همسة على همسة
في أذن المرحوم الأستاذ الأديب إبراهيم عاصي
مصطفى العلي
رحمك الله أستاذ إبراهيم أتأذن لي وقد ذكرتني صورتك (التي عرضها أحد إخواننا على الفيسبوك) بروحك الساخرة ودعاباتك العفوية الناقدة في مجموعاتك القصصية أن أهمس في أذنك أنا الآخر كما همست أنت في أذن حواء يوما وصرخت في وجه آدم في مجموعتك (همسة في أذن حواء وصرخة في وجه آدم ) ؟.. أتذكر يا أستاذ ؟ ...
لن أحتاج إلى الصراخ في أذنك كما صرخت أنت في وجه آدم لأن روحك الشفافة يغنيها التلميح عن التصريح ثم إنكم في عالم الأرواح لاتحتملون ما نحتمله نحن من أصوات الزعيق والنعيق والنهيق والبعيق ..كيف لو سمعت أصوات البراميل والهاون والفراغي وراجمات الصواريخ مما لم يكن على زمانكم!!؟.. لقد تطورت الأسلحة عندنا كثيرا.. تصوّر ..! بناية كاملة بما شئت من الطوابق يمكن أن تصير في خبر كان* بكبسة زر من إيراني حيوان* أو مسترزق أو شيعي غير معروفة قرعة أبيه من أين* جاء فزعةً للحسين*..
فحيث أننا لم نستطع تحرير الجولان باشرنا بتحرير الأوطان من أهلها لا لشيء سوى لأن الأسلحة التي دفعنا ثمنها من عرقنا وعافية أطفالنا صدأت وكادت تنتهي صلاحيتها فقرر ولاة أمورنا – لا أدام الله ظلهم - استعمالها فينا (أحسن ماتروح على الفاضي)..
إذا رجعت الآن لن تجد لك مكانا آمنا.. أكيد ستكون مطلوبا بشدة- كونك من أصحاب السوابق ..تحكي كثيرا عن الحرية وما حرية وغيرها من هذه الكلمات الإمبريالية ..أنصحك بالذهاب إلى السويد إذاكنت مصرا على الحديث في هذه الأمور الفانتازية وكان لديك جواز سفر .. هناك تستطيع أن تقول ما تريد وتكتب ما تريد ..معظم الناس تذهب إلى تركيا والأردن ولبنان لقد أصبح كل واحد تحت غيمة وفي مكان.
أعرف أنك قضيت في مجزرة تدمر ,رحمة الله عليك, أتدري يا أستاذي كم وفرت على نفسك!؟ من "الحمامات" "والحلاقات" "والتنفسات" ومما لا أراك الله شيئا تكرهه !؟ أقول لك هنيئا من كل قلبي لقد فزت بها ورب الكعبة!.... مبروكة عليك تلك المجزرة وبالعامية (نيالك) أتدري لو أنك بقيت إلى الآن لكنت ... آه لا تتصور كم كنت ستتحمل من العذاب أكيد عندكم في عالم الأرواح تعرفون كل شيء ثم إنكم كنتم قريبين منّا كثيرا هناك في (وادي عويضة) عندما كنا في سجن تدمر.. أمَا كانت تأتيكم أخبار دفعات الإعدام ... قوافل الشهداء الدورية !؟ شهريةأحيانا وأحيانا أسبوعية . حسب ما تقتضيه المصلحة القومية... أحيانا كنا نودع في الأسبوع أكثر من دفعتين من خيرة شباب الوطن من أنفقت أمتهم لأجلهم عقودا من السهر والكدر والإنتظار والدموع أطفئوا بكل بساطة كما تطفأ الشموع في منتهى الغفلة من هذه الأمة حتى استحقت كل هذا البلاء ونزلت بها كل هذه الملمّة كانوا يصفقون للطاغية ويقيمون له الأفراح كالبلهاء في كل زاوية وهو يمتهن كرامتهم ويدوسهم وينهبهم ويقتل أبنائهم في كل ثانية...
هل تتذكرالإثنان اللذان سيدخلان الجنة بغير حساب ولا عذاب (الشعب والمصلحة العامة ) في مجموعتك (همسة)؟ لِما كانا يظلمان بتحميلهما ما لايطيقان من الأوزار وكذب الكاذبين وتجارة التجار (باسم الشعب يحكم فلان ... باسم المصلحة العامة تصادر أموال فلان)..لقد زادا الآن واحدا وصاروا ثلاثة لقد أنضمت إليهم ثالثة الأثافي (الثورة) . باسم الثورة يا أستاذي تفعل الموبقات ... يكذب الكاذب ويسرق السارق ويقتل القاتل يكبّر الصغير حتى يصير كجبل جسر الشغور مدينتك الجميلة ويصغّر الكبير حتى لايكاد يساوي شيئا مذكورا , يخوّن الأمين ويؤمن الخائن ويفعل مالا تعلمون مما تطور عندنا من فن السياسة والضحك على اللحى , على بعضنا طبعا, أمّا على أعداءنا – الناس المحترمين الكبار فنحن معهم في منتهى الوقار وشفافون أكثر من الغشاء الذي يفصل وريقات البصل..
أمّا آدم الذي صرخت في أذنه لتحمّله المسؤولية وقتها أنصحك ! لا تعذب نفسك وتصرخ لأنك لن تستفيد شيئا فهو لن يسمعك ولو بلغ صوتك عنان السماء فلقد خرقت أصوات الإنفجارات أغشية طبلتيه وصار وصرنا جميعا في بلاد الطرشان لا حدا سمعان ولا حدا على حدا فهمان.
(ولهان) ذلك الشاب (على البركة)المصاب بفصام الشخصية الذي يقفز في الهواء في مجموعتك (ولهان والمتفرسون) فيعرف من ارتفاع ثوبه الذي لا شيء تحته أنه (ذكر) ويوزع كلمات قلة الحياء ...... .. لقد خلع ثيابه الآن بالكامل .. ولكن ما حدا (فاضي) ينظر لحدا لأننا صرنا مثل يوم القيامة (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه).
أما المتفرسون الذين يجلسون كل مساء ويتسلّون باستعراض أخبار فحولاتهم تطورت شغلتهم الآن كثيرا وأصبح عندهم قنوات فضائية يبثون من خلالها مواهبهم الفنية ومغامراتهم الوهمية إلى سائر أصقاع الكرة الأرضية.
هل تذكر الحادثة التي حدثت في مجموعتك (حادثة في شارع الحرية) !!؟؟ يوم اعتقل ذلك الشاب من بيته أمام أهله وذويه بكل همجية ..!؟ ... لقد هدم الشارع بالكامل ولم يبق للحرية لا شارع ولا ما يحزنون ... بل أصبحت الشوارع المجاوره كلها على الأرض.
نداؤك الذي كنت توجهه (للأزواج فقط) في رأيي لم يعد له لزوم.. لا تعذّب حالك يا أستاذ! ..... لم يعد لهم من الأمر شيء فقد انتقل حق الفيتو من مجلس الأمن إلى بيوتنا وأصبح بأيدي النسوان وما حدا أحسن من حدا.
رحمك الله أستاذ ابراهيم .. كم نحن بحاجة إلى أمثالك ممن يكيلون الأمور بمكيالها الصحيح ويقولون للغلط غلط بعينه.بالرغم من أنه عندنا مكيال ومثقال و(كيلو) يزين لنا السياسة بدل الخيار والبندورة..وعندنا أيضا مناع وأشكال أنواع....
لم تخالف قناعاتك حتى في أمر مصيري ولو أودى ذلك بحياتك حيث أنك لم توافق على الهرب مع من هرب من سجن كفرسوسة بمساعدة أحد العناصر في الفرع لأنك لا تحتمل الخروج عن سوء الظن بعدوك فالخطأ عندك خطأ ولو أنجاك والصواب صواب ولو أرداك ... لقد أصبحت ثقتنا بأعداءنا أكثر من ثقتنا بأنفسنا نلحقهم على عماها ولا ندري أين سيصلون بنا لقد وضعنا كل ثقتنا بأوباما ليعيد لنا ما افتقدنا من كرامة فإذا به لا ذمة ولا نخوة ولا شهامة وجرى الماء من تحتنا دون أن ندري والبلل الذي يرشح من سروال قضيتنا أكبر علامة. راح الشتاء وجاء الصيف ونحن ذاهبون إلى جنيف وراجعون من جنيف وبين الغوطة ووادي الضيف أسف وحسرة ومائة يا حيف.. كل يغني على ليلاه والوطن يتأمل في بلواه جسد بألف رأس لا يدري أين سيسير وفي أي اتجاه !؟؟... مرة أخرى مبروك لقد وفرت على حالك الكثير بعدم الهروب مع زملائك والسير بقدميك إلى المجزرة.
أنصحك من كل قلبي لا تفكر بالعودة سوف لن تجد لك مكانا لقد وسد الأمر إلى غير أهله وضاعت الطاسة ....... لو كان السامسونغ والآيفون يصلون إلى عندكم كنا تواصلنا بكم عبر الووتس أب أو الفيسبوك هذه كلها لم تكن على زمانكم .. أنا الآن مثلا أوجّه لك هذه الرسالة عن طريق الفيسبوك.. أتوقع أن كل ما يجري عندنا يصلكم أولا بأول أما أخباركم فلا يصلنا منها شيء إلا عبر الووتس أحلام ....... أعتذر منك استاذ إبراهيم .. قد لا يعنيك كلامي أبدا وقد تركت الشقا على من بقى وأنت متكئ على أريكة في جنة لافيها نصب وما هم منها بمخرجين...سلام أستاذ ..... صوت انفجار قريب!