. كان لي عند المحن
أنتِ يا من تملكين .. جنةً تحث القدم
كل قولٌ في لساني .. كل شكراً قدرهم
إجمعو كل المعاني .. من عراب او عجم
لا توافي شكركن .. لا تجاوز العدم
سوف نبقى هنا .. كي يزول الألم
سوف نحيا هنا .. سوف يحلو النغم
هذه فرحة الأهالي .. لا يساويها رقم
حين يشهدون حالي .. بالسرور ابتسم
إذ أقلد اللأي .. والشهادة استلم
فرحتي وصرختي .. تكاد تسمع الأصم
يا نجوم السماء .. يا عبائق النسم
يا سحائب الرجاء .. يا طيور الحرم
يا رعود الشتاء .. يا جميع الألم
اشهدوا هذا المساء .. إنني قلت القسم
سوف نبقى هنا .. كي يزول الألم
سوف نحيا هنا .. سوف يحلو النغم
وهنا خلد التاريخ هذه الكلمات الذهبية لتكون اعظم نشيد يحكي قصة من روائع القصص الحقيقية والتي عاشت احداثها بطلة وبطل مثابرين وثابتين على الحق وهذا ما عاهدوا الله علية فكانت النتيجة شهادة في سبيل الله والثبات على كلمة حق في وجهة سلطان غائر
وهنا لم يستطع قلمي كتابة نهاية لهذه القصة ولمنني سأتركها لكم مفتوحة كي تختتموها انتم كما تحبون .
وسوم: العدد 781